عملة إيرانية ودولار أمريكي.(أرشيف)
عملة إيرانية ودولار أمريكي.(أرشيف)
الأربعاء 26 سبتمبر 2018 / 11:32

تدهور العملة الإيرانية ناجم من ضعف هيكلي وسياسيات سيئة

كتب جواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في كلية فيرجينيا التقنية، وزميل غير مقيم لدى معهد بروكينغز للأبحاث، عن أسباب تراجع قيمة العملة الإيرانية التي فقدت، خلال الأشهر الستة الأخيرة ثلثي قيمتها، بعد انسحاب الولايات المتحدة رسيماً من الاتفاق النووي، لافتاً إلى رأي سائد حالياً في واشنطن، مفاده أن هبوط الريال ناتج عن عقوبات أمريكية، وهو مؤشر على انهيار اقتصادي قد يطيح بالنظام الإيراني.

استئناف العقوبات الأمريكية بمثابة لطمة قوية للاقتصاد الإيراني، ولكن لا يمكن قياس ذلك بمدى تدهور قيمة عملته الوطنية

وفيما يصادق كاتب المقال في مجلة "فورين أفيرز" على النظرية الأولى، يرى أن الثاني يستند لفرضيات زائفة. فعلى الرغم من تضرر الاقتصاد الإيراني نتيجة قرار ترامب الانسحاب من الصفقة النووية، يعود السبب الأكبر في تدهور العملة الإيرانية لقرارات سيئة صدرت عن طهران وإلى ضعف هيكلي، وإن فهماً مناسباً للعوامل التي عمقت الأزمة تشير إلى احتمال التخفيف من الصعوبات إذا تأقلمت إيران مع الوضع الجديد.

تفاؤل في غير محله
ويشير الكاتب لحالة من التفاؤل عمت أسواق إيران بعد يناير( كانون الثاني) 2016، عندما بدأ تطبيق الصفقة النووية. فقد نما الاقتصاد الإيراني بنسبة 12.5٪، رغم استمرار سريان بعض العقوبات الأمريكية. لكن في منتصف عام 2017، اتضح بصورة متزايدة أن الاتفاق النووي أصبح "في غرفة الإنعاش"، وأن إيران لن تعاود التفاوض عليه. ونجح شبح العقوبات في سحب البساط من تحت الاقتصاد الإيراني. وحتى قبل أن يعلن ترامب تخليه عن الاتفاق النووي، بدأ مدراء شركات غربية حزم حقائبهم ومغادرة طهران. فقد رجحت كفة الخوف من فقدان أسواق أمريكية، بالنسبة لشركات دولية، على أرباح غير مؤكدة في إيران. وتباطأ نمو إجمالي الدخل القومي، وتراجع الإنتاج الصناعي، وسواه من القطاعات. وكان الاستثناء هو الإنتاج النفطي، والذي زاد خلال الربع الأخير نتيجة تدافع المشترين للحصول على آخر شحناتهم من النفط الإيراني قبل أن تضرب عقوبات أمريكية القطاع النفطي في نوفمبر( تشرين الثاني).

قرارات خاطئة

ويرى كاتب المقال أنه فيما توقع الإيرانيون إعادة فرض عقوبات أمريكية، فاقمت عدة قرارات سياسية حدة الأزمة. وكان أبرز تلك الأخطاء الحفاظ على معدل الصرف ثابتاً خلال السنوات الأخيرة، من 2012- 2018 والتي ارتفعت خلالها الأسعار في إيران بمعدل الضعف بالنسبة لشركائها التجاريين.

وأما الخطأ الثاني الذي ارتكبته الحكومة فقد تم عبر التقليل من خطر العقوبات وأثرها على الريال. وعوضاً عن طمأنة مستثمرين إلى أن الحكومة مدركة للمشكلة، وأن لديها خططاً للتعامل مع تبعاتها الاقتصادية، ادعى مسؤولون بأن تراجع قيمة الريال الإيراني ما هو إلا فقاعة صنعها أشخاص وهميون داخل وخارج إيران، وأشاروا لفائض إيران التجاري ولاحتياطها الغني من العملات الأجنبية.

آليات مختلفة
وحسب الكاتب، غالباً ما تشهد دول نامية صدمات اقتصادية خارجية سلبية، وهي تبدأ عادة مع أزمة في العملة، ثم تنتقل إلى بقية الاقتصاد. وتختلف آليات هذا التحول كلية في إيران، لأنه وبفضل النفط، الدولة في إيران هي الجهة الرئيسية الرابحة من النقد الأجنبي، على خلاف دول كالأرجنتين وتركيا. وجاء استئناف العقوبات الأمريكية بمثابة لطمة قوية للاقتصاد الإيراني، ولكن لا يمكن قياس ذلك بمدى تدهور قيمة عملته الوطنية. وما جرى لاقتصاد إيران يرجع إلى حد كبير إلى تراجع مستوى الأوضاع المعيشية لدى الفقراء نتيجة تدهور قيمة عملتهم.

ضياع آمال
ويؤكد الكاتب أنه لا يدري كيف سيتجاوب الشعب الإيراني مع الضغوطات الاقتصادية. فهل سيطالب إيرانيون قادتهم بتلبية مطالب أمريكية، كما تأمل إدارة ترامب، أم يواصلون الاعتماد على سياسات انتخابية وعلاقات مع باقي العالم، كما يأمل متشددو إيران؟ 

ويذكر الكاتب بأزمة مشابهة سادت إيران، في عام 2012، وعندها لام الإيرانيون حكومة أحمدي نجاد بسبب عجزها ومعاداتها للغرب. وواصل الإيرانيون أملهم بالخروج من عزلة دامت أربعين عاماً عبر انتخاب إدارة أكثر اعتدالاً. وهكذا انتخب الإيرانيون حسن روحاني سعياً لتطبيع العلاقات مع الغرب. وإن كانت النتيجة مزيداً من الأزمات فقد يتجه الناخبون الإيرانيون نحو الأصوات الأقوى، تلك الداعية للتخلي عن الغرب والتحول نحو الداخل وإلى الشرق.