تعبيرية. (فورين بوليسي)
تعبيرية. (فورين بوليسي)
الإثنين 24 سبتمبر 2018 / 10:47

هل حان وقت التفاوض مع داعش والقاعدة؟!

بعد قرابة 17 عاماً من التركيز على خطر الإرهابيين، عاودت المؤسسة العسكرية الأمريكية، تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، لتضع بين أهدافها دولاً قوية، وهو ما تعتبره مارثا كرينشو، زميلة بارزة لدى مركز الدراسات والتعاون الأمني في معهد "فريمان سبوجلي"، نظرة قصيرة المدى، معتبرة أن إرهاباً تمارسه مجموعات جهادية وتلتزم به يبقى خطراً فعالاً.

عرضت الولايات المتحدة استعدادها للتحاور مجدداً مع طالبان الأفغانية. وقد يكون مفيداً تطبيق نفس التكيف مع مجموعات أخرى مرتبطة بالقاعدة أو حتى مع داعش

وعرضت الكاتبة رأيها في موقع "فورين بوليسي"، قائلة إن المستقبل قد يحمل مزيداً من الصراعات التي تجمع بين إرهاب عابر للحدود، أو عالمي، وحرب أهلية، فضلاً عن احتمال قيام تعاون أكبر بين جهاديين ومتمردين محليين غير جهاديين، ومزيد من الانشقاقات في عالم الجهاد.

وسيكون مستحيلاً القضاء على الإرهاب بواسطة القوة العسكرية، وهو ما يفترض أن تكون الولايات المتحدة قد وعته جيداً. ولكن البدائل الممكنة لإدارة  ذلك الخطر  أو احتوائه، قليلة، وقد لا تكون متاحة.

ومن هذا المنطلق، ترى كاتبة المقال إنه لربما آن الأوان للتفكير بالمفاوضات. وقد عرضت الولايات المتحدة استعدادها للتحاور مجدداً مع طالبان الأفغانية. وقد يكون مفيداً تطبيق نفس التكيف مع مجموعات أخرى مرتبطة بالقاعدة أو حتى مع داعش.

تعبئة وعقاب
وتشير كاتبة المقال لزيادة عدد الصراعات التي يشارك فيها متمردون جهاديون يحاربون لأجل القضاء على أنظمة قائمة. ووفرت تدخلات عسكرية في دول ذات غالبية إسلامية، كما جرى بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان في 1979، وما بعد الحرب الأفغانية في 2001، وغزو العراق في 2003، أولى الفرص أمام جهاديين لمحاربة "قوات محتلة كافرة وحلفائهم المحليين".

وتلفت كاتبة المقال لشن الولايات المتحدة وحلفائها، بعد ضرب القاعدة للغرب في 11 سبتمبر( أيلول)، 2001، حرباً تحت عنوان "حرب دولية ضد الإرهاب". ولكن تلك الحرب حشدت أنصاراً للجهاديين بقدر ما عاقبتهم. ولا بد من تذكر أن الحرب على الإرهاب ساعدت، في الواقع، على انتشار القاعدة. وما يثير السخرية، أن أول التنظيمات التي تشكلت في العراق، بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، هو فرع للقاعدة اتخذ لاحقاً اسم داعش، واستطاع اكتساح العراق وسوريا في 2014. ولاحقاً تم تأسيس، في 2007، القاعدة في المغرب الإسلامي، على يد جهاديين جزائريين، وهو يشكل اليوم مصدر انتشار فكر القاعدة في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.

منجم ذهب
وتلفت الكاتبة لدور اضطرابات سياسية محلية، إلى جانب تدخلات غربية، لتوفير ما يشبه منجم ذهب تنهل منه جماعات إرهابية. فقد شكلت حروب أهلية، في الجزائر والبلقان، في التسعينيات، حواضن للتطرف. كما منح الربيع العربي لجماعات إرهابية مزيداً من الفرص لشن حربهم. وعلى سبيل المثال، سمحت الفوضى التي اجتاحت سوريا، عام 2011، لتنظيم داعش، بأن يؤسس ما سماه "خلافة" في مناطق واسعة من العراق وسوريا.

صراعات هجينة
وترى كاتبة المقال أنه في ظل مثل تلك الصراعات الهجينة، وحيث ينغمس إرهابيون دوليون ضمن صفوف متمردين محليين ذوي مطالب مشروعة، ويستحيل عندها التمييز بينهم.

لذلك، تدعو الكاتبة قوى تدخل كبرى، كالولايات المتحدة وفرنسا للاعتماد على حلفائهم المحليين في محاربة الإرهاب. ونسبة لقابلية الجهاديين للتأقلم مع ظروف مستجدة، ولانتشارهم، فإن خيارات محاربتهم بالقوة تظل محدودة. ويبقى هناك بديل ناجع يتمثل في محاولة حل جذور أسباب المشكلة عبر استبعاد الظروف التي مكنت الجهاد بداية من الانتشار.

ولكن، حسب الكاتبة، حتى لو أمكن التعرف على مسببات العنف من قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، فإن معالجتها يتطلب صبراً ومثابرة. ويبدو بأن الإدارة الأمريكية الحالية ليس لديها ما يكفي من كليهما.