العلم الإيراني.(أرشيف)
العلم الإيراني.(أرشيف)
الأحد 23 سبتمبر 2018 / 11:52

العقوبات الأمريكية بدأت تؤذي النظام الإيراني

خلال الأسبوع الماضي، أوحت الوسائل الإعلامية الإيرانية بأنّ العقوبات الأمريكية لم تؤثر على النظام وأطلقت تهديدات بأنّ طهران ستبدي "رداً أقوى بعشر مرات" على أي تحرك ضدها.

لا يريد النظام أن يظهر مؤشرات ضعف، لأنّ ذلك لا يعني تعزيز قوة غالبية الشعب الإيراني المناهضة للنظام وحسب، لكنّها أيضاً ستعزز الاصطفاف الإقليمي والدولي لاحتواء وتقييد سياسة إيران

ومن بين الأمثلة التي ذكرها الكاتب السياسي مجيد رافي زاده في مقاله ضمن صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية، ما نقلته وكالة فارس للأنباء عن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني: "ستثبت أمتنا، كما أنّ صدام (حسين) مدفون في تكريت وكما أنّ بغداد تسيطر عليها تلك القوى التي ترغب بالحرية في المنطقة، أنّ العقوبات الأمريكية لن تؤدي إلى أي نتيجة بفعل تصميمنا الداخلي والإقليمي والدولي".

ولفت رافي زاده النظر إلى أنّ من يُوصف بالرئيس المعتدل حسن روحاني هو الذي عيّن المتشدد شمخاني المقرب من المرشد الأعلى الذي أكّد أيضاً قدرة بلاده على مواجهة العقوبات. لكنّ هذه الصورة الوردية التي ترسمها طهران منفصلة كلياً عن الواقع. فالتطورات الأخيرة تظهر النظام قلقاً للغاية من تلك العقوبات التي تفاقم الأزمة الاقتصادية وتهدد السلطة القمعية.

سعي يائس
على سبيل المثال، فيما أحكمت إيران قبضتها القوية طويلاً على تداول العملات الأجنبية، خففت في الآونة الأخيرة العديد من القيود على التداول بالدولار أو الريال وفي ذلك محاولة من نظام الملالي لتحييد الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية. يضاف إلى ذلك، ووفقاً لوكالة أنباء الطلبة، قال رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى الإيراني أنّ طهران تسمح لمكاتب صرف العملات باستيراد الذهب. يظهر هذا التصريح أنّ طهران تسعى يائسة لجلب الذهب والعملات الصعبة إلى البلاد. ومع الإرباك الذي يعيشه القادة الإيرانيون، برهن الاتحاد الأوروبي أنّه أقل فاعلية ممّا أملوه في مساعدتهم على تفادي التداعيات السلبية للعقوبات. وأشار رافي زاده في هذا السياق إلى أنّ أي كيان أمريكي أو غير أمريكي يساعد مكاتب صرف العملات الإيرانية في الحصول على الدولار أو حتى في التعامل بالريال الإيراني سيتعرض للعقوبات.

خطة استخدمتها في عهد أوباما
في إجراء يهدف إلى تحقيق الغاية نفسها، عمدت السلطات الإيرانية إلى تخزين النفط في أسطول من ناقلات النفط الضخمة. لقد لجأت إيران إلى هذه الاستراتيجية قبل التوصل إلى اتفاق مع إدارة أوباما حول برنامجها النووي وقبل أربع جولات على رفع العقوبات الأممية عنها. وتخلت دول كثيرة عن شراء النفط الإيراني في أغسطس (آب) الماضي. لكن بالرغم من جهودها العديدة لتعويم وتعزيز عملتها، فإنّ طهران محكومة بالفشل. للمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها النظام جذور عميقة كي يتم حلها بواسطة قوانين مالية عشوائية وغير مدروسة. إنّ فساد النظام وسوء استخدامه للأموال العامة والأزمة المصرفية المتفشية هي من بين أسباب عدة تقف خلف الأزمتين الاقتصادية والنقدية. فهذه المشاكل التي تعاني منها إيران هي بنيوية بطبيعتها.

لماذا هذا الإصرار؟
في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) ستطال العقوبات الثانوية قطاع النفط الإيراني الذي يشكل أهم مصدر لواردات النظام. أمّا إصرار طهران على أنّ العقوبات الأمريكية غير مؤثرة فتعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية بحسب رافي زاده. بداية، لا يريد النظام أن يظهر مؤشرات ضعف، لأنّ ذلك لا يعني تعزيز قوة غالبية الشعب الإيراني المناهضة للنظام وحسب، لكنّها أيضاً ستعزز الاصطفاف الإقليمي والدولي لاحتواء وتقييد سياسة إيران الخارجية العدوانية.

من جهة ثانية، يدعم النظام جميع الميليشيات والمجموعات الإرهابية في المنطقة. وللحفاظ على جاذبيته تجاه الميليشيات الشيعية، فإنّه مضطر كي يظهر قوة اقتصادية. من ناحية ثالثة، يكمن أحد أهم الأسس الأيديولوجية للملالي في العداء لأمريكا. من هنا، إنّ الاعتراف بأنّ عقوبات واشنطن أثرت على اقتصاد طهران "المكتفي ذاتياً" لن يكون سوى اعتراف بالهزيمة أمام الولايات المتحدة أي أمام "الشيطان الأكبر".