المصافحة بين عرفات ورابين التاريخية بحضور بيل كلنتون في البيت الأبيض (أرشيف)
المصافحة بين عرفات ورابين التاريخية بحضور بيل كلنتون في البيت الأبيض (أرشيف)
الأحد 16 سبتمبر 2018 / 14:26

تقرير: غموض بناء دمّر اتفاقات أوسلو

يبدو من الصعب استيعاب حقيقة مضي ربع قرن على توقيع اتفاقات أوسلو، تلك اللحظة المفعمة بالأمل حينما بدأ السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قريب المنال.

بدا أنه من الأفضل تبني غموض حيال قضايا رئيسية كانت بحاجة إلى حل، ومن ثم استئناف التفاوض، عوضاً عن إجبار الطرفين على تبني مواقف، وتقديم تنازلات

وبالعودة إلى تلك الاتفاقيات، لا يمكن اعتبارها بمثابة إنجاز كبير، وإنما هي إخفاق ذريع في رأي عينات ويلف، عضو سابقة في الكنيست الإسرائيلي عن حزب العمل، ومستشارة الشؤون الاستراتيجية لدى شمعون بيريز، رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق.

وعرضت ويلف رأيها، في موقع "ذا أتلانتيك"، ولفتت فيه إلى سعي معظم المراقبين لمعرفة مكمن الخلل في تلك الاتفاقات، ومن يتحمل مسؤولية انهيارها.

غموض بناء
ووفقاً لكاتبة المقال، فإن ما أدى إلى فشل اتفاقيات أوسلو هو ذاته، ما جعلها ممكنة في المقام الأول: الغموض البناء.

فعندما أخذ بعين الاعتبار وقوع عدة حروب طوال عقود، بين إسرائيل والفلسطينيين، لم يكن بوسع الجانبين توقع تسوية نزاعاتهما الأساسية في لحظتها، وكان لا بد من القبول بمرحلة بناء ثقة مؤقتة.

وبدا أنه من الأفضل تبني غموض قضايا رئيسية بحاجة إلى حل، ومن ثم استئناف التفاوض، عوضاً عن إجبار الطرفين على تبني مواقف، وتقديم تنازلات، ربما لم يكونوا مستعدين لها.

غموض هدام
وترى الكاتبة أن ذلك الغموض البناء الذي بنيت عليه الاتفاقيات، هو غموض هدام. فبدل بناء الثقة، ومنح فرصة للجانبين للاستعداد لتسويات حتمية ضرورية من أجل السلام، تمسك الطرفان بتفسيرهما للاتفاقيات، بما يخدم مصالحهما الذاتية، مع مواصلة ذات السلوكيات التي دمرت الثقة في الجانب الآخر.

وتشير الكاتبة إلى مواصلة إسرائيل بناء مستوطنات في المرحلة المؤقتة لاتفاقيات أوسلو، ما قوض الاعتقاد بأن تل أبيب صادقة في القبول بوجود دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي الوقت نفسه، واصل قادة فلسطينيون الإشارة إلى مبدأ "حق العودة" الداعي لعودة عدد متزايد من الفلسطينيين إلى أراضي إسرائيل ما قبل 1967،  ما سيجعل اليهود أقلية داخل دولة عربية.

الترويج لكذبة
من ثم، وفي رأي كاتبة المقال، وقعت مدينة القدس فريسة لذلك الغموض البناء، حيث واصل قادة إسرائيليون الترويج لكذبة "القدس الموحدة".

وفشلوا في تهيئة الإسرائيليين لمبدأ تقسيم القدس إلى عاصمة إسرائيلية، وأخرى فلسطينية. كما مضى زعماء فلسطينيون في رفضهم القديم لفكرة أن لليهود حقاً تاريخياً وثقافياً ووطنياً، أو أي صلة دينية بالقدس.

مسار جديد
وبعد مرور خمسة وعشرين عاماً على اتفاقيات أوسلو، لا ترى الكاتبة حاجة لإعادة التفكير بالهدف النهائي منها، بل في وجوب البحث عن مسار جديد.

ويبقى في رأيها، أن حل الدولتين الخيار الوحيد الذي يعترف بحقوق قومية للشعبين، ويوفر قدراً من العدالة لكليهما.

وأياً كان رأي كل جانب في الآخر، يستطيع الجانبان الاتفاق على أن لكل منهما الحق في العيش ضمن دولة يستطيعون فيها تقرير مصيرهم بأنفسهم.

تخلّ عن الغموض
ومن أجل تحقيق تلك الغاية، تشير كاتبة المقال إلى وجوب تخلي الإسرائيليين والفلسطينيين عن مفاهيم غامضة وضبابية مثل "الثقة" و" بناء الثقة"، والتصرف كما يفعل عادة محامو قضايا الطلاق، الذين يعمدون إلى بحث كامل التفاصيل. وعوض الغموض البناء، هناك حاجة لتفاصيل بناءة.

وفي هذا السياق، تقول الكاتبة إنه كان على الرئيس ترامب، على سبيل المثال، أن يقدم خدمة أكبر للإسرائيليين وللفلسطينيين، ولقضية السلام، لو أنه اعترف بالقدس الغربية فقط عاصمةً لإسرائيل، مع توضيح موقفه بأنه منفتح على الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمةً لفلسطين.