المجلس التشريعي الفلسطيني.(أرشيف)
المجلس التشريعي الفلسطيني.(أرشيف)
الإثنين 15 أكتوبر 2018 / 19:39

مرة أخرى.. الحل هو الحل

ينبغي حل المجلس التشريعي، ولكن أيضاً ينبغي حل السلطة الحاكمة في الضفة لأنها لم تستطع تحقيق أي إنجاز سياسي، بل أصبح وجودها مريحاً للاحتلال

 في شتاء العام 2006 عاش الفلسطينيون تجربة ديمقراطية قادت نتائجها إلى وأد الديمقراطية في الحياة السياسية الفلسطينية. أعني انتخابات المجلس التشريعي التي مكنت حماس من الحصول على أغلبية برلمانية كبيرة مكنتها من رئاسة المجلس، ما أتاح لها حضوراً رسمياً غير مسبوق في المشهد الفلسطيني.

بعد تلك الانتخابات التي كانت من مخرجات اتفاق أوسلو أصبحت حماس شريكاً في السلطة رغم رفضها لهذا الاتفاق وتخوينها من وقعوه، وأصبحت شريكة للفصائل الفلسطينية المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية رغم وجودها خارج المنظمة ومعارضتها لها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني!

كان المشهد محيراً وصادماً لمن اتكأوا على قدرة حركة فتح على التفرد بقيادة المؤسسات الفلسطينية، وقيادة العمل الفلسطيني برمته، لكن النتائج التي حصدتها حركة حماس في تلك الانتخابات لم تكن في الواقع تعبر عن قوة ونفوذ الجماعة والإسلام السياسي في الساحة الفلسطينية بقدر ما كانت تترجم رفض المجتمع الفلسطيني للمزاوجة بين السلطة الرسمية والتنظيم الثوري، ورفض تذويب فتح في السلطة وما أسفر عنه من فساد بائن.

كانت الانتخابات بالفعل حرة ونزيهة، ولم يجر التلاعب بالنتائج وتزوير أوراق الاقتراع، لذا سقط الحكم وفازت المعارضة.. نظرياً يبدو ذلك مريحاً للطهرانيين ودعاة الإصلاح، لكن الواقع كشف غير ذلك، لأن الجماعة التي استخدمت الآليات الديمقراطية لا تؤمن بالممارسة الديمقراطية أصلاً، وتعتبرها بدعة غربية. وقد عبرت عن هذه القناعة في انقلابها الأسود على الشرعية في غزة، وتحويلها القطاع الساحلي الفلسطيني إلى إمارة إسلامية تدار وتحكم بفتاوى الشيوخ ويخضع فيها المجتمع إلى ما يقرره أئمة الزوايا وحلقات الذكر.

لم تتغير حماس، وما زالت الحركة تعتبر أوسلو اتفاقاً خيانياً، وما زالت تتفرد بحكم غزة التي خرج منها الاحتلال نتيجة ذلك الاتفاق، وهي تعتبر السلطة الحاكمة في الضفة سلطة غير شرعية، ومنتهية الصلاحية، لكنها تصر في الوقت نفسه على الإبقاء على سلطتها في غزة، وعلى بقاء المجلس التشريعي الذي تحكمه رغم انتهاء مدته.

في المقابل، فإن السلطة الحاكمة في الضفة والتي تتشارك مع سلطة غزة في مشروع الانقسام التدميري، تصر على محاولة إقصاء حماس وإخراجها من المشهد الفلسطيني، وإن كان ذلك على حساب أهل غزة وإقصاء القطاع كله، وكأنه ليس جزءاً من أرض فلسطين التاريخية، وليس جزءاً من جغرافيا الدولة الموعودة.

في ظل هذا الوضع الشاذ تحرك المجلس الثوري لحركة فتح ليوصي المجلس المركزي لمنظمة التحرير التي تمتلك نظرياً الولاية السياسية الكاملة، بحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات برلمانية خلال عام من قرار الحل.

هذه خطوة صحيحة، بغض النظر عن مبرراتها ودوافعها، لكنها مجرد خطوة واحدة من خطوات كثيرة ينبغي الإقدام عليها إذا كان المطلوب هو الإصلاح السياسي.

ينبغي حل المجلس التشريعي، ولكن أيضاً ينبغي حل السلطة الحاكمة في الضفة لأنها لم تستطع تحقيق أي إنجاز سياسي، بل أصبح وجودها مريحاً للاحتلال.
بالتوازي ينبغي حل سلطة حماس في غزة، ودعوتها للمشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية بحسب النظام الداخلي في المنظمة وليس على أساس المحاصصة والاستجابة لمطالب الحركة التعجيزية.

أما إجراء انتخابات جديدة فإن ذلك لا يبدو الآن مناسباً لأن الضفة تحت الاحتلال وغزة تحت رحمة الاحتلال. وعلى السلطتين أن تدركا أن فلسطين ليست سويسرا.

حل السلطات هو الأمر الذي تخشاه إسرائيل لأن ذلك يضعها أمام مسؤولياتها كقوة احتلال بحسب المواثيق الدولية.
وهو الذي قد يمهد للتفكير بمشروع النضال لتحقيق الدولة الواحدة، بعد أن ثبت عملياً استحالة تحقيق حل الدولتين.
الحل هو الحل.. ولعل لسان حال الفلسطينيين يقول الآن: حلوا سلطتيكما أو حلوا عنا.