الرئيس الإيراني حسن روحاني (أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني (أرشيف)
الأربعاء 17 أكتوبر 2018 / 13:16

هل تؤثر العقوبات الأمريكية فعلاً على السياسة الخارجية لإيران؟

عمدت إيران في السنوات الماضية، إلى تنفيذ مجموعة متنوعة من السياسات لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، إذ يدرب الحرس الثوري، ميليشيات في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، ويمولها ويسلحها، بما يتعارض مع الأهداف السياسية للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في المنطقة.

العقوبات الأمريكية كان لها تأثير "مدمر" على الاقتصاد الإيراني، بيد أن تأثيرها على السياسة الخارجية الإقليمية لإيران سيكون أقل وضوحاً

 ويستعرض الصحافي آدم لامون، في تقرير بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، وجهات نظر عدد من الخبراء حول العلاقات الأمريكية الإيرانية، ومدى تأثير العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران.

انتهازية إيران

وترى الباحثة الأمريكية جينيفييف عبدو، أنه لا يجب الاستهانة بمرونة نظام ملالي، فرغم سعي إدارة ترامب إلى تغيير النظام الإيراني، فإن الكلفة الباهظة لهذه السياسة تجعلها إحدى الخيارات التي قد لن تتحقق أبداً، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الضغط على إيران بفرض العقوبات الاقتصادية.

وتعتبر باربرا سلافين، رئيس مبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي، أن طهران "انتهازية" في سعيها وراء نفوذ أكبر في الشرق الأوسط، وعمدت إلى استغلال فراغات السلطة في دول الجوار، خاصةً بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003 واضطرابات البحرين في 2011 والحرب الأهلية في اليمن.

ولفتت عبدو إلى تأثير النفوذ الإيراني على تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد، ما يعني فشل سياسة الولايات المتحدة في العراق، كما أنه مؤشر أيضاً على نمو أوسع للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ولذلك تحاول إدارة ترامب التصدي لهذا الأمر، ولكن مخاطر المواجهة المباشرة مع إيران لا تزال مرتفعة للغاية، لذلك يسعى صانعو السياسة الأمريكيون إلى معالجة التجاوزات الإيرانية دون استخدام القوة العسكرية.

إضعاف الاقتصاد الإيراني
وتضيف عبدو أن العقوبات الأمريكية ضد إيران أضعفت بالفعل الاقتصاد الإيراني، فقبل إعادة فرض العقوبات الدولية هذا العام، كانت توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تشير إلى نمو الاقتصاد الإيراني بأكثر من 4%، ولكن بعد فرض العقوبات وحتى أكتوبر الجاري (تشرين الأول) انسحبت الشركات الدولية الكبرى من إيران، وتراجعت صادرات النفط، وانخفض الريال الإيراني مقارنة مع الدولار.

ويتوقع المحللون الآن أن يتوسع الاقتصاد الإيراني بـ3.1% فقط هذا العام، و 0.9% في 2019.

ورأت سلافين أن العقوبات الأمريكية كان لها تأثير "مدمر" على الاقتصاد الإيراني، بيد أن تأثيرها على السياسة الخارجية الإقليمية لإيران سيكون أقل وضوحاً، لأن إيران بإمكانها دعم وكلائها بكلفة منخفضة، وإذا كانت إدارة ترامب محقة، عن إنفاق إيران 750 مليون دولار سنوياً، على دعم أكبر وكيل لها حزب الله في لبنان، فإن الكثير من هذا التمويل يأتي من الأنشطة غير الشرعية مثل تهريب المخدرات، والتحويلات المالية من الشتات الشيعي، وبالنظر إلى احتياطيات إيران الكبيرة من العملة الصعبة، فإنه من الصعب أن تقوض العقوبات تحركات الحرس الثوري الإيراني، بشكل كبير أو أن تحقق التأثير المأمول في إجبار إيران على تغيير سلوكها الإقليمي لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

إخفاق روحاني
ويشير باتريك كلاوسون، مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن المشاكل الأساسية التي تواجه الاقتصاد الإيراني مشاكل داخلية، ولا علاقة لها بالعقوبات، إذ فشل الرئيس الإيراني حسن روحاني في تحقيق وعده بالنمو الاقتصادي الذي ساعده على الفوز في انتخابات 2013 في إيران، وأدى الاخفاق، إلى جانب التدابير التي اتخذتها الحكومة الإيرانية لإخفاء الفساد المستشري، وخلق وهم الاستقرار المالي، إلى تقويض ثقة الشعب الإيراني في إدارة روحاني، والاستقرار الاقتصادي للبلاد.

وتستبعد سلافين أن تقود التحديات الداخلية والمشاكل الاقتصادية إلى إسقاط نظام الملالي رغم ارتفاع السخط الشعبي، فالإيرانيون لا يريدون الانزلاق إلى الفوضى التي اجتاحت العراق وسوريا.

وعلاوة على ذلك، فإن الهيمنة الدينية للنظام الإيراني تقوض قدرة المؤسسات المنتخبة على أداء وظيفتها، وتجعلها مدينة بالفضل للمؤسسة الأمنية، والمرشد الأعلى الإيراني، ولذلك ربما تمثل وفاة المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، نقطة تحول في المجتمع الإيراني.

ماذا بعد خامنئي؟
وينوه تقرير "ناشونال إنترست" إلى أن سنوات العقوبات والضغط الأمريكي والهجمات الأخيرة من قبل الجماعات الإرهابية في إيران أسفرت مجتمعةً عن زيادة الدعم للمؤسسة الأمنية على حساب الإصلاحيين الإيرانيين، ويتضح ذلك في تنامي شعبية قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني.

وعلاوة على ذلك، فإن خامنئي يستخدم سلطته لموازنة التنافس المتنامي بين حكومة روحاني والحرس الثوري الإيراني، ولكن الأمر لن يستمر بعد اختفاء خامنئي من المشهد.

ويختتم التقرير بأن النجاحات الإقليمية التي حققها الحرس الثوري الإيراني تتوازن في وسائل الإعلام الإيرانية مع الاخفاقات الاقتصادية والسياسية الداخلية، وعلى الأرجح فإن وفاة المرشد الأعلى الإيراني ستقود إلى تغيير نظام الملالي، لكن الحرس الثوري الإيراني سيكون أقوى من أي وقت مضى.