إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأمريكي، تفتتح السفارة الأمريكية في القدس.(أرشيف)
إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأمريكي، تفتتح السفارة الأمريكية في القدس.(أرشيف)
الأحد 23 سبتمبر 2018 / 13:55

إدارة ترامب تعيد صياغة مقاربة أمريكا النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي

24- زياد الأشقر

شهدت الأشهر الأخيرة سلسلة من الخطوات الدراماتيكية التي اتخذتها إدارة ترامب في ما يتعلق بالنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، من نقل السفارة إلى وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث الاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم "الأونروا"، إلى قطع المساعدات عن الضفة الغربية وصولاً إلى اقفال بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتكرار الوعد بتقديم خطتها الخاصة بالسلام.

محاولة الإدارة إعادة تعريف شروط النزاع جذرياً تقوم على الاقتناع بأن كل المحاولات السابقة قد فشلت وأن نهجها الجديد يجب أن يحظى بفرصة

تناول الباحثان روبرت مالي وآرون ديفيد ميلر في مقال نشرته مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، السياسة التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب حيال النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، معتبرين أن هذا الزخم تزامن مع تراجع احتمالات التوصل إلى صفقة فعلية. وأوضحت القيادة الفلسطينية أنها لن تلقي نظرة على الاقتراح الأمريكي، بينما لا يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضرراً من الانتظار مزيداً من الوقت قبل كشف النقاب عن الخطة الأمريكية. وفي الوقت الحاضر يصعب العثور على أي شخص يأخذ على محمل الجد أن إدارة ترامب ستنجز "الحل النهائي". وهذا ما يطرح سؤالاً أكثر إثارة: ما هي بالضبط الخطوات التي سيقدم عليها فريق ترامب؟

تحويل الانتباه إلى المخاوف الاقتصادية
الواضح هو أنه على رغم التعهدات المتكررة، فإن الهدف الأساسي للإدارة التي تخلت عن القيادة الفلسطينية الحالية، ليس الضغط على الرئيس محمود عباس كي يأتي إلى الطاولة. وعلى فريق ترامب أن يعلم أن هذا لن يحدث. لذلك، فهو يسعى إلى إعادة صياغة فهم الولايات المتحدة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والسياسة حياله، وتحويل التركيز على المخاوف المادية والاقتصادية للفلسطينيين مع التقليل من اهتماماتهم السياسية والوطنية.

وأشارا إلى أن هناك تفسيرات أخرى محتملة لقرارات الإدارة، بما في ذلك السياسة الداخلية، وتصميم الرئيس على الارتقاء إلى مستوى تعهدات حملته التي تروق لقاعدته، الطبيعية، ورغبة فريقه في مواءمة سياسات الولايات المتحدة بشكل أوثق مع سياسات نتانياهو. لكن منح الفريق هذا القدر من الأفضلية، في هجومه العنيف على أسس السياسة التقليدية للولايات المتحدة والسياسة الدولية، قد أظهر تفكيراً آحادياً.

تعديلات إقليمية
وأوضح الباحثان أن الهدف الأول لثلاث إدارات أمريكية سابقة كان حل الدولتين، وكان هذا جوهر السياسات التي اتبعتها هذه الإدارات (ناهيك عن عدة حكومات إسرائيلية). وكان الترويج لمثل هذه النتيجة على أساس حدود 1967، مع تعديلات إقليمية تهدف إلى معالجة المخاوف الإسرائيلية. ورفضت الإدارة الحالية بعناد المصادقة على هذه السياسة. وحتى لو فعلت ذلك في نهاية المطاف، فإن ترددها قد وجه رسالة واضحة مفادها أن الفلسطينيين غير مؤهلين للحصول على دولة خاصة بهم، وأن دولة فلسطينية يجب أن لا تكون أو ينظر إليها على أنها نتيجة طبيعية لمثل هذه العملية.

القدس
واعتبر الباحثان أن الشيء نفسه ينطبق على اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. لقد نقلت سفارتها إلى هناك. إنها تعترف بارتباط إسرائيل التاريخي العميق والديني بالمدينة. لكنها لم تفعل شيئاً من هذا القبيل بالنسبة إلى الفلسطينيين. صحيح أنها قالت إن حدود القدس النهائية ومسائل السيادة خاضعة للتفاوض. لكن، ومع ذلك، تعتبر أن حق المطالبة بالمدينة، هو من جهة غير قابل للجدل ومقدس، ومن جهة أخرى هو مسألة قابلة للتفاوض ودنيوية. يبدو أن الرسالة التي توجهها الإدارة إلى الفلسطينيين مغايرة في جوهرها: لقد خسرتم، فتجاوزوا الأمر. إن محاولة الإدارة إعادة تعريف شروط النزاع جذرياً تقوم على الاقتناع بأن كل المحاولات السابقة قد فشلت وأن نهجها الجديد يجب أن يحظى بفرصة. وإذ يرى الباحثان أن فريق ترامب محق بشكل لا يقبل الجدل بالنسبة إلى الجزء الأول، يعتبران أنه مخطئ تماماً في ما يتعلق بالجزء الثاني.