العلم الإسرائيلي قبالة مستوطنة في الضفة الغربية.(أرشيف)
العلم الإسرائيلي قبالة مستوطنة في الضفة الغربية.(أرشيف)
الإثنين 7 مايو 2018 / 20:46

لسنا وحدنا.. العالم أيضا يكره إسرائيل

لعل من زار عواصم أوروبية كبيرة يدرك أن الحال في المجتمعات الغربية لا يختلف عن المجتمعات العربية في نظرتها لما تمثله إسرائيل من شر ومخالفة لنواميس الحياة، وذلك رغم مواقف الحكومات الغربية الداعمة للكيان الاحتلالي

يتراءى لنا أحياناً أن العالم يدير ظهره لنا ويذهب في اتجاه الاصطفاف مع الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين ويتقرب من دولة الاحتلال التي تمثل آخر نموذج احتلالي عنصري بشع على وجه الكوكب.

واقع الأمر ليس كذلك، فالعالم كله يكره إسرائيل، باستثناء الإدارة الأمريكية الحاضنة للمشروع التوراتي والحكومة البريطانية الملتزمة حتى الآن بإعلان بلفور المشؤوم وبعض أصدقاء واشنطن ولندن والمرتبطين بهما في حكومات قليلة متناثرة وقليلة الأهمية في العالم.

العالم يكره إسرائيل ويرفض تمكينها من تسويق الاحتلال كحالة حضارية، وينبذ خطابها العنصري القائم على مظلومية دينية وتاريخية كاذبة. ولذلك فإن معظم دول العالم تنحاز في اللحظة الحاسمة إلى الحق الفلسطيني، رغم الضغوط والتهديدات والإغراءات التي تقدمها الإدارات الأمريكية.

حدث ذلك كثيراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان أخر فرز حقيقي للمواقف في تصويت الأغلبية الدولية الساحقة ضد القرار الأمريكي المجنون بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الاحتلالي، وحدث ذلك كثيراً في مجلس الأمن أيضاً، ولولا الفيتو الأمريكي لكانت دولة الاحتلال محاصرة بالقرارات الدولية التي تدين جرائمها ولكانت أيضاً تواجه عقوبات دولية كبيرة.

ورغم سطوة الولايات المتحدة ونفوذها في العالم وفي المنظمة الأممية فشلت إسرائيل مؤخراً في الحصول على مقعد مؤقت في مجلس الأمن الدولي، وسحبت ترشيحها لهذا المقعد بعد أن تيقنت أن العالم لا يطيق وجودها في هذا المجلس.

وعلى أهميتها فإن مواقف الحكومات لا تعني الكثير، وتظل الشعوب هي التي تعبر عن رفضها للكيان الاحتلالي ولكل ما يمثله من تجاوز واعتداء على حقوق الانسان، ولعل هذا الموقف الشعبي هو الذي يدفع حكومات كثيرة في العالم إلى اتخاذ مواقف سياسية مناوئة لإسرائيل ومخالفة لتوجه الولايات المتحدة التي توفر الغطاء والحماية لآخر الكيانات الاحتلالية المبندقة في العالم وتدافع عن كل الجرائم الإسرائيلية بمقولة مجترة ومملة تؤكد على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، بينما ترفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وتعتبر دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم إرهابا ينبغي التصدي له.

تعرف إسرائيل هذا الواقع أكثر من غيرها، ويعبر قادتها عن إحباطهم من فشل التطبيع مع العرب رغم اتفاقات السلام الموقعة مع الحكومات، وقد مضت عقود طويلة على توقيع اتفاقية كمب ديفيد بين مصر وإسرائيل، ورغم ذلك فإن الشارع المصري لا يكتفي برفض التطبيع بل ينظر بازدراء واحتقار لكل من يجرؤ على التطبيع مع الكيان الغاصب، وكذلك الأمر في الأردن الذي وقع اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل، وقد اعتبر الأردنيون هذه الاتفاقية ضرورة سياسية ملزمة للحكومة فقط، واحتفظوا بكراهيتهم للكيان الاحتلالي البغيض، وكانوا ولا زالوا يقاطعون إسرائيل ومن يجرؤ على التطبيع معها.

ولعل من زار عواصم أوروبية كبيرة يدرك أن الحال في المجتمعات الغربية لا يختلف عن المجتمعات العربية في نظرتها لما تمثله إسرائيل من شر ومخالفة لنواميس الحياة، وذلك رغم مواقف الحكومات الغربية الداعمة للكيان الاحتلالي.

نعود إلى ادعاء المظلومية الكاذبة، ولجوء إسرائيل وحماتها إلى اتهام أعداء الاحتلال بمعاداة السامية، لنسأل هؤلاء عن رأيهم في تطاول وزير الجيش الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان على النبي موسى وتخطيئه للنبي الذي لم يأخذ اليهود إلى حدود إيطاليا وسويسرا بدلاً من فلسطين!

لم يقفز أحد إلى اتهام ليبرمان بالتطاول على النبي، ولم يصدر عن الشيوخ والأئمة ما يدين هذا التطاول والمساس بالنبي، بينما يسارعون دائماً إلى تذكيرنا بضرورة الجنوح للسلام!

لسنا وحدنا من يكره إسرائيل، ولعل التعبير عن هذه الكراهية سيتجاوز الأغنيات في مرحلة الحسم.