الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
السبت 22 سبتمبر 2018 / 23:35

بوتين أمام موقف صعب.. هل يُنهي دوره في سوريا؟

24 - إعداد: ريتا دبابنه

تساءل الكاتب ليونيد بيرشدسكي، في مقال على موقع صحيفة "نيويورك بوست"، عما يخفيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد القرارات الأخيرة التي اتخذها "فجأة"، بشأن سوريا، معتبرة اتفاقه مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان حول تأجيل الهجوم على إدلب بأنه "خطوة ناعمة" تنذر باحتمالية تراجع موسكو عن دورها في دمشق.

ونوه بيرشدسكي، إلى اتفاق موسكو وأنقرة حول هجوم إدلب، وبعدها، كيف تعامل بوتين مع إسرائيل بشأن حادثة إسقاط الطائرة الروسية في سوريا الأسبوع الماضي.

قيود كبيرة
يقول بيرشدسكي: "شكلت قرارات بوتين السابقة نتائج الحرب السورية الدائرة منذ أكثر من 7 سنوات. لكن، في هذه المرحلة الأخيرة من الصراع، يواجه الرئيس الروسي قيوداً قوية قد تُعيق أي قرارات مستقبلية يخطط لها".

وتابع الكاتب أن أحد أكبر إنجازات بوتين في سوريا، إظهار أن بإمكان روسيا أن تتجاهل الولايات المتحدة بنجاح في الشرق الأوسط، وأن تضع الحرب السورية على عاتقها باعتبارها اللاعب الحازم. ومع ذلك، اتضح أنه لم يعد قادراً على تحمل سلبية الولايات المتحدة، وهذا يعني "الحذر" من حلفاء الولايات المتحدة أيضاً.

وافق بوتين وأردوغان يوم الإثنين الماضي، على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية، للقيام بأعمال مشتركة بين القوات الروسية والتركية. كان تحولاً ملحوظاً في سياسة موسكو أو نيتها السابقة لدعم دعم الرئيس السوري بشار الأسد لاستعادة إدلب.

لكن، يقول بيرشدسكي، إنه من الصعب تخيل أن بوتين "تأثر" بتحذيرات أردوغان من أن هجوماً قد يؤدي إلى "حمام دم"، ففي حالات سابقة مشابهة، لا سيما عندما استعاد الأسد حلب في عام 2016 بمساعدة روسيا، تجاهل بوتين هذه التحذيرات.

تداعيات إسقاط الطائرة الروسية
وبعد ساعات من إعلان اتفاق إدلب، أُسقطت طائرة عسكرية روسية تحمل 15عسكرياً روسياً في سوريا. وذكرت حينها "سي إن إن"، نقلاً عن مصدر حكومي أمريكي، أن دفاع الأسد الجوي قام بإسقاط الطائرة.

وجاءت ردود الفعل في الكرملين "غاضبة"، حيث حمّل مسؤولون روس مسؤولية حادث على إسرائيل، التي كانت طائراتها تهاجم أهدافاً للنظام السوري في ذلك الوقت.

وبعدها بساعات، اعترفت وزارة الدفاع الروسية بأن قوات النظام السوري هي من أسقطت الطائرة، عن طريق "الخطأ"، لكنهم ما زالوا يلومون الطيارين الإسرائيليين.

ووجه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، دعوة غاضبة إلى نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، حيث أصدرت الوزارة بياناً قالت فيه إنها "تحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب".

ومع ذلك، لن تكون هناك عواقب! فبعدها بيوم، قلل الرئيس الروسي من أهمية الحادث خلال مؤتمر صحافي. ورغم أنه قال إنه "وافق" على بيان وزارة الدفاع، إلا أنه امتنع عن لوم إسرائيل.

ونفى بوتين أن يكون الحادث بأي حال من الأحوال مثل إسقاط طائرة مقاتلة روسية من قبل تركيا في عام 2015 ، مما أدى إلى انهيار مؤقت في العلاقات الروسية التركية، وتصاعد العقوبات الاقتصادية الروسية ضد تركيا.

وفي محادثة هاتفية، دعا بوتين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "إلى التمسك باتفاقات التناقض".

بوتين يواجه ترامب
فهل هذه بداية النهاية لدور روسيا في سوريا؟ يلفت بيرشدسكي، إلى أنه من المحتمل أن يُنسب هذا التغيير في سياسة بوتين، إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

فعلى عكس الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لم يتردد ترامب في استخدام القوة ضد نظام الأسد. وكثف الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، ووافق مؤخراً على إبقاء القوات هناك إلى أجل غير مسمى.

ومن المعروف أن تحذيرات أردوغان من مهاجمة إدلب، كانت مدعومة ببعض الخطابات القوية والحاسمة من الولايات المتحدة.

آخر شيء يريده بوتين هو مواجهة الولايات المتحدة التي تحيط بها تركيا وإسرائيل، لمهاجمة نظام الأسد. فإذا وقعت المواجهة، سيقف الزعيم الروسي أمام ثلاث قوى عسكرية كبرى مع إيران فقط، وقوات الأسد المتمردة كحلفاء له.

المصالح الأمريكية - التركية
وبرأي بيرشدسكي، لا يستطيع الرئيس الروسي أن يأمل في أن يتحول التوتر الأخير بين تركيا والولايات المتحدة إلى "انهيار" في العلاقات العسكرية. ففي إدلب، "تتماشى المصالح الأمريكية التركية".

منذ دخول روسيا الحرب السورية، قبل ثلاث سنوات، تغير ميزان القوى، والآن، يحتاج بوتين إلى توخي الحذر في حال أراد "التشبث بالمكاسب التي حققها مع الأسد". فلا يمكن أن يظهر رئيس دولة عظمى بهذا "الضعف". فربما هذا الموقف كان الأكثر صعوبة بالنسبة للزعيم الروسي في سوريا منذ عام 2015.

فبغض الطرف عما إذا كان بوتين يمكن أن ينهي وجود بلاده العسكري في سوريا من دون أن يخسر ماء وجهه، سيكون قرار مثل هذا له عواقب جسيمة بالنسبة لدور موسكو في الشرق الأوسط.