من احتجاجات غزة.(أرشييف)
من احتجاجات غزة.(أرشييف)
الخميس 24 مايو 2018 / 21:51

صيف سياسي لاهب

ما يجعل هذا الصيف لاهباً هو ارتهان كل الأطراف لما يمكن أن تفعله إسرائيل، التي من جانبها تطرح من أجل إنهاء دورها في مأساة غزة مطالب لا استعداد لحماس للقبول بها

كانت المقدمات راشحة بالدم، ستون قتيلاً وعدد لم يعرف بعد من الجرحى في أربع وعشرين ساعة، وحركة حماس التي قادت الأحداث الأخيرة وأعلنت عن خسارتها لعدد مهول من عناصرها وكوادرها، تفتش الآن عن مخرج.

فيما مضى كان لها ثلاثة مسارب، التركي والقطري والمصري، بعد إغلاق المسرب التركي بقي المصري والقطري، والمسربان يلتقيان في تل أبيب، ويبدو جلياً أن المساومات تنشط باتجاه منح حماس ثمناً لقاء ما ينبغي أن تتوقف عنه، وهو المسيرات المحرجة لكل الأطراف المشاركة في لعبة غزة، فهي محرجة للمصريين إذ تعطل الأحداث الساخنة جهودهم لاحتواء الوضع في غزة باتجاه المصالحة والتهدئة وقطع الصلات مع الإرهاب في سيناء، ومحرجة لقطر الدولة الراعية لحماس والتي يكاد دعمها لا يرى أمام هول ما يجري في غزة والتدهور المتسارع للحياة فيها، ومحرجة لإسرائيل وأمريكا اللتين وجدتا نفسيهما وهما في ذروة شهر عسل بهيج، يحتفلون بينما الدم والخطر ينتشران على حدود إسرائيل في مكان آخر، ومحرجة كذلك للسلطة في رام الله التي كلما ازدادت جبهة غزة سخونة وسال فيها دم كثير يتصاعد الضغط الداخلي والخارجي لوقف الإجراءات العقابية وفوق ذلك تقديم دعم إضافي لجزء من الوطن يواجه كارثة متعددة الوجوه والأبعاد.

ما يجعل هذا الصيف لاهباً هو ارتهان كل الأطراف لما يمكن أن تفعله إسرائيل، التي من جانبها تطرح من أجل إنهاء دورها في مأساة غزة مطالب لا استعداد لحماس للقبول بها، والمعادلة شديدة الوضوح ... نزع السلاح مقابل وقف نزع الأرواح.

الأطراف التي تتدخل بين حماس وإسرائيل تفتش عن صيغ لا يموت فيها الراعي ولا تفنى الغنم، وإسرائيل من جانبها تريد الراعي والغنم دفعة واحدة، تشجعها على ذلك مؤشرات فهمتها على أنها بداية تراجع قد يفضي إلى الاستسلام.

هكذا فهمت فيما يبدو مبادرة حماس باقتراح تهدئة طويلة الأمد، وتهدئة طويلة الأمد هي التعبير البديل عن وقف دائم لإطلاق النار، تفصله خطوة قصيرة عن تحييد السلاح الذي هو بيت القصيد.

والسؤال الذي لم تجد كل الأطراف إجابة شافية له هو إلى أي مدىً ستتساهل إسرائيل في أمر سلاح حماس، وإلى أي مدى تمضي حماس في عملية تحييد السلاح، عدم وجود إجابة قاطعة عن هذا السؤال يرجح استمرار الصيف اللاهب هذا العام وربما في الأعوام التي تليه.