الأحد 14 أكتوبر 2018 / 21:37

إيران تواجه العقوبات بغسيل الأموال

24-أحمد إسكندر

حتى قبل فرض عقوبات نفطية إضافية في نوفمبر(تشرين الثاني)، تسببت الإجراءات الأمريكية ضد إيران بلا شك في ألم اقتصادي شديد، ومع ذلك فإن العديد من السياسيين المقربين من طهران تتنبأ بالعودة السريعة لطهران إلى طاولة المفاوضات.

وفي مقال للصحفية، باريا علم الدين، في صحيفة عرب نيوز، الناطقة بالإنجليزية، قالت إن "الداخل الإيراني والمقصود به الحرس الثوري الإيراني، يرى أو يعتقد أن موضوع العقوبات أولاً وأخيراً مجرد كشف عن "عضلات ترامب"، وعلى النظام الإيراني أن لا ينفجر ببساطة، وعلى قادتهُ السياسيين والعسكريين أن يستغلوا هذه التوترات المتجددة، وأن يحملوا الولايات المتحدة سوء النية، مع الإصرار على أن إيران يجب ألا تتفاوض أبداً في المقام الأول مع أمريكا".

أباطرة الحرب
وذهبت الكاتبة إلى أن هذه الجماعات شبه العسكرية التي ترعاها وتمولها الجمهورية الإيرانية أو من يعرفون بـ"أباطرة الحرب" أو شبه العسكريين تسارع الآن إلى إثراء أنفسهم من خلال الهيمنة على الشبكات الإجرامية الإقليمية، معلنة بذلك حقبة أن صح التعبير "مربحة" جديدة للتهرب من العقوبات الأمريكية التي عاد ترامب لفرضها على إيران.

وعلى سبيل ذكر الشيء نظام "مافيزيو" في طهران ليس جيداً لاقتصاد وقت السلم، إلا أنه يعمل على أفضل وجه من خلال الجريمة المنظمة والتشدد والعصابات، وهدفهُ الول والأخير التهرب من العقوبات، وهذا ما حصل بالفعل، حيث بدأت ناقلات النفط الإيرانية، بنقل آلاف البراميل من النفط حول العالم، ببساطة عن طريق، أما "تحويل منارات التتبع الخاصة بها"، أو "السفر تحت أعلام الدول الأخرى"، والطريق المفضلة هي "تزوير الوثائق"، وفي الوقت نفسه، بدأت الشركات التابعة "للإمامة الإيرانية" في جميع أنحاء العالم بغسل الأموال الإيرانية وتهريب الأسلحة والسلع وغيرها.

وأشارت الكاتبة إلى أن "الرئيس حسن روحاني سلط الضوء بشكل غير مباشر على حجم تجارة النفط السرية عندما تفاخر بأنه سيخفض القيمة السنوية لهذه الأنشطة من 22 مليار دولار إلى 12.5 مليار دولار"، وهنا تأمل إيران أيضاً في نقل حوالي مليون برميل يومياً من خلال ما يعرف بــ"تبادل الطاقة"، وهي عملية أدت قبل العام 2015 إلى خلق جيل من عرف "بجيل المستغلين"، في عهد الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، حيث سارع نظام العقوبات إلى الاستيلاء من قبل الحرس الثوري الإيراني على الاقتصاد الإيراني، في حين أدت سوء الإدارة والضرر الذي لحق بإدارة أحمدي نجاد الاقتصادية، إلى مقتل رجال الأعمال الشرعيين، واستحوذت قوات الحرس الثوري "حامي الثورة الإسلامية" للسيطرة على أعمال الشركات الشرعية فيها دون حسيب أو رقيب.

اتفاق أوباما "معيب"
وذكرت الصحفية، باريا علم الدين، الجدال حول مقال حديث نشرته مجلة السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أثار جدلاً كان أبرزهُ أن المسؤولين الأمريكيين قللوا عمداً من أنشطة التهريب التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني لأن "الحظر التجاري يظهر بشكل تجريبي أن له تأثيراً كبيراً على حجم وقيمة التهريب في إيران، إلى السوق السوداء التي سيطر عليها الحرس الثوري الإيراني خلال "إدارة الرئيس الأمريكي، أوباما".

ويذهب التقرير إلى أن غض الطرف عن الشبكات الإجرامية التابعة للحرس الثوري الإيراني، خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق، أوباما سمحت للعديد من المتاجرين بالأنشطة غير الشرعية، ومنها، تجارة المخدرات الدولية، التابعةً لـ"حزب الله" تحديداً بالتسلل إلى الشبكة لتجنب المضايقة والأزمة المالية المفروضة عليها، وتقويض الاتفاق النووي "المعيب" مع الجمهورية الإيرانية.

وتتطلع إيران للاستفادة من سيطرتها المتنامية او المتصاعدة أن صح التعبير على العراق، وسوريا، ولبنان، حيث عقد الوزراء الإيرانيون مؤخراً اتفاقات مع نظام الأسد، لاحتكار مشاريع إعادة الإعمار، بما في ذلك خطة طموحة لإعادة هيكلة وبناء جيش النظام السوري، ويعطي هذا النفوذ تيارات متعددة لإيران وطرقاً إضافية لتهريب النفط والسلع، وهذا الأمر دفع وزارة الخزانة الأمريكية إلى فرض سلسلة من الإجراءات العقابية على هذه الدول بسبب تعرض الأنظمة المالية فيها على نطاق واسع لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

غسيل الأموال
وبحسب الكاتبة فإن الجهود الإيرانية لا تقف على المؤسسة الرسمية القائمة بالولاية في إيران هناك جهود يبذلها حتى من هم محسوبون على السلطة ومن هذه الجهود ما يبذله أحمدي نجاد، للوصول إلى قيادات أمريكا اللاتينية، التي يعتبر بعضها "متواطئاً في تجارة المخدرات"، وبدأ حزب الله من جهة أخرى، بنقل كميات كبيرة من المخدرات، والسلع المهربة عبر القارة الأمريكية، حيث تم غسل المليارات من الإيرادات عبر النظام المصرفي، ومن أبرز الحوداث الكاشفة للإجرام الإيراني، احتجاز الشرطة البرازيلية، شخصية محورية لعمليات مخدرات حزب الله، في أمريكا الجنوبية، في الشهر الماضي، وهو أحمد أسعد بركات، ومثل هذه الأنشطة لها تأثير مدمر على المجتمعات المحلية، ومن المفارقات أن "أعلى معدلات الإدمان على المخدرات موجودة داخل إيران نفسها".

إيران شاركت بشكل كبير في تهريب الأسلحة عبر إفريقيا، ولديها سجل من التعاون مع شبكات التجارة العالمية "غير القانونية" للحصول على أجزاء ومعدات لأنشطتها البالستية على صواريخها النووية، والمفارقة أن تشارك إيران في أنشطة تساعد في قتل الملايين، بدلاً من استخدام هذه العائدات لتخفيف معاناة المواطن الإيرانيين ، في حين تذهب هذه الأموال إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والقوات شبه العسكرية العراقية، والسورية، واللبنانية، واليمنية ، التي تستخدم الابتزاز والاختطاف، والقتل، والتعذيب، والتدمير لزعزعة استقرار تلك الدول الخاصة.

جنون العظمة
وأوضح سياسي غربي بارز أنه كان هناك بعض التعاطف في السابق تجاه مواقف طهران العدوانية "ألم تكن إيران محاطة بأعداء"؟ في حين يمكن معالجة المخاوف الأمنية الشرعية بشكل ودي ، أما أيديولوجية الحرب التي تطمح إلى التفوق الإقليمي تصبح أكثر جشعاً من خلال محاولات التهدئة، هذه الطموحات الإقليمية والتي تتلخص بــ"جنون العظمة" أن صح التعبير لفيلق القدس التابع لقاسم سليماني، ميليشيا الحوثي في اليمن، وحزب الله، في لبنان، والحشد الشعبي، في العراق ما هم إلا أدوات لتحقيق الهدف المتمثل في "تصدير الثورة والهيمنة على المنطقة".

الأمر لا يتعلق فقط بالحفاظ على صادرات النفط أو الدفاع عن النفس في إيران، بل يتعلق بالاستفادة من مجموعة هائلة من الأنشطة غير القانونية لتمويل استراتيجية شبه عسكرية هجومية، واستغلال نقاط الاختناق التجارية مثل مضيق هرمز، ومضيق باب المندب، وشرق البحر الأبيض المتوسط، لحمل العالم على دفع "الفدية" وظهر ذلك جلياً من خلال التهديد الإيراني لوقف التجارة في هذه المعابر.

العقوبات لم تردع إيران
من الجانب الأمريكي لم تكن عقوبات ترامب مصممة لوقف التوسع الإيراني؟ ترامب تمتع بتمزيق الصفقة النووية، والهدف الأساسي إفساد سياسة أوباما التي لم تراعي بعض الجوانب في الاتفاق مع إيران في 2015 وهذا ما جعل ترامب يبدو قوياً، لكن مع ذلك كله ظهر على ترامب عدم فهمه الأساسي للتهديد الذي يشكله نظام العصابات هذا (النظام الإيراني).

فالعقوبات ضرورية وفي بعض الحالات تعمل ومع ذلك، ودون مواجهة الثغرات بقوة، تصبح العقوبات مجازفة، بدلاً من ذلك، يصر ترامب ويدعي أن سياسته في الشرق الأوسط لا تشوبها شائبة في هذه الأثناء، يحاول الاتحاد الأوروبي تقليل الضرر من خلال يبدو كسر حواجز أمريكا لاسترضاء طهران من خلال آلية تمويل غريبة في المحصلة لا يعتقد أحد أنها يمكن أن تعمل على أي حال في ظل العقوبات المفروضة.

حقبة الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، شهدت توسع الحرس الثوري الإيراني من كونه من مخلفات الماضي الثوري الإيراني إلى وحش ممول بسخاء من المناطق، يحاصر الاقتصاد فيها، وينشر الإرهاب في الخارج ويسعى إلى مسار أكثر تصادمية حتى مع قوى عالمية.

وترى الكاتبة أنه في النتيجة إذا لم ينسحب ترامب وأوروبا والمجتمع الدولي من الاتفاقات مع الجمهورية الإيرانية، ويتصرفون بسرعة وحسم مع معها، فإننا "نخاطر بمعاناة ومرحلة جديدة من توسع للحرس الثوري الإيراني".