مقاتلون أكراد يرفعون علمهم في شمال سوريا.(أرشيف)
مقاتلون أكراد يرفعون علمهم في شمال سوريا.(أرشيف)
الجمعة 24 أغسطس 2018 / 13:10

أين وصلت المفاوضات بين نظام الأسد والأكراد؟

كشف تقرير بمجلة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن ضغوط يتعرض لها الأكراد السوريون المدعومون من الولايات المتحدة من قبل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد للتنازل عن السلطة على أراضيهم لصالحه.

رئيسة مجلس سوريا الديمقراطية لاتزال متفائلة بشأن نتيجة المحادثات مع نظام الأسد، لاسيما أن الأكراد لا يطالبون باستقلال أو انفصال الشمال الكردي، ويسعون إلى التعددية والديمقراطية واللامركزية

 وتشير رجاء عبد الرحيم، مراسلة الصحيفة الأمريكية، إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (ذات أغلبية كردية)، التي ساعدت الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش، تسيطر على منطقة تمتد عبر الكثير من مناطق شمال وشرق سوريا، بما في ذلك المدن الكبرى مثل الرقة وبعض أكبر حقول النفط والغاز في البلاد.

التفاوض أو الحرب
وعلاوة على ذلك فإن الولايات المتحدة تنشر أكثر من 2000 جندي أمريكي يقاتلون داعش في سوريا ويحافظون بشكل غير مباشرة على الإدارة الكردية للمناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن عن رغبته في انسحاب تلك القوات رغم عدم وجود جدول زمني واضح لحدوث هذا الأمر.

ويلفت تقرير "وول ستريت جورنال" إلى أن حكومة الأسد (بدعم روسيا وإيران) تسعى إلى استعادة السيطرة على الأراضي التي خسرتها خلال سبع سنوات من الحرب. وإلى جانب المنطقة الخاضعة للإدارة الكردية، تسيطر قوات المعارضة المدعومة من تركيا على منطقة في شمال غرب البلاد، ولا يزال لدى داعش بعض الجيوب الصغيرة بالقرب من نهر الفرات.

ولأن التزام الولايات المتحدة تجاه سوريا لا يزال غير مؤكد، فإن الأسد يضع الأكراد أمام خيارين: التفاوض أو مواجهة الهجمات العسكرية. بيد أن جهود الحكومة السورية لاستعادة السيطرة على المنطقة التي يديرها الأكراد (وتضم بلدات أغلب مواطنيها من العرب) لاتزال تواجه تحدياً معقداً بسبب وجود قوى أجنبية ذات مصالح متباينة.

صفقة محتملة
ويعتبر تقرير الصحيفة الأمريكية أن إبرام اتفاق مع الأكراد من شأنه أن يدعم موقف روسيا باعتبارها الوسيط الرئيسي في سوريا؛ نتيجة الانسحاب المؤقت للولايات المتحدة، فضلاً عن إعادة وضع الغالبية العظمى من الأراضي السورية تحت سيطرة الرئيس الأسد الذي أعلنت الولايات المتحدة مراراً أنها ترغب في الإطاحة به. ومع ذلك، فقد أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن الأولوية في سوريا باتت للأهداف الأمريكية الأخرى مثل هزيمة داعش وإخراج القوات الإيرانية من البلاد.

يقول التقرير: "في يوليو/تموز، التقى مسؤولو نظام الأسد للمرة الأولى مع مجلس سوريا الديمقراطية (الجناح السياسي وأغلبيته من الأكراد) للقوات المدعومة من الولايات المتحدة، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تضم سبعة أعضاء من كل جانب لمناقشة صفقة مقترحة بشأن السيطرة الإدارية للمنطقة، وذلك بحسب سينم محمد الممثلة الخارجية للمجلس في الولايات المتحدة".

وخلال الأسبوع الماضي، ذهب أعضاء اللجنة إلى دمشق لبدء المناقشات ولكنهم غادروا من دون التوصل إلى اتفاق، وفق تصريحات إلهام محمد رئيسة مجلس سوريا الديمقراطية التي حضرت الاجتماع الأول في دمشق مع مسؤولي نظام الأسد، وقالت: "لم نهاجم النظام أبداً، فما العذر الذي سيلجأ إليه لشن هجوم علينا؟".

وينقل التقرير عن المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في سوريا قوله: "لم نشارك في المحادثات بين الحلفاء ونظام الأسد". وأعرب مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة كانت على علم بالاجتماعات بين أعضاء مجلس سوريا الديمقراطية ونظام الأسد في دمشق، ولكنها لا تشارك في المحادثات، مؤكداً على أن الولايات المتحدة تفضل الحفاظ على سلامة الأراضي السورية وكذلك حدوث عملية انتقال سياسي تراعي مصالح جميع السوريين.

طموحات الحكم الذاتي
ويشير التقرير إلى أن التعايش السلمي بين نظام الأسد وجماعات الأكراد منذ بداية النزاع في 2011 حينما انسحبت حكومة الأسد إلى حد كبير من المنطقة الشمالية الشرقية. وكان هذا الانسحاب محاولة لإرضاء الأقلية (التي حرمت من العديد من الحقوق الأساسية مثل الحصول على جواز سفر) إضافة إلى منع الأكراد من الانضمام إلى انتفاضة المعارضة ضد نظام الأسد التي كانت مزدهرة في ذلك الوقت.

وقد استخدمت الجماعات الكردية (السياسية والمسلحة) الحرب ضد داعش لتوسيع سيطرتها على الأراضي وإقامة بنية تحتية وقوانين خاصة بها لإدارة الحكم في المنطقة، لذا فإن إبرام صفقة للتخلي عن السيطرة الإدارية ستكون بمثابة ضربة قوية لطموحاتها في الحكم الذاتي.

ويعاني الأكراد فعلاً من عدة انتكاسات؛ حيث استولت تركيا في يناير(كانون الثاني) الماضي على جيب كردي في شمال سوريا في محاولة لدفع الميليشيات الكردية بعيداً عن حدودها، وذلك في إطار محاولات تركيا للقضاء على الحركة الانفصالية الكردية داخل أراضيها. وفي يونيو(حزيران) حصلت تركيا على ضمانات من واشنطن بأن القوات الكردية سوف تنسحب من مدينة أخرى في شمال سوريا تشكل سبباً في التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا. ولكن يبدو أن هذا الاتفاق سيكون معقداً بسبب الخلاف المستمر بين اثنين من حلفاء الناتو، وقد أشارت أنقرة، التي تتقرب من موسكو، إلى أنها ترحب بسيطرة نظام الأسد قرب حدودها. أما الزعماء الروس فيلقون باللوم على الدول الغربية لتأجيج ما وصفوه "بالنزعة الانفصالية للأكراد" من أجل تحقيق مصالحهم.

وحشية نظام الأسد
ويصف تقرير الصحيفة الأمريكية الانذار الأخير الذي وجهه الأسد للأكراد بالتفاوض أو مواجهة الضربات العسكرية بأنه التكتيك الأكثر استخداماً من النظام؛ ففي خلال العامين الماضيين أطلقت قوات النظام هجمات عسكرية مدمرة ضد المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة أو داعش، بما في ذلك ضاحية الغوطة الشرقية في دمشق والمحافظات الجنوبية، ولم تنته تلك الهجمات إلا عندما استسلمت وانسحبت قوات المعارضة وداعش.

ويضيف التقرير "يستخدم نظام الأسد أساليب وحشية ضد معارضيه منذ اندلاع الحرب الأهلية؛ في محاولة لإعادة ترسيخ بيئة الخوف والطاعة التي كانت سائدة في سوريا طوال أكثر من أربعة عقود تحت حكم عائلة الأسد. وحتى مع قيادة الأكراد للإدارة في المنطقة الكردية فإن هذا القلق لا يزال مستمراً؛ ويتوقع بعض السكان هناك العودة في نهاية المطاف لنظام الأسد، وهم اتخذوا بعض الاحتياطات بالفعل، مثل تسجيل ممتلكاتهم وسياراتهم فقط لدى حكومة دمشق المركزية خشية من مصادرتها".

ويختتم تقرير "وول ستريت جورنال" بالإشارة إلى وجهة نظر رئيسة مجلس سوريا الديمقراطية التي مفادها أنها لاتزال متفائلة بشأن نتيجة المحادثات مع نظام الأسد، لاسيما أن الأكراد لا يطالبون باستقلال أو انفصال الشمال الكردي، ويسعون إلى التعددية والديمقراطية واللامركزية.