جنود أتراك في منطقة حدودية بين تركيا وسوريا.(أرشيف)
جنود أتراك في منطقة حدودية بين تركيا وسوريا.(أرشيف)
الأربعاء 26 سبتمبر 2018 / 12:03

لا خيار أمام أردوغان إلا الخروج من سوريا

كتب محمد أيوب، أستاذ فخري متميز في العلاقات الدولية لدى جامعة ميتشيغن، وزميل بارز لدى مركز "غلوبال بوليسي"، في موقع "ناشونال إنترست"، أن على تركيا القبول بخيار لا تريده، وأن تغادر سوريا سريعاً.

هجوم النظام ضد إدلب سيحصل عاجلاً أم آجلاً، وأن موسكو سوف تدعمه معه حال وقوعه

ويلفت الكاتب لعدم رغبة أنقرة بالخروج من سوريا، لكنها في الوقت نفسه، لا تريد المشاركة في صراع مسلح هناك. وقد توصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 17 سبتمبر( أيلول) لاتفاق مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي يقضي بإنشاء مناطق منزوعة السلاح تفصل بين قوات البلدين وأخرى تابعة لقوات معارضة في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا. وجاء ذلك الاتفاق في محاولة لمنع هجوم وشيك يحضر له النظام السوري لأجل استعادة السيطرة على آخر معقل للمتمردين في سوريا.

عزم مؤكد
ويرى أيوب أن الاتفاق المذكور يحتمل أن يكون قد أجل إلى حين الهجوم على المحافظة، ولكن يرجح أن لا يقود إلى حل دائم لأن نظام الرئيس بشار الأسد مدعوماً من روسيا مصمم على إخضاع إدلب. وتظل خيارات تركيا محدودة نظراً لنية الروس مساعدة الأسد في استعادة سيطرته على إدلب، والمناطق المحيطة بها. وعلاوة عليه، يدل انتشار بحري روسي أخير عند الساحل السوري وهجمات الجوية ضد مناطق في إدلب، على عزم موسكو على دعم القوات السورية.

استراتيجيات
وحسب كاتب المقال، عملت تركيا من خلال عدة استراتيجيات لتأجيل ما هو متوقع. فقد عززت وجودها العسكري عند نقاط مراقبة في إدلب بهدف تأكيد قرارها منع سقوط تلك المحافظة تحت قبضة قوات الأسد. كما تحاول تركيا طرد هيئة تحرير الشام( HTS)، فرع للقاعدة عرف سابقاً باسم جبهة النصرة. وتسيطر HTS على قرابة 60٪ من مساحة المحافظة، وتنشر قوات تركية فصائل معارضة إسلامية ووطنية ترفض وجود HTS المهيمنة هناك. وتأمل أنقره بالقضاء على HTS لأجل طمأنة الروس الذين يعتبرون الحركة تنظيماً إرهابياً، وهم مصممون على تدميرها.

مسألة وقت
ولكن بسبب علاقاتها المتوترة مع واشنطن، وازدهار علاقات تسلح وطاقة مع موسكو، ليست أنقره في وارد الدخول في مواجهة مع الروس. وتعذر التوصل إلى إجماع عند انعقاد القمة الثلاثية في طهران بين روسيا وتركيا وإيران. وهذا يرجح أن هجوماً واسع النطاق على إدلب ليس سوى مسألة وقت، وإن تم تأجيله. وقد طالب أردوغان، في قمة طهران، بوقف لإطلاق النار من جميع الأطراف. ولكن بوتين أعلن أن ذلك مطلب مرفوض لأنه لن يشمل HTS وسواها من التنظيمات التي تعتبرها روسيا إرهابية. كما أصر الرئيس الإيراني روحاني، على وجوب استعادة الحكومة السورية سيطرتها على جميع الأراضي السورية، وأن ذلك الهدف غير قابل للتفاوض.

استراحة مؤقتة
نتيجة لما سبق، يعتقد كاتب المقال أن اتفاق سوتشي ليس سوى استراحة مؤقتة. ويبدو أن هذه الهدنة تستند، في جزء منها، لرغبة روسية في عدم تحمل مسؤولية كارثة إنسانية يرجح أن تلي هجوماً للنظام على إدلب. كما أن نفوذ روسيا محدود على الأسد وقوات الحرس الثوري الإيراني وميليشيات شيعية متحالفة معه. وهذا يعني أن هجوماً للنظام ضد إدلب سيحصل عاجلاً أم آجلاً، وأن موسكو سوف تدعمه معه حال وقوعه.

وذلك ما ظهر بجلاء في حلب والغوطة الشرقية عندما أمكن التوصل إلى اتفاقيات مشابهة، ومن ثم انهارت عندما اقتلع الجيش السوري بدعم من قوات إيرانية وميليشيات شيعية حليفة، مقاتلين من المعارضة مع أنصارهم من المدنيين من تلك المناطق.

خيارات مكروهة

وبرأي كاتب المقال، في حال وقوع هجوم كهذا، يرجح أن تواجه أنقره خيارات صعبة. فقد تضطر لمحاربة قوات النظام السورية وحلفائها دعماً لقوات معارضة فيما تحاول صد هجوم جوي روسي داعم للهجوم. وسوف يؤدي ذلك لتوتر في العلاقات التركية – الروسية في وقت وصلت فيها العلاقة بين أنقره وواشنطن إلى الحضيض.

ومن شأن مغامرة تركية عسكرية جديدة أن تؤدي إلى سقوط قتلى أتراك أن تطيح بشعبية أردوغان.

ولذا يرى الكاتب أن لا خيار أمام الرئيس التركي سوى الخروج من المستنقع السوري، فضلاً عن السعي للتوصل مع إيران وسوريا لاتفاق يقضي بإقامة مناطق حماية للمدنيين في إدلب.