العراقية نادية مراد (أرشيف)
العراقية نادية مراد (أرشيف)
الجمعة 5 أكتوبر 2018 / 13:45

نادية مراد.. هزمت داعش مرتين

24 - محمود غزيل

بدأت قصة الفتاة الإيزيدية في العراق، نادية مراد باسي طه، عام 2014 عندما كانت تبلغ 19 ربيعاً. قبل ذلك التاريخ كانت تعيش حياة هادئة في قرية كوجو بقضاء سنجار شمال العراق.

إلاّ أن عام 2014 أرّخ حياة الشابة العراقية، ففي قرية كوجو التي تسكنها الأغلبية الإيزيدية، تجمع عدد كبير من سكان المناطق المجاورة هرباً من بطش تنظيم داعش الذي كان ينشر رعبه بين المباني وفي شوارع عدد كبير من المدن العراقية.

في صباح 5 أغسطس (آب)، نفذ داعش حمام دم، قتل فيه أكثر من 300 طفل وامرأة ورجل من أهل قرية كوجو، خسرت فيه نادية أمامها ستة من إخوانها، لأنهم رفضوا الانصياع لمطالب عناصر التنظيم الإرهابي، كما رأت أيضاً مقتل والدتها على يد الإرهابيين.

أما من بقوا على قيد الحياة، ونادية واحدة منهم، فقد تم ترحيلهم إلى الموصل، معقل تنظيم داعش الإرهابي.

ظلت نادية ثلاثة أشهر أسيرة لدى مقاتلي داعش، الذين استولوا في صيف 2014 على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق واجتاحوا قرى الإيزيديين والمسيحيين وغيرها من غير المسلمين.

وخلال تلك الأشهر عوملت فيها نادية مراد كجارية، تعرضت خلالها للضرب والتعذيب والاغتصاب، نفس المصير الذي عانت منه أكثر من خمسة آلاف من الإيزيديات في تلك المرحلة.



تقول نادية في مقابلة مع مجلة "تايم" الأمريكية، إن بعض النساء انتحرن بسبب اليأس، إلا أنها لم ترد الانتحار "وإنما أردت أن يقتلوني".

بعد عملية الاعتقال، تم "إهداؤها" لأحد مقاتلي داعش، الذي قام هو أيضاً بإهانتها وتعذيبها يومياً.

وعندما حاولت الهروب لأول مرة جرى عقابها، بوضعها في غرفة وأجبرت على خلع ملابسها وأساء الحراس معاملتها مراراً وتكراراً حتى كان يغمى عليها.

ولكن بعد ثلاثة أشهر من العذاب التام نجحت في الفرار، ومنذ ذلك الحين، تعيش نادية مراد في ألمانيا، وتكافح من أجل أن يعترف المجتمع الدولي بأن الفظائع ضد الإيزيديين هي إبادة جماعية.



بعدها بعامين تقريباً، تم تعيين نادية مراد سفيرة خاصة للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر في 18 ديسمبر (كانون الأول)؛ من أجل التنبيه إلى معاناة ما يقدر بـ 3400 من النساء والأطفال الإيزيديين، الذين ما زالوا واقعين بين براثن أفراد داعش المتعصبين. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون آنذاك إنه "شرع في البكاء" بسبب ما تعرضت له نادية، ولكن أيضاً بسبب "قوتها وشجاعتها و(شعورها) بكرامتها".

وفي الأمم المتحدة، تحدثت نادية مراد، وعينها يملؤها الحزن، عن الأسر والإذلال والعنف، الذي لا يعرف حدوداً، والذي تحتم عليها أن تعيشه هي و150 عائلة إيزيدية أخرى، "أنا هنا لتمثيل أولئك الذين ذهبوا ولا يمكننا أن نعيدهم (للحياة). وبذكراهم في قلوبنا سنستمر دائماً في مواصلة النضال".



وبدعم من محاميتها الشهيرة أمل علم الدين كلوني، تريد نادية محاكمة داعش أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ولكسب تأييد عربي وعالمي لقضية الإيزيديين، سافرت نادية حول العالم، وسجل لها لقاء رؤساء مصر والعراق واليونان وغيرهم.



وكانت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية رشحت ناديا، إضافة إلى السياسي النرويجي أودون ليسبكن، لنيل جائزة نوبل للسلام لدورها المهم في تعريف العالم بمأساة المرأة العراقية عموماً والنساء الإيزيديات بشكل خاص في المناطق التي احتلتها عصابات داعش الإرهابية.



واليوم، أعلنت لجنة جائزة نوبل النرويجية، إعطاء نادية مراد جائزة نوبل للسلام للعام 2018، مناصفة مع الطبيب الكونغولي دينيس موكويجي لمكافأتهما على "جهودهما لوضع حد استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب"، وتجسيدهما لقضية عالمية تتخطى إطار النزاعات"، وهي بذلك تنتصر على تنظيم داعش الإرهابي مرتين، حين نجت من بطشه، وعندما أصبحت ايقونة للسلام.