القيادي في الإخوان خيرت الشاطر يرفع إشارت رابعة من خلف القضبان.(أرشيف)
القيادي في الإخوان خيرت الشاطر يرفع إشارت رابعة من خلف القضبان.(أرشيف)
الجمعة 11 مايو 2018 / 14:28

من الأخطبوط إلى نجم البحر.. كيف يتلوّن الإخوان؟

أجرى مشروع كلاريون لمكافحة التطرف مقابلة مع الباحث المصري البارز في حركات الإسلام السياسي ماهر فرغلي الذي سلّط الضوء على نشأة تنظيم الإخوان الإرهابي وآلية عمله وأهدافه المستقبلية وعلاقته بمجموعات إرهابية أخرى مثل داعش والقاعدة وغيرهما.

هنالك خطر جدّي على الولايات المتحدة من قبل الإخوان حين يصبح هؤلاء قنابل موقوتة ويشنون هجمات إرهابية أو ينضمون إلى منظمات مثل داعش والقاعدة

وشدّد على أنّ لدى المنظمات الإسلامية قناعة بأنّ "الإسلام الحقيقي" لم يعد موجوداً وأنّه يجب إرجاع الإسلام إلى حكم العالم، وهذا ما يعتقده الإخوان أيضاً. لقد أعاد حسن البنّا صياغة هذه النظرية حين أسس الإخوان المسلمين، وانطلق في الوصول إلى فكرته من ضرورة تحويل جزء من المجتمع إلى تنظيم قبل أن يتداخل الأخير مع المجتمع ويسيطر عليه. عندها ينجح الإخوان في التحول إلى النظام الحاكم، قبل أن يتوسع ليحكم العالم.

كانت تلك رسالة البنا حين تحدث عن السيطرة على العالم. لا يريد الإخوان أن يكونوا جزءاً من المجتمع، هم يريدون قيادة المجتمع. لهذا السبب، يرى الإخوان التنظيم أهم من المجتمع نفسه. إذا كان هنالك صدام بين التنظيم والسلطات، سيفعلون كل ما بوسعهم لحماية التنظيم. إنّ الإخوان في مصر هم من أسسوا التنظيم الدولي. لقد أسس البنّا نفسه قسماً مهمته صياغة علاقات دولية. بعدها، تطور التنظيم دولياً. حدث التطور الحقيقي في التنظيم الدولي أيام مصطفى مشهور الذي بدأ نشاطه في ميونخ ومن هناك توسّعت المنظمة عالمياً. إنّ الإخوان في مصر ليسوا فقط جزءاً من التنظيم الدولي، بل هم قادته الحقيقيون والجزء الأهم من التنظيم الدولي.

تغيروا في السنوات السبع الأخيرة
كان هنالك خلافات حول من يدير التنظيم الدولي، أكان إخوان الأردن أو الكويت مثلاً، لكن في نهاية المطاف، إنّ إخوان مصر هم من يديرون التنظيم الدولي. لقد كانت هذه المنظمة في البداية كأخطبوط مع عديد من الأذرع – طلاب، جمعيات إسلامية، منظمات خيرية إلخ. لكنّ الخلل في هذه المقاربة بالنسبة إليهم كان في إمكانية توقف أعمال هذه الذراع بمجرد أن يتم قطعها. الآن، تغيّروا. خلال السنوات السبع الأخيرة تحوّلوا ليكونوا مثل سمكة نجم البحر. من خلال هذه الاستراتيجية، حين يُقطع أحد مجسّاتها، يتمّ امتصاصه في بقية أعضائها. وهذا يعني أساساً أنّه عصيّ على التدمير.

تغلغلوا في قطر
يتابع فرغلي الإجابة على أسئلة مشروع كلاريون فيشير إلى أنّ الإخوان تحولوا إلى أيديولوجيا عامة تعمل داخل المجتمع. لقد بدأوا تطبيق هذه الاستراتيجية في قطر. حين فككت الدوحة الإخوان سنة 1995، أصبحوا عقيدة تغلغلت في المجتمع. لم يتمتعوا بتنظيم واضح أو بقائد داخل الدوحة أو قطر. لقد برهنت هذه الاستراتيجية عن نجاحها وتم تطبيقها في أوروبا. على سبيل المثال، ستجدون أنّ اتحاد المنظمات الإسلامية في باريس يعلن أنّه ينسحب من تنظيم الإخوان أو أنّ حركة حماس تعلن أنّها لم تعد تنتمي للإخوان. لكن في الواقع، ينتمي هؤلاء جميعهم إلى الإخوان لأنهم يتشاركون في عقيدتهم. اليوم، ليس من الضروري أن يكون ناشرو عقيدة الإخوان داخل مجتمع ما من التنظيم نفسه. فشبكة هذا التنظيم تتضمن عدداً من منظمات واتحادات ليست بالضرورة جزءاً من الإخوان، لكنها مترابطة بعضها ببعض من خلال العقيدة نفسها.

طارق رمضان مثلاً، حفيد مؤسس الإخوان، هو "مستقل" ويقول دائماً إنّه ليس جزءاً من الإخوان. لكنّه كذلك في الواقع بسبب عقيدته. يقول يوسف القرضاوي أيضاً إنّه مستقل عنهم لكنّه أيضاً جزء منهم للسبب نفسه. وهنالك الأشخاص المنفصلون عن الإخوان لكنّهم يعملون لخدمته. لقد اخترع تنظيم إخوان مصر هذا الأسلوب من أجل التمكن من السيطرة على قطاع معين في المجتمع الدولي والتوسع انطلاقاً من تلك المرحلة.

علاقاتهم بداعش والقاعدة مؤكدة
رداً على سؤال حول ما إذا كان هنالك من علاقات بين الإخوان وداعش والنصرة، يرى الباحث أنّ تلك الصلات موجودة بلا شك. بداية، تنتمي هذه التنظيمات إلى الأيديولوجيا نفسها وهي أنّه على "الإسلام الحقيقي" أن يحكم العالم. تعتقد هذه التنظيمات أنّ المجتمع جاهل وأن الحكومات لا تحكم وفقا للشريعة لذلك، تحتاج إلى تغيير المجتمع. إنّ أيديولوجيا حسن البنا التي ظهرت في كتابات سيد قطب يتم استخدامها من قبل المجموعات المتطرفة والسلفية التي ظهرت لاحقاً. إنّ نمط تفكير القاعدة وداعش والإخوان هو نفسه عملياً. بين هذه الأطراف الثلاثة لا خلافات أيديولوجية كثيرة. يحاول الإخوان إخفاء هذا، حين يتحدثون مثلاً أمام مجلس العموم البريطاني، لكن هذه كذبة. يعتقد الإخوان أنّه وفقاً للإسلام يُسمح لهم بالكذب. يبنون نظرتهم هذه على الأحاديث. في أوقات الحرب، يُسمح لهم بالكذب وهم في حرب مع العالم. ويضيف فرغلي أنّهم يكذبون وهذا واقع معروف جداً. يعتقد الإخوان أنّ العالم يجب أن يتغير، وهذا ما يعتقده أيضاً داعش والقاعدة. الفرق الوحيد هو في الأسلوب.

مراوغة على أربع جبهات
يعمل الإخوان عن طريق المراوغة على أربع جبهات: التغلغل الاقتصادي، البروباغندا الإعلامية، البروباغندا الدينية والجبهة العسكرية. المجموعات الأخرى مثل القاعدة وداعش لا تعمل على جبهات متعددة كهذه. من الواضح أنّ هذه التنظيمات تختار استخدام الخيار العسكري لمحاولة تغيير العالم. تستخدم هذه المنظمات أيضاً جبهات أخرى لكنها اتفقت جميعها على استخدام القوة. لهذا السبب، يسهل على أعضاء تنظيم الإخوان أن ينضمّوا إلى هذه التنظيمات العنيفة. كان بن لادن مثلاً إخوانياً وكذلك الظواهري. منظّر القاعدة سيد إمام الشريف بدأ إخوانياً أيضاً والأمر نفسه ينطبق على القيادي في القاعدة أبي عبيدة البنشيري. وهنالك تسجيل للقرضاوي يقول إنّ البغدادي "اعتاد أن يكون معنا في الإخوان المسلمين". عبدالله عزام، عضو مؤسس في القاعدة كان أيضاً إخوانياً.

كيف يخدم داعش أهدافهم؟
يعتقد الإخوان أنّ تنظيمات كداعش والقاعدة تخدم أهدافها. وحين تضعف، يحاول الإخوان التسلل إليها والسيطرة عليها. لكنّ الإخوان يحاولون أن يقدموا أنفسهم للعالم على أنهم أكثر عقلانية وأقل تطرفاً من داعش والقاعدة. هذا بالضبط ما فعلوه في آخر اجتماع لاتحاد مسلمي سويسرا. في ذلك اللقاء، قال عماد البناني، القوة الأساسية وراء الإخوان في أوروبا، إنّ الإخوان لا يمكن أن يكونوا على صلة بداعش أو بالقاعدة ولا يمكن أن يكونوا قوتهما الدافعة. هذا ما حصل أيضاً في مصر مع حركتي حسم ولواء الثورة المدرجتين على لائحة التنظيمات الإرهابية في بريطانيا. لقد نظرتا إلى نفسيهما على أنّهما استمرار للإخوان. رفضتا الديموقراطية وحملتا السلاح وأنشأتا لجاناً مختلفة وتورطتا في نشاطات مسلحة. أساس ذلك كان كتاب الإخوان. تعمل هذه التنظيمات وغيرها بطريقة شبيهة جداً بداعش وتنسق عملياتها الإرهابية بما فيها محاولة اغتيال مسؤول أمني بارز في محافظة الاسكندرية.

تأثيرهم السلبي على المسلمين
يحاول إخوان العالم الغربي والولايات المتحدة أن يفصلوا المسلمين كي يعيشوا في مجتمعات صغيرة منغلقة على نفسها. إنهم يحاولون فصل المسلمين عن سائر المجتمع في أوروبا وكندا وأمريكا وأستراليا. هذا خطير. كان من الأفضل للمسلمين في هذه الدول أن يندمجوا في المجتمع كمواطنين متساوين في الحقوق. لقد أدى ذلك إلى نوع من الشيزوفرينيا وإلى ظاهرة الذئاب المنفردة التي تشن هجمات إرهابية في هذه الدول. ويستغل الإخوان المجتمعات المسلمة لتمويل ودعم إخوان الشرق الأوسط. لا شكّ في أنّ هنالك خطراً جدّياً على الولايات المتحدة من قبل الإخوان حين يصبح هؤلاء قنابل موقوتة ويشنون هجمات إرهابية أو ينضمون إلى منظمات مثل داعش والقاعدة.

يشدد فرغلي على وجوب تقليص الإدارة الأمريكية نشاطاتهم ومراقبتها. يجب محاربتهم أيديولوجياً كما هنالك حاجة لنشر أفكار مناقضة لنشاطاتهم في الولايات المتحدة. لا يمكن أن تتحقق هذه الأمور إلاّ بتعيين الإخوان كمنظمة إرهابية ارتكبت أعمال عنف وإرهاب لا في الغرب وحسب بل في الشرق الأوسط أيضاً. "نحتاج فقط للنظر إلى تاريخهم الدموي المليء بالهجمات الإرهابية القبيحة".