الثلاثاء 15 مايو 2018 / 09:05

ياسر أيوب يكتب: محمد صلاح أميراً للانتقام

سيحتاج أى أحد لكثير من الوقت والجهد والمراجعة لحصر عدد الجوائز التى فاز بها محمد صلاح حتى الآن، وتلك التى سيفوز بها مستقبلاً.. ويحتاج الأمر لوقت أطول وجهد أكبر للبحث عن جوائز صلاح غير المباشرة، والتى قد يختلف عددها وشكلها وقيمتها ومعناها من شخص لآخر.. وأصبح فوز صلاح بجائزة هداف الدورى الإنجليزى وإضافتها لجائزته الأخرى كأحسن لاعب فى نفس الدورى لنفس الموسم.

يعنى بالنسبة لى ما هو أكبر من مجرد جائزة.. فأن يفوز لاعب مصرى بتلك الجوائز فى الدورى الإنجليزى تحديدا.. وأن يقف الإنجليز فى المدرجات للتصفيق حبا واحتراما وإعجابا واعتزازا بلاعب كرة مصرى.

فهذا يعنى رد الاعتبار لمحمد أفندى ناشد الذى سخر منه الإنجليز وهو يطلب منهم اللعب أمام المصريين فى أول مباراة كرة قدم حقيقية فى تاريخ مصر عام 1895.. ويعنى أيضاً رد الاعتبار لإبراهيم أفندى علام الذى حين اقترح عام 1917 تنظيم أول بطولة حقيقية لكرة القدم فى مصر واستاء الضباط الإنجليز من فكرة أن تشارك فرقهم فى بطولة واحدة مع المصريين الذين لا يجيدون لعب الكرة.. ويعنى أيضاً رد الاعتبار لمحمد بك مدكور، رئيس البعثة الكروية المصرية المشاركة فى دورة لندن الأوليمبية عام 1948.. الذى حين أرسل لأكثر من فريق فى لندن للعب مباراة ودية مع منتخب مصر، استعداداً للمشاركة فى تلك الدورة، جاء الرد بالموافقة بشرط أن يلعب المصريون البدائيون وهم يستخدمون الأحذية لأن الإنجليز لا يحبون لعب الكرة مع الحفاة.. وحكايات أخرى كثيرة جدا يحفل بها تاريخنا الكروى الطويل استعدتها كلها لحظة تسليم محمد صلاح جائزته كأحسن لاعب وهداف ونجم الكرة الإنجليزية.. فلم يكن محمد صلاح وحده فى فى تلك اللحظة..

إنما كان معه أيضاً كل شاب فى مصر حاول اللعب مع الإنجليز وتم طرده لأن المصريين لا يصلحون للعب كرة القدم فأمسكه صلاح من يده ليسمع ويفرح بتصفيق وهتافات الإنجليز أنفسهم.. وكان معه كل من لم يستطع اللعب لأنه لا يملك الحذاء المناسب فأهداه صلاح حذاء من الذهب.. وكان معه كل لاعب أو مسؤول أو مشجع مصرى سخر منه الإنجليز وتهكموا عليه فانتصر لهم محمد صلاح حين تصدرت صورته كل الصحف الإنجليزية وهو فى ملعب الأنفيلد بمدينة ليفربول وفوق كتفيه علم مصر.. ولم يكن كل هذا هو ما حققه محمد صلاح، أمس الأول، وطيلة هذا الموسم.. إنما كانت هناك أيضاً زوجة محمد صلاح التى سخر منها بعض الحمقى هنا وبعض المرضى نفسياً واجتماعياً، لكنها هناك فى إنجلترا كانت الزوجة المصرية التى كانت وستبقى لزوجها السند الحقيقى والحب والفرحة والأمان والنجاح أيضاً.. وكانت هناك الطفلة الجميلة "مكة" التى سمح لها الإنجليز بكسر كل قواعد البروتوكول والعراقة الكروية والجرى بالكرة على أرض الملعب احتراماً لموهبة ونجاح والدها القادم من مصر.. وأخيراً كان هناك زيف الزعم بأنهم هناك يحاربوننا مع أنهم يحترمون نجاحاتنا ربما أكثر مما نحترمها نحن هنا فى مصر.

نقلاً عن المصري اليوم