الجمعة 20 يوليو 2018 / 15:26

الإمارات وزيارة الرئيس الصيني.. جسور الثقافة والاقتصاد

24 - الشيماء خالد

تجسدت زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، التاريخية للإمارات، في أسبوع ضخم من الفعاليات في أبوظبي ودبي وغيرها، حيث قوة وقدرة هذه البلاد على التنظيم، إذ نظمت لاستقبال كبير فريد من نوعه في المنطقة، وتحولت الإمارات كلها لكيان مرحب في كل جزء منه بالرئيس الصيني، وهذه القدرة بالذات التي تمتلكها الإمارات كدولة متمكنة من إبراز وتشكيل ما تريد جعل الصين تتجه لها بثقة، بحسب العديد من المراقبين.

فرص
ويقول المترجم الصيني، كا شياو بينغ: "الأسبوع الإماراتي الصيني أسعد شعبينا، وجعلنا نقبل من مختلف الإمارات لأبوظبي خاصة لمشاهدة الأفلام الصينية، والتعرف على الإماراتيين في أنشطة ثقافية وفنية متنوعة، بالإضافة لشعورنا باستقبال ومحبة كبيرة من الإماراتيين، ونرى فرصاً في المستقبل لصالحنا معاً في الاقتصاد والثقافة والعلم والسياحة".

ويضيف بينغ: "الصين تشعر بالامتنان للإمارات لقدرتها على تقريب الحضارة العربية العظيمة من بلادي، وتفعيل مبادرة الحزام والطريق، ونرى جميعاً آفاق تعاون رحبة".

ويقول الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للصناعات الثقافية في الصين، د.أحمد السعيد: "شعر الصينيون أن الإمارات ترحب بهم بمعنى الكلمة، والرئيس الصيني ركز خلال زيارته على الجانب الثقافي والفكري والإنساني، حيث نجد مثلاً أسبوع الأفلام الصينية وهو أمر لم يحدث في أي من زيارته لأي دولة عربية أخرى، ناهيك عن حفل إطلاق كتابه وتوقيع نسخة منه وإهدائها لرموز الإمارات، هو أمر لم يقم به من قبل".

كتب.. موسيقى.. اتفاقيات
ويشهد الحدث الذي تحتفي فيه الإمارات بالصين العديد من المشروعات التي تم التعاقد عليها بين الإمارات والصين يفوق حجمها كل التعاقدات بين الصين والدول العربية مجتمعة، وفي الجانب الثقافي قررت الصين تحديد أسبوع لترويج كتبها في مكتبات الإمارات، وهو أمر لم يحدث مسبقاً، بالإضافة لمعرض الكتب الصينية المقام في منارة السعديات، وبهذا تأكد اتفاق الجانبين على أهمية التواصل الحضاري والفكري.

ويضيف السعيد: "اليوم تقام أمسية يحضرها نخبة من الشخصيات الهامة والمثقفين والموسيقيين، عرض أوركسترا وأوبرا صيني إماراتي بالإضافة لعرض أعمال معزوفات السيدة الأولى وأيضاً توقيع نسخة من كتاب الرئيس الصيني وإهدائها لمكتبة قصر الرئاسة، ومن المهم الإشارة لأغاني زوجة الرئيس التي كانت مطربة شهيرة جداً في بلادها متخصصة في الغناء العسكري الوطني، وهنا نقطة تلاقي وقرب إنساني لافتة، بالإضافة لما ورد في مقال الرئيس الصيني الذي نشر في كل صحف الإمارات، متحدثاً حول التأكيد على ضم أيدينا معاً وإنجاز عصر جديد ومراحل جديدة خلاقة، والأهمية الاقتصادية والسياسية واضحة جداً للعيان كذلك، فالإمارات مركز ثقل للمنطقة العربية ومدخل لها، وهي دولة مؤثرة في صناعة القرار، وهي المسؤولة فيما يأتي عن تعاونات الصين مع المنطقة العربية كلها واستثماراتها، وتشهد الكثير من اتفاقيات التعاون".

رؤى خلاقة مسالمة
ويقول بينغ: "تشترك الصين والإمارات في رؤى إيجابية خلاقة مسالمة، تركزان على التنمية لصالح الجميع، فنحن كأطراف نسير كتفاً بكتف، لا وجهاً لوجه، إذ نؤمن معاً، كشعب صيني، وإماراتي وعربي، بما فيه الخير للطرفين، كل ما يصب في صالح التنمية والإنسان".

وتدل الحفاوة الإعلامية في الإمارات، ومدة بقاء الرئيس الصيني الطويلة نسبياً، على أهمية الزيارة، وكونها بداية لشكل جديد من أشكال الترابط الصيني العربي، للتفاهم والتقارب والمساواة وهذه هي النقطة الرئيسية في الحدث برأي المراقبين.

ويضيف بينغ: "العلاقات بين العرب والصين عميقة، ولكنها بحاجة للمزيد، وعلاقتنا بالإمارات تحديداً تعد واعدة، وسنقوم مع الإمارات بالتعاون في مشاريع ضخمة، كواحدة من أكبر الشركاء، وسيتعزز ذلك بالتواصل الإنساني والثقافي الذي نراه يكبر يوماً بعد آخر".

الإمارات والمعادلة
ويقول السعيد: "بدأت مؤسسات ثقافية صينية التواصل مع الجهات المعنية في الإمارات باعتبارها ساحة دولية للانتشار الثقافي، حيث ستقام مؤسسات متخصصة لترويج الكتب الصينية، ومن المتوقع أن تشهد حركة الترجمة عصرها الذهبي بين البلدين، وسيتم إصدار 20 عنوان كل عام مخصصين لدور النشر الإماراتية فقط، منهم 10 عناوين لمشروع "كلمة"، كما يجري اختيار 10 كتاب إماراتيين لتترجم أعمالهم للصينية، وكذلك الشعراء، وأتوقع أن يكون هناك نحو 100 عمل أدبي ابتداء من العام المقبل، في الطفل والأدب والاقتصاد والتاريخ والسياسة، كما يتم ترجمة 30 عملاً عربياً إلى الصينية".

ويعد التقارب الثقافي بين الصين والعرب أداة لتأسيس علاقات ثقافية متوزانة وعادلة، ويقول السعيد: "من غير المنطقي أن نكون متلقين فقط، والإمارات الأقدر للقيام بهذا الدور في المنطقة، لأنها تملك الزخم الثقافي الذي تكتنزه الدول العربية لتكون متحدثاً باسمهم، وتحقق المعادلة المتوازنة، الغير قائمة على تابع ومتبوع، مثل ما يقوم به الغرب، الذي نقرأ لثقافته ولا يقرأ لنا، وحين نتفق مع الصين على مشروعات ثقافية مشتركة، مثل التجربة الرائعة في مركز زايد في بكين لتعليم اللغة العربية ودراستها، نجد آلاف الخريجين الصينيين تعلموا العربية وثقافتها، وبالمقابل تنوي الإمارات وضع مركز ثقافي داخل البلاد، مهمته تعزيز التوازن والتعريف بحضارتنا العربية من خلال التعاون مع الصين، وهذا يحتاج لقوة اقتصادية بطبيعة الحال لدعم التواصل الفكري والإنساني، والإمارات مؤهلة لذلك".