الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الأربعاء 10 أكتوبر 2018 / 21:10

ترامب يقول ... احذروني

أمريكا وبتقويم موضوعي هي أكبر وأقدر بكثير مما يصورها ترامب، الذي أصاب السياسة الأمريكية في عهده بعمى الألوان.

حين يؤدي رئيس الولايات المتحدة دوراً فيه من التعالي على الأصدقاء والتواضع أمام الأعداء، تكون واشنطن ذاتها الخاسر الأكبر

عند ترامب يتساوى الحليف مع الخصم، والصديق مع العدو، بل إن الأصدقاء والحلفاء هم الذين يتلقون الضربات من جانبه. دلونا على دولة أو هيئة أو منظومة موجودة على وجه الأرض لم تتلق من ترامب الشتائم، والتهديدات، والاتهامات، وحتى الإهانات.

الدرع الدولي والعالمي للولايات المتحدة الذي هو حلف شمال الأطلسي لم ينج من حروبه الكلامية، والأمم المتحدة التي يعتبر مجرد وجودها داخل الدولة العظمى مكسباً أمريكياً قبل أن يكون دولياً، فلا حضور لها في خطاباته وسياساته إلا الإهانة واعتبار ما ينفق عليها أموالاً مهدرة، ناهيك عن الدول مثل ألمانيا، وكندا، فإن اللطمات التي يوجهها لها أخف بكثير من تلك التي وجهها إلى كوريا الشمالية أيام السجال الملتهب بينه وبين نظيره كيم جونغ أون، والذي تحول بفعل مزاج الرئيس الأمريكي، الى عشق يتجدد كل يوم.

وبالنسبة إلينا نحن أهل الشرق الأوسط، الذين أقمنا وزناً موضوعياً للدولة العظمى، وحيث تتجمع أهم المصالح الأمريكية على أرضنا، فنراه يصر على التعامل مع دول وشعوب المنطقة باستثناء إسرائيل طبعاً كمختطف لطائرة أو باخرة، يهدد بتدميرها إذا لم تصله حقيبة مليئة بالمال، وهكذا يدير ترامب علاقة الدولة العظمى بحلفائها وأصدقائها، وبدرجة أقل بخصومها التقليديين الذين ينهشون أطراف وقلب الولايات المتحدة، وهو يغمض العينين عما يفعلون.

ما الذي تستفيده أمريكا حين تقدم نفسها للعالم على أنها تقوده بمنطق ترامب؟

من يدقق في مقاييسه وسياساته لا يصدق أن الرجل يعيش في القرن الحادي والعشرين، فكل الذين يعملون في مجال السياسة يدركون القاعدة الذهبية التي تبنى عليها المواقف والعلاقات ... المصالح المتبادلة، وعبر التاريخ أخذت أمريكا من كل العالم أكثر مما أعطت، وحين يؤدي رئيس الولايات المتحدة دوراً فيه من التعالي على الأصدقاء والتواضع أمام الأعداء، تكون واشنطن ذاتها الخاسر الأكبر في هذه الحسبة، ذلك أن سياسة تبنى على التهديد، والوعيد والتعالي سترغم الخصوم وغير الخصوم على انتهاج سياسات تحاصر الغرور الأمريكي، وتبني معادلات مستقلة دون خوف من الدولة العظمى التي لن تستطيع مهما بلغت من قوة أن تحارب العالم، وتخضعه وترغمه على الإذعان لها ولنزوات رئيسها .

ما يفعله ترمب تجاه أصدقائه أو من يُفترض أنهم كذلك، يمكن تلخيصه بكلمتين اثنتين .. أيها الأصدقاء احذروني.