دمية تمثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اعتصام أمام البيت الأبيض.(أرشيف)
دمية تمثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اعتصام أمام البيت الأبيض.(أرشيف)
الجمعة 5 أكتوبر 2018 / 12:49

تقرير: أمريكا أكثر انقساماً من إسرائيل

قارن مارك شولمان، مؤرخ وكاتب عمود لدى مجلة "نيوزويك"، بين المجتمعين الأمريكي والإسرائيلي، وركز على الانقسامات الشديدة السائدة في الرأي حيال عدد من القضايا السياسية والاقتصادية المعاصرة.

ا الذي يفرق بين مواطني بلد كانوا، حتى وقت قريب، يؤمنون بأنه" شعلة العالم"

ويرى شولمان أن إسرائيل تشهد انقساماً عميقاً بشأن قضيتين أساسيتين، الضفة الغربية والدين. ويبدو أن قسماً كبيراً من الإسرائيليين يعتقد باستحالة الانسحاب من الضفة الغربية (المعروفة عندهم باسم يهودا والسامرة)، حيث منحهم الله الحق في تلك الأرض، ولا شيء يمكن أن يجبرهم على التخلي عنها. وفي المقابل، ترى فئة كبيرة من الإسرائيليين أنه من أسوأ الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل كان احتلالها شعباً آخر(الفلسطينيون)، وأن ذلك الاحتلال يجب أن ينتهي، بأي ثمن. وهناك بالطبع، مجموعة كبيرة من الوسطيين الراغبين بالعيش في سلام، ولكن ليست لديهم أية فكرة حول كيفية تحقيق ذلك الهدف.

انقسام آخر
ويلفت كاتب المقال لقضية أخرى ينقسم حولها الإسرائيليون، وهي الدين. وهناك من يعتقد أن وجود دولة يهودية يتطلب تطبيق المعتقد اليهودي، ما يعني، في معظم الحالات، اتباع أشد التعاليم الدينية. كما تعتقد فئة واسعة من الإسرائيليين بعلمانية الدولة في القرن الحادي والعشرين، حيث لا يمكن تطبيق تعاليم يهودية تعود إلى قرون.

خلافات أساسية
وحسب الكاتب، هذه خلافات أساسية، وقضايا تجعل الخلاف بين الجانبين غير قابل للتجسير. كما تعتبر تلك خلافات منيعة على الحل لأنه ليس لدى إسرائيل دستور؛ أي لا توجد وثيقة قانونية توحد بين أطياف الشعب. ورغم هذه الحقيقة، لم يصل الخطاب السياسي في إسرائيل قط إلى المستويات التي شهدتها مؤخراً الولايات المتحدة، حيث بات الخلاف بين الأمريكيين وحزبيهما الكبيرين على أشده، حيال أية قضية.

وربما، حسب الكاتب، يعود الأمر لأنه، بغض النظر عن المعتقدات السياسية، يتوجب على جميع الإسرائيليين الخدمة سوياً في الجيش. وقد يرجع السبب إلى إدراك الإسرائيليين أنه حالما تبدأ حماس أو حزب الله في إرسال صواريخهم نحو إسرائيل فهم لن يفرقوا بين اليمين واليسار، أو بين المتدينين والعلمانيين.

حيرة
ولذلك، يقول الكاتب إنه عندما يفكر بما يجري في الولايات المتحدة، يشعر بحيرة كبيرة وعجز عن فهم طبيعة الانقسامات الشديدة الجارية هناك. فما الذي يفرق بين أبناء بلد يتشاركون تاريخاً ودستوراً؟ ما الذي يفرق بين مواطني بلد كانوا، حتى وقت قريب، يؤمنون بأنه" شعلة العالم".
وكونه مؤرخاً، فهو يدرك كيف تأسست الولايات المتحدة الأمريكية بعد نهاية حرب أهلية مريرة. كما كانت قضية العبودية أشبه بفجوة غير قابلة للتجسير بين الأمريكيين، ولكنها انتهت إلى غير رجعة. من ثم، ما الذي يشغل أمريكا حالياً لدرجة دفعت بعض الأمريكيين للتخوف من نشوب حرب أهلية جديدة؟

دور فريد
ويتساءل الكاتب عما إذا كان ما يفرق بين الأمريكيين هي قضايا الإجهاض أو السلاح الفردي أو الفروق الكبيرة بين الأثرياء والفقراء، وخاصة في الريف الأمريكي. لكن تلك قضايا كثيراً ما شغلت الرأي العام الأمريكي. ورغم ذلك، لطالما وحد احترام الدستور بين الأمريكيين، فضلاً عن اعتقادهم أن لأمريكا دوراً فريداً ومتميزاً في العالم.

ويختم الكاتب رأيه بالإشارة لجملة تحديات سوف تواجهها الولايات المتحدة في الأعوام المقبلة، إلى جانب بقية أرجاء العالم، بما فيها أثر تغير المناخ والابتكارات التكنولوجية التي سوف تلغي ملايين الوظائف. وإذا حوَّل الأمريكيون كل خلاف بينهم إلى شجار حزبي يتعذر وضع نهاية له، فهم لن يكونوا مستعدين لمواجهة تلك التحديات، عدا عجزهم عن قيادة العالم في مواجهتها.