القيادي الفتحاوي الراحل ماجد أبو شرار (أرشيف)
القيادي الفتحاوي الراحل ماجد أبو شرار (أرشيف)
الثلاثاء 9 أكتوبر 2018 / 20:38

الحاضر والغائب في ذكرى أبو شرار

تأتي ذكرى اغتيال قيادي اليسار الفتحاوي ماجد أبو شرار هذا العام، وسط انهماك السلطة الفلسطينية وحزبها في محاولات عبثية لإعادة إنتاج صورتهما وتقديم ما سيتم ترميمه إلى شارع غاب أفقه وضاقت عليه الزوايا الضيقة.

للصدى الذي أحدثه اغتيال أبو شرار والطريقة التي اغتيل بها في روما مطلع ثمانينيات القرن الماضي حيزهما في الأسباب الكامنة وراء الاستخدام المتأخر لذلك القائد المثقف

حضور أبو شرار الحيوي وغيابه التراجيدي أحد الروافع المستخدمة لاستحضار الصورة الآخذة في التبدد والذوبان والانزياح عن الذاكرة منذ الخروج من بيروت صيف عام 82، مروراً بتوقيع اتفاق أوسلو الذي اختصر الشعب والأرض والقضية وإصرار قيادة المنظمة وفتح على التمسك بإفرازاته.

يأخذ الاستخدام عدداً من الأشكال بينها إطلاق اسمه على جائزة للإبداع والتحضير للاحتفاء به مع عدد من المبدعين والقادة الذين قضوا اغتيالاً بفعل جهات عُرف بعضها، ومازالت معرفة البعض الآخر تنتظر الكشف عن وثائق وأرشيفات أطراف دولية فاعلة في المنطقة.

استخدام هذه الرافعة المفترضة يعود لعدد من الأسباب بينها طبيعة أبو شرار التي ساهمت في تغيير الصورة النمطية لمثقف منظمة التحرير من خاضع ذليل للسياسي إلى مشتبك ومشارك في صنع القرار.

لا يقل عن هذا السبب نقاء الفكرة التي كان ينطلق منها والانسجام بين التفكير والممارسة الذي كرس ماجد ونمر صالح، وحنا ميخائيل، وناجي علوش، وغيرهم من القادة الرموز تياراً فاعلاً في حركة فتح ومنظمة التحرير ضم صفوة من مناضلي ذلك الزمن.

وللصدى الذي أحدثه اغتيال أبو شرار والطريقة التي اغتيل بها في روما في مطلع ثمانينيات القرن الماضي حيزهما في الأسباب الكامنة وراء الاستخدام المتأخر لذلك القائد المثقف بعد عقود من محاولات طمس وتنصل كرستها التفاهمات مع الجانب الإسرائيلي.

يساعد على سهولة مثل هذا الاستخدام غياب أجيال من الذين خبروا صراعات ما قبل المواجهة الكبرى بين تياري حركة فتح قبيل منتصف الثمانينيات حيث بات بالامكان تبديد الريبة التي صاحبت ملابسات الاغتيال وتقليص هامش الاعتقاد بتورط أطراف فلسطينية في توفير الظروف الملائمة للتخلص من مثقف مشتبك يربك الخط السياسي الذي عملت القيادة الفلسطينية على تكريسه.

الظروف والسياقات التي يأتي فيها فعل الاستعادة تكشف مراهنته على تجاوز مأزق الحاضر باستحضار بعض الغائب بمواصفات ومقاييس محددة وإبقاء جزء منه خارج سياقات التفكير.

وفي رهانهم على الانتقائية ورخاوة الذاكرة يسقط القائمون على الاستعادة احتمالات ظهور ما لا يريدون ظهوره من مشهد الثمانينيات المثقل بغموض وصراعات داخلية تكفي استعادتها لتجريم المسار الذي الحق الكوارث بالشعب الفلسطيني وقضيته.

كان بإمكان قيادة المنظمة وفتح تجاوز هذه المتاهة بالبحث عن روافع لحمل تناقضات التاريخ وتجنب مغامرة العبث معه وتوفير مناخات خطاب تصالحي مع الماضي بدلاً من تكريس الغموض والبناء عليه.