الجمعة 12 أكتوبر 2018 / 15:17

إيران: إقرار بالأزمة الاقتصادية.. ولا حلول

24-أحمد إسكندر

ليس معجون البندورة "الطماطم" وحدهُ ما فضح ضعف المؤشرات الاقتصادية والهشة للاقتصاد الإيراني، لكنه كشف الكثير عن أثر العقوبات الأمريكية في إيران.

الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية باتت "قاب قوسين أو أدنى"، ومن المتوقع أن تؤدي إلى أزمات "سلعية" مع انخفاض الريال الإيراني إلى مستويات قياسية أمام الدولار الأمريكي، وتراجع صادرات الخام الإيراني الأمر الذي من شأنه رفع التضخم إلى مستويات يصعب توقعها.

إقرار بالأزمة
الإقرار الرسمي بالأزمة الاقتصادية، جاء من أعلى الهرم الإيراني، حيث طلب المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، من المسؤولين التوصل سريعاً إلى حلول للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تخلفها العقوبات الأمريكية.

وقال خامنئي خلال استقباله رؤساء السلطات الثلاث في إيران: "ليس هناك ثمة أزمة أو مشاكل في البلد لا يمكن حلها، يجب على المسؤولين التوصل إلى حلول للتغلب على المصاعب الاقتصادية القائمة، وإصابة العدو بخيبة أمل بحلها"، على حد تعبيره.

ونقلت وكالة "تسنيم"، المحسوبة على النظام الإيراني، أن خامنئي ناقش على مدى ساعتين ونصف الساعة خلال لقاء مع رؤساء السلطات الثلاث القضايا الاقتصادية في البلاد، مطالباً بحل المشكلات الاقتصادية وتوفير متطلبات الشعب مؤكداً أن هذا الأمر بحاجة إلى "جهود جبارة"، ربما يصعب على المسؤولين الإيرانيين التعامل معها.

تهريب العملة
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط"، في عددها الصادر اليوم الجمعة، إن المحكمة العليا في إسلام آباد رفضت طلباً لإسقاط التهم التي تقدم به عضو مجلس الشيوخ السابق، فيصل رضا عابدي، المقرب من الرئيس الأسبق، آصف علي زرداري، المتهم بتبييض أموال بمئات الملايين من الدولارات مع شقيقته، فريال تالبور، وأكد اعتقل عدد من المقربين منه من مديري البنوك والاقتصاديين، الذين وضعت أسماؤهم على قوائم الممنوعين من السفر، وتبحث السلطات الباكستانية، عن صلات لعمليات تبييض الأموال، بالدعم الذي تقدمه الجهورية الإيرانية، لعدد من الحركات؛ منها ميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، وحركات أخرى في الخليج مثل، التيار الشيعي في العراق، وحزب الله في لبنان.

وأشار الكاتب إلى أن فوائد عمليات تبيض الأموال كانت تذهب إلى إيران، وتقوم طهران بشراء كميات ضخمة من الدولار الأمريكي من السوق الباكستانية في مواجهة العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الحكومة الإيرانية.

وذكرت مصادر للصحيفة من إقليم بلوشستان الباكستاني، أن حركة تهريب العملة من العملات الأجنبية تحديداً، من باكستان عبر الحدود الإيرانية، أدى إلى تدهور سعر صرف الروبية الباكستانية بشكل مفاجىء، وهو ما حث السلطات على تدراك الموضوع، ووقف صرف العملات الأجنبية، وفي أسعار أعلى من أسعارها الحقيقة بكثير في أسواق الصرافة الباكستانية، تجنباً لنفاذها ونقلها إلى الداخل الإيراني.

انخفاض قيمة الريال الإيراني بنسبة 70% هذا العام دفع المواطن الإيراني إلى الإقبال على شراء العملات الأجنبية الأخرى، الأمر الذي جعل الصادرات أكثر قيمة بالعملة المحلية بدلاً من بيع المنتجات في السوق المحلية، فيما تواجه البنوك وصناديق المعاشات الإيرانية صعوبات كبيرة بسبب ديون هائلة متراكمة على الأفراد والشركات.

الضربة الموجعة
الحزمة الثانية أو "الضربة الموجعة" ستكون مع سريان العقوبات الأمريكية، على صادرات النفط الإيرانية، في نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، ويخشى الإيرانيون أن تدخل بلادهم ركوداً اقتصادياً تاماً ربما سيكون الأسوأ منذ الفترة من 2012 إلى 2015 التي طبقت على بلادهم فيها عقوبات اقتصادية كبيرة.

ومن الأن بدأت بعض المتاجر برفع لافتات على أرُف بعض المشتريات مكتوب عليها "كل زبون له علبتين فقط"، بينما أوضح موقع "ديجيكالا" الإيراني للتسوق الإلكتروني، أن هناك أنواع ومواد وسلعاً تعتبرُ من الأساسيات غير متوافرة، فيما كتب إلى جانب الكثير من الأنواع الأخرى "ستصل قريباً" وهو ما ينذر بتغلغل أزمة اقتصادية ليست عابرة في إيران.

عوامل جيوسياسية
صندوق النقد الدولي، كان قد تنبأ هذا الأسبوع بأن الاقتصاد الإيراني سينكمش إلى ما نسبة 1.5% هذا العام، وبنسبة 3.6% عام 2019، كما من المتوقع أن يقفز معدل التضخم إلى 34% العام المقبل مسجلاً قراءات مماثلة للعام 2013 ما عرف عنه بعام "الركود".

وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، قال في أغسطس (آب) الماضي: "أعتقد أن عودة العقوبات كان لها أثر مدمر على اقتصادهم وأعتقد أن الأمر سيزداد سوءاً".

في المقابل، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، مراراً وتكراراً، على مواصلة الولايات المتحدة، العمل مع شركائها وحلفائها لمواجهة "التهديد الإرهابي الذي يشكله النظام الإيراني".

بالتزامن مع ذلك كله أعلنت باريس تجميد أصول إدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية، إضافة إلى أصول إيرانيَيْن أحدهما أسدي الذي، "تمّ التأكّد من أنه عميل استخبارات" إيراني، وفق مصدر ديبلوماسية فرنسي، حيث عَمدَ الأخير إلى التجسس، والتخطيط والتدبير لاستهداف مؤتمر المعارضة الإيرانية في فرنسا الذي عقد أخيراً.

من جهة أخرى، ألغت صربيا إعفاء الإيرانيين من تأشيرات الدخول إليها تجاوباً مع طلبات متكررة من الاتحاد الأوروبي، وبعد محاولة كثيرين من الإيرانيين تحديداً من يحسبون على النظام الإيراني، من العبور إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بجوازات وهويات مزورة تساعدهم على تجنب العقوبات وحظر السفر المفروض عليهم.

وكانت صريبا أعلنت أن أكثر 15000 ألف إيراني دخلوا إلى صربيا منذ إلغاء التأشيرات في آب (أغسطس) الماضي، ومنهم كثيرين انتقلوا إلى أوروبا الغربية بدلاً من العودة إلى بلدهم إيران.