طفل يتعلم تهجئة حروفٍ عربية (أرشيف)
طفل يتعلم تهجئة حروفٍ عربية (أرشيف)
الإثنين 24 سبتمبر 2018 / 22:50

فرنسا: تعليم العربية في المدارس للحد من تأثير مساجد التطرف والإسلام السياسي

24 - باريس – عبد الناصر نهار

نشر مركز أبحاث ليبرالي في فرنسا أخيراً تقريراً يتضمن مُقترحات للتصدّي لصناعة الإسلاميين ومُكافحة الخطاب السلفي، من بينها إحياء تعليم اللغة العربية في المدارس العامة الفرنسية.

وحذر المركز من تضاعف عدد الطلاب الذين يتعلمون العربية بمُعدل 10 مرات في المساجد، بعد عودة تدريس اللغة العربية في فرنسا إلى الواجهة والجدل الذي أثاره ترحيب وزير التربية الفرنسي ميشال بلانكير بالمقترح للتصدي للتطرف، وتأكيده أن العربية لغة مُهمة مثل اللغات والحضارات الأخرى، ويجب تنميتها وإعطاؤها مكانتها.
 
وفي المقابل رفض اليمين الفكرة، ورأت النائبة عن حزب "الجمهوريون" آني جيفنار، أن وزير التربية يرتكب خطأ، فتعليم اللغة العربية في المدارس الثانوية لن يخُرج طفلاً من المساجد، ولن يحل مشكلة انتشار السلفية.

وكان معهد "مونتاني" الفرنسي حذر في تقرير حديث من "مصانع إنتاج الأسلمة مثل تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، ومصنع الإسلاميين في تركيا، وإيران بعد 1979" مشيراً إلى أن هذه التنظيمات مثل غيرها التشكيلات ذات الفكر المُتطرف، بما في ذلك السلفيين، تعمل على اكتساب مواقع لها داخل الجالية المُسلمة خاصةً بين الشبان الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً.

ودعا التقرير فرنسا إلى ضرورة وضع وسائل عمل وشبكات ناجعة قادرة على بث خطاب مُضاد للأفكار السلفية، فيما أعلنت باريس مُجدّداً أنها لا ترغب في توظيف أئمة مساجد من تركيا، والمغرب، والجزائر، وقررت تقليص عدد الأئمة القادمين من تركيا بشكل سنوي.

ورأى مدير معهد العالم العربي بباريس الدكتور مُعجب الزهراني، في تصريحات لـِ 24، أن الطرح الإيجابي لوزير التعليم الفرنسي قوبل بمبالغة كبيرة وتشدد من قبل بعض الجهات السياسية المعروفة، مؤكداً أن تعليم اللغة العربية، مطلوب في فرنسا من وجهة نظر أكاديمية، وهو حق مشروع لأبناء الجيلين الثاني والثالث من المُهاجرين.

وعن تعليم العربية في المساجد، ودوره في استقطاب الشباب لاتجاهات سياسية إسلاموية وفق مصالح بعض الدول والجماعات المُتطرفة، أكد أن اتخاذ قرار جدي بتعليم اللغة العربية في المدارس، سينهي  يطرح هذا الموضوع، لأن الحرمان من حق تعلم العربية، ورفض تبني سياسة رسمية بذلك، أسهم في في تفاقم خطر تشكيل توجهات الشباب عبر المساجد وفق آراء غير مناسبة، فتعليم اللغة العربية لأبناء الفرنسيين من أصول عربية وإسلامية، يُسهم فيما يُسمى بتوازن الشخصية، ويخلق الشخصية الإيجابية.

وأكد أهمية تعليم لغة عربية مُحايدة، وهي فرصة مناسبة لفرنسا أيضاً، يُمكن أن تُكسبها فوائد جديدة منها تخريج كفاءات تتقن لغة الضاد تُساعدها في المجالات الدبلوماسية، والثقافية، والاقتصادية، وأوضح أن مركز اللغة والحضارة في معهد العالم العربي يعمل على إعداد مناهج لغوية عربية خاصة تخضع للمعايير الأوروبية الموحدة في تعليم اللغات، باعتبارها لغةً مُحايدة دينياً، وعرقياً، وسياسياً.

وتوجه بهذه المناسبة برسالة لطلب دعم مركز اللغة والحضارة في المعهد، باعتباره عملاً حضارياً نبيلاً من واجب الجميع مساعدته لتعزيز جهوده في تعليم اللغة العربية بباريس، مُناشداً المسؤولين والمؤسسات الثقافية العربية الاهتمام بالعربية لغة حضارة أيضاً، وليس فقط لغة دين.

يُذكر أنه وسط جدل مُستمر في الأوساط النيابية والإعلامية الفرنسية، باشرت وزارة التربية والتعليم خطوات لإدراج اللغة العربية بشكل رسمي في المناهج الدراسية الفرنسية هذا الموسم 2018-2019، وبالتالي، أصبح بإمكان طلبة كافة المدارس الفرنسية الرسمية اختيار اللغة العربية لتعلمها لغةً أجنبيةً ثانية، مثلها مثل اللغتين الإسبانية والإيطالية، فيما تدرس الفرنسية إجبارياً، ثم الإنجليزية أوالألمانية لغةً أجنبيةً أولى.

ورغم معارضة نوّاب اليمين الفرنسي، إلا أنّ وزارة التربية والتعليم في فرنسا اتخذت قرارها النهائي، مُعتبرة أنّ تعليم اللغة العربية يصب في جهود وخطوات اندماج الجاليات العربية في المجتمع الفرنسي، ويُبعدها عن محاولات استقطابها على يد عدد كبير من أئمة المساجد في فرنسا، فيما تبحث الحكومة عن آليات لتأهيل مُتخصصين في الإسلام المُعتدل، وضمان تلبيتهم لمُتطلبات الاندماج في المُجتمع الفرنسي، مثل إتقان الفرنسية والحرص على التنوع الثقافي واحترام تراث وتاريخ وقانون البلاد، والحفاظ على مبادئ وقيم الجمهورية والعلمانية.

ومنذ الهجمات الإرهابية الكبرى التي ضربت العاصمة الفرنسية في نوفمبر(تشرين الثاني) 2015، تضاعفت رغبة الحكومة في السيطرة على تمويل وتوجهات وإدارة المساجد على أراضيها، والعمل على إبعاد المُتشددين والمُتبرعين لها من أصحاب الأجندات الخفية، والذين يُغذون الفكر المُتطرف من مبدأ التمويل مقابل التأييد والتنفيذ.