الدكتور معجب الزهراني (أرشيف)
الدكتور معجب الزهراني (أرشيف)
الأربعاء 4 يوليو 2018 / 01:51

د.معجب الزهراني لـ 24: قريباً ستتكون لدينا في السعودية ثقافة سينمائية وطنية وعالمية

24 - باريس إعداد: عبدالناصر نهار

د.معجب الزهراني، أكاديمي وناقد وروائي سعودي معروف، مُثقف فرانكفوني حصل من جامعة السوربون في باريس على شهادة الدرجة العليا في اللغة الفرنسية، ودبلوم الدراسات المُعمّقة في الأدب العربي الحديث، وشهادة الدكتوراه في الأدب العام والمقارن عن أطروحة بعنوان "صورة الغرب في الرواية العربية الحديثة".

كرسي معهد العالم العربي يُخصّص فعالياته كافة في 2019 للمرأة العربية والفرنسية

ثلاثون ألفاً تعلموا اللغة العربية في فرنسا من خلال مركز اللغة والحضارة في المعهد

وقد باشر مهامه منذ حوالي العام ونصف كمدير لمعهد العالم العربي في باريس، حيث تتم إدارة المعهد الذي تأسس في عام 1980 ليكون جسراً ثقافياً بين فرنسا والعالم العربي، مناصفة بين الدولة الفرنسية والدول العربية، وذلك من خلال رئيس فرنسي يرشحه رئيس الجمهورية الفرنسية، وهو حاليا جاك لانغ وزير الثقافة الفرنسي الأسبق، ومدير عربي يُعيّن من قبل مجلس السفراء العرب في باريس، والذي اختار د.مُعجب الزهراني لهذا المنصب في يونيو (حزيران) 2016، ليُباشر مهامه بعدها بأشهر قليلة.

عن النشاط الأدبي والحراك الثقافي والعلمي الذي لا يتوقف في معهد العالم العربي الذي يحتل المرتبة الخامسة ضمن أشهر معالم باريس من حيث عدد الزوار، ، كان لـ 24 هذا الحوار معه.

بداية وحول المشروع الثقافي الرائد "كرسي معهد العالم العربي" الذي كان له الفضل في إعادة إطلاقه خلال فترة وجيزة من استلام مهامه، بعد توقف دام سنوات طويلة، وتقييمه للنجاح الذي تحقق والأصداء الواسعة لفعاليات الكرسي خلال حوالي عام فقط من النشاط والحراك الفكري والثقافي الفاعل..
قال د.مُعجب الزهراني: فعلاً أحيينا الكرسي بعد توقيع اتفاقيات تعاون وشراكة مع مؤسستين ثقافيتين معتبرتين هما "جائزة الملك فيصل العالمية" بالرياض و"مؤسسة الدراسات العربية المعاصرة "بيروت"، وذلك لتنفيذ برامج محددة. وهكذا انطلقت الفعاليات قبل عام تقريباً وقد عقدنا أربعة لقاءات في المعهد بباريس ولقائين خارجه، في الرباط وتونس، وشارك فيها عشرات الباحثين والباحثات، عربا وفرنسيين، من أبرز المتخصصين في الموضوعات الأساسية التي تشكل محاور كل لقاء، وكان لها أصداء إعلامية كبيرة لحسن الحظ.
كذلك كرّمنا عدداً من كبار المفكرين مثل إدجارموران وعبدالله العروي وإندريه ميكيل ورشدي راشد، وقريباً سنكرم فهمي جدعان في عمّان ثم ناصيف نصار في بيروت .هذا فضلاً عن برنامج مواز بعنوان "ضيف الكرسي" احتفينا فيه بكاتبين بارزين نالا جائزة البوكر هما محمد حسن علوان وإبراهيم نصر الله. ويظل المشروع الأكبر هو "مائة كتاب وكتاب" الذي ننفذه مع جائزة الملك فيصل، وهو مشروع معرفي يحتفي بكبار الوسطاء الثقافيين بين فرنسا والعالم العربي منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم ويفترض أن ندشن أولى إصداراته قبيل نهاية العام الحالي.

وحول فكرة انتقال فعالية كرسي معهد العالم العربي بين مختلف المُدن العربية، وملاحظة التركيز على بعض الدول دون سواها من حيث المُشاركين والمُدن المُختارة، وأهمية زيادة التعاون مع بعض دول الخليج العربي في هذا الصدد.
أكد معجب أنّه لا مجال للحديث عن تغييب لهذا الإقليم العربي أو ذاك بكل تأكيد، كل ما في الأمر أن هناك مجموعة شروط جغرافية - تاريخية رجحت كفة الثقافة الفرانكفونية في شمال إفريقيا ومصر وبلاد الشام، فكان من المنطقي تماما أن يشارك باحثوها ومثقفوها أكثر من غيرهم في أنشطتنا خاصة وأن المعهد مؤسسة فرنسية نظاماً.
ورأى أنّ منطقة الخليج العربي، والجزيرة العربية عموما، كانت ولا تزال ضمن المنظومة الأنجلو سكسونية، ومثلها العراق والسودان، ومع ذلك فهي حاضرة بانتظام ضمن أنشطة وبرامج أخرى في معهد العالم العربي كالمعارض الفنية والمنتديات الفكرية واللقاءات الاقتصادية.
وتابع معجب قائلاً: ولعلي أغتنم الفرصة فأذكر بأنني شخصيا سبق وأن وقعت بعض الاتفاقيات مع العديد من المؤسسات الثقافية الخليجية المهمة ولم يثمر عنها أي محصول لسوء الحظ، وعلى الرغم من ذلك أرحب بأية مبادرة خليجية وعربية لعقد المزيد من اتفاقيات التعاون والشراكة سواء مع الكرسي أو مع المعهد.
دور المرأة العربية
وعن دور المرأة العربية في فعاليات كرسي معهد العالم العربي، وضرورة منحها كل الاهتمام، أوضح مدير معهد العالم العربي، أنّ الكرسي لم ينظم أي ندوة إلا والمرأة حاضرة بقوة ومشاركة بفعالية فيها، وهذا أمر طبيعي تماماً لأن الباحثات المتميزات كثيرات اليوم ويتزايد عددهن باستمرار في مختلف بلداننا، ولحسن حظنا جميعاً. ولهذا السبب تحديداً قررنا في الكرسي أن يخصص برنامج التكريم للعام القادم كله للمرأة، والمؤكد أننا سنجد في في فرنسا وفي كل بلد عربي من تستحق التكريم، لا لكونها امرأة بل لأنها حققت منجزات علمية وفكرية متميزة في هذا المجال أو ذاك.

وبالنسبة للحضور الجماهيري المميز في المعهد، وكيفية برمجة هذا الكم الهائل من الأنشطة، واستقطاب الزوار بكثافة، بينما تُعاني فعاليات عربية مماثلة من تناقص ملحوظ بالاهتمام الجماهيري..
ذكرمُعجب الزهراني أنّ المعهد مؤسسة ثقافية كبرى، وبه مجموعة من الأقسام ينشغل كل منها بمجال معين، وفي كل قسم هناك عشرات الكفاءات والطاقات البشرية المؤهلة التي تعمل كل يوم على تصميم وتنفيذ برامج جديدة متنوعة ما يجعل المعهد مختبراً حيّاً يجتهد ويبدع بانتظام. فالمكتبة والمتحف وقسم المعارض وإدارة الأنشطة الثقافية والفنية ومركز اللغة والحضارة العربية، تعمل كلها بحرفية عالية في هذا السياق وتتنافس في الإبداع واستقطاب الجمهور إلى حد أن بعض الفعاليات يحضرها من خمسة إلى عشرة آلاف كعيد الموسيقى وليلة الشعر وموعد مع التاريخ. وقبيل سنوات كان المعهد يشغل المرتبة الخامسة ضمن أشهر معالم ومتاحف باريس من حيث عدد الزوار، ومع انتهاء أعمال الترميم وتدشين سلسلة من الأنشطة الجديدة خلال العام الحالي نأمل أن يستقطب المعهد أكثر من مليون زائر هذا العام وربما أكثر.

وحول جهود المعهد في تعليم اللغة العربية بفرنسا، وإصدار شهادة إتقان مُعترف بها عالمياً..
- ذكر مدير المعهد أنّ مركز اللغة والحضارة من أنشط الأقسام فعلا، وهو يستقبل حوالي ألفي متعلم كل سنة ، أطفالا وفتيانا وكبارا، وقد أفاد منه حوالي ثلاثون ألفا منذ إنشائه قبل عقدين تقريبا، وسيبدأ هذا العام في تجربة اختبار تحديد المستوى، وهذا ما سيضمن للمعهد أن يكون مرجعية في هذا الباب إذ لا نجد إلى اليوم جهة تنهض بهذه المهمة وياللغرابة!

أخيراً، وعن عودة بينالي السينما العربية هذا الشهر في باريس بعد طول انتظار بجهود شارك بها، وفعالية أضواء على الفيلم السعودي، وتقييمه للمهرجان هذا العام بعد توقف 12 عاماً، ورؤيته للمشاركة السعودية الحالية ومستقبل الفن السابع بشكل عام في السعودية..
- قال مُعجب الزهراني: ليتك تتوجه بهذا السؤال التخصّصي إلى المسئولين عن المهرجان لأن لديهم من المعلومات والخبرات ما ينقصني أنا القادم للمعهد منذ عام ونصف فقط . وفي كل حال نحن جميعاً سعداء بعودة هذا المهرجان بعد انقطاع دام اثني عشر عاماً، وذلك لأن السينما العربية تشهد قفزات متوالية وتحقق منجزات نوعية فيتعزز حضورها محلياً وإقليمياً وعالمياً بانتظام. مشاركة السينما السعودية هي مفارقة سعيدة تماماً لأنها تأتي من بلد لم تؤسس فيه صناعة سينمائية، وليس في مُدنه الكبيرة صالات السينما، ولا جهة تعلم شيئاً مما يتصل بهذا الفن الذي يُعدّ الأول في عالم اليوم، ومع كل هذا تجد عشرات الأفلام تنتج كل عام وتشارك في مهرجانات معتبرة في المنطقة وخارجها، ومن الطبيعي تماماً أن تنال اهتمام المعهد فيخصص لها حيزا يبرز منجزاتها ويغذي طموحاتها . وبهذه المناسبة لعلي أنتهز الفرصة لأشيد بكل الزملاء والزميلات في جمعية الثقافة والفنون في الرياض، وفي غيرها من الجهات المماثلة لحرصهم على دعم المهرجان والمشاركة في فعالياته بمجموعة من الأفلام القصيرة التي نرجو أن تنال إعجاب الجمهور واهتمام المتخصصين، وقريباً ستتكون لدينا ثقافة سينمائية وطنية تخصّنا وتصلنا بالعالم، وسيكون لهؤلاء الروّاد فضل الريادة دونما شك .