الفيل والحمار رمزا الحزبين الديمقراطي والجمهوري (أرشيف)
الفيل والحمار رمزا الحزبين الديمقراطي والجمهوري (أرشيف)
الأربعاء 10 أكتوبر 2018 / 20:38

وجهاً لوجه

بدا الانتصار واضحاً على وجه ميتش ماكونيل، السناتور الجمهوري، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، بعد عبور القاضي بريت كافانو إلى المحكمة العليا.

حرارة العملية السياسية بين الديموقراطيين والجمهوريين، في أمريكا، ترتفع، لو أردنا السخرية، مع ارتفاع درجات حرارة الأرض

وفي حديث له قال إن الوقت ما زال مُتاحاً، قبل 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، موعد الانتخابات النصفية، لترشيح المزيد من القضاة للمحكمة العليا. كان الديمقراطيون يأملون إسقاط القاضي بريت كافانو، قبل التجديد النصفي للانتخابات، كدفعة دعائية تشجيعية لمؤيدي للحزب الديمقراطي الذين وصفهم ميتش ماكونيل بالرعاع.

نقطة ضعف الديمقراطيين، سرعة الإحباط، فهم صغار في السن مثاليون، وفنانون، واستعراضيون، وبارعون في صناعة النكتة بعد الهزيمة. هوليوود الديمقراطية، أخرجتْ سريعاً فيديوهات كوميكس، تسخر فيها من السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل.

ما لا يفهمه الديمقراطيون، أن قواعد الجمهوريين، البيضاء الإنجيلية البليدة، لا تفهم النكتة، أو هي مُحصنة ضد النكات، بدروع التزمت والعنصرية والشعبوية. لسان حال الجمهوريين الآن: لكم النكات ولنا المناصب.

يقول الديمقراطيون إن الغضب أطول عمراً من السعادة. والإشارة إلى انتخابات التجديد النصفي بعد أسابيع قليلة. يُسمي الجمهوريون بعض المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام الكابيتول هيل، أثناء التصويت النهائي على القاضي بريت كافانو، باليساريين الفوضويين. بدأتْ رؤوس الأموال تُضَخُ بغضب أيضاً، من أثرياء الأوليغاركية، لتمويل الحملات الانتخابية.

استطلاعات الرأي عند الجمهوريين تؤكد أنهم سيحتفظون بمقاعد مجلس الشيوخ، واستطلاعات الرأي لدى الديمقراطيين، تُعول على غضب النساء، وتتوقع موجةً زرقاء تكتسح الجمهوريين، حُمْر الرقبة.

يرصد الديمقراطيون، دون ارتياح، تحرك الجمهوريين، كحزب واحد، للمرة الأولى، في التصويت للقاضي كافانو. وفي تفسير أكثر تشاؤماً، يرى بعض الديمقراطيين، أن فتور الجمهوريين أمام شخصية ترامب، تحول إلى تأييد مطلق، سيما وأن السناتور سوزان كولينز، عن ولاية ماين الجمهورية المعتدلة، صوتت لصالح القاضي بريت كافانو، وكان الديمقراطيون يعلقون عليها الآمال، لأنها أبدت ترددها في التصويت المبدئي لكافانو، لكنها في لحظة التصويت النهائي خانتْ النساء، كما يرى الديموقراطيون، وانحازتْ لحزبها، ولترامب معاً.

لم تسلم السيناتور سوزان كولينز من كوميكس السخرية الهوليوودي، وبعد أن كادت قبل التصويت النهائي، ترتقي إلى مكانة هيلاري كلينتون في السي إن إن، انقلبتْ عليها الميديا 180 درجة، ولم يفترض أنها هي أيضاً سياسية، وعنها حسابات حزبية تكتيكية، لا تتعلق بالأخلاق، وتظهر فجأةً في اللحظة الأخيرة، في اللحظة القاتلة.

يرى الفيلسوف، وعالِم اللسانيات نعوم تشومسكي، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تواجه أوقاتاً عصيبة، فرغم أنها لا تزال القوة العظمى الوحيدة، إذا أخرجنا روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي من غرفة إدارة العالَم، وتركنا مؤقتاً الصين على باب الغرفة، وعلى وشك الدخول، إلا أن الولايات المتحدة، لم تعد قادرةً على تحقيق النتائج التي تناسب طموحاتها وأطماعها، لكنها ما زالتْ تستطيع افتتاح أحداث كبرى، أو بمعنى أصح، تفتتح حروباً لا تنتهي، والحروب تؤدي إلى هجرات، وتغيرات ديموغرافية، وأمشاج الهجرات المختلطة، تؤدي إلى صعود اليمين المتطرف الإنجيلي النقي، الأصولي، والنقاء الأصولي الأبيض، جاء بدونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة الأمريكية.

مشكلة النظام الديمقراطي الأمريكي، كما يراه تشومسكي، في سيطرة أثرياء الأوليغاركية، على العملية الانتخابية برمتها، وهذا المال ليس حزبياً، وليس أخلاقياً على الإطلاق، ولهذا يبدو الديمقراطي، والجمهوري على حد سواء، طوال الوقت، في حالة تهافت أخلاقي، في حالة تنطع أخلاقي. المال ينحاز إلى نفسه فقط، ويُضاعف نفسه فقط.

المعضلة أن السياسة الأمريكية، تتطلب بشدة الخطاب الأخلاقي، حقوق الإنسان مثلاً في الظاهر، وفي الباطن صناعة حروب، وتجارة سلاح، ونهب ثروات بلاد بأكملها.

في الظاهر تأخذ أمريكا على عاتقها نشر الديمقراطية في العالَم أجمع، دون أن تستخدم كلمة مثل الشمولية، أو التوتاليتارية لوصف عملية النشر الكوني.

هناك إشارة، وهي أن حرارة العملية السياسية بين الديموقراطيين والجمهوريين، في أمريكا ترتفع، لو أردنا السخرية، مع ارتفاع درجات حرارة الأرض. الديمقراطيون والجمهوريون يتعرضون للذوبان مع اقتراب 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كما تذوب جبال القطب الشمالي.

 احتباس حراري ديموقراطي. ديموقراطية استوائية. حسْرة الشمعة على إللي ساح منها.