لافتة صغيرة كتب عليها "مقبرة الدواعش" في الموصل (أرشيف)
لافتة صغيرة كتب عليها "مقبرة الدواعش" في الموصل (أرشيف)
الأربعاء 17 أكتوبر 2018 / 13:44

تحالف غير مسبوق في العراق...داعشيون وحشد شعبي في خندق واحد

في العراق حالياً تحالف غريب فريد من نوعه، ويتعاون داعش مع ميليشيات شيعية في التحكم في مناطق خضعت يوماً لسيطرة التنظيم الإرهابي.

ترى فصائل في الحشد الشعبي مكسباً في توسيع نفوذها داخل مناطق سنية فيما يستطيع مقاتلو داعش العودة إلى المجتمع العراقي

وحذر كل من فيرا ميرونوفا، باحثة زائرة لدى جامعة هارفارد، ومحمد حسين، زميل لدى معهد الدراسات الإقليمية والدولية في الجامعة الأمريكية في العراق بالسليمانية، من تأثير هذا التحول على مستقبل العراق لافتين إلى أن الحرب العراقية لم تنته بعد، في حين يتواصل التقارب بين أطراف تحاربت بشراسة. وتشهد حالياً منطقة عراقية مجاورة لأخرى كردية عراقية، تعاوناً بين قوات الحشد الشعبي، وبعض الذين قاتلوا سابقاً في صفوف داعش.

فكرة غريبة

ويلفت الباحثان إلى أن فكرة التعاون بين خصمين سابقين ربما تبدو غريبةً، ولكن هناك مكاسب حقيقية لكليهما.

فمن جانبها، ترى فصائل في الحشد الشعبي مكسباً في توسيع نفوذها داخل مناطق سنية. وفي الوقت عينه، يستطيع مقاتلو داعش العودة إلى المجتمع العراقي. ولكن النتيجة الحتمية ستكون سيئة جداً على  العراق.

ومن المعروف، حسب الكاتبين، الدور البارز الذي لعبته قوات الحشد الشعبي الشيعية في محاربة داعش، منذ 2014. ولذلك وجدت صعوبة في العمل بمناطق ذات غالبية سنية. كما أدى دعم إيران الكبير لقوات الحشد الشعبي لشك شركاء الحكومة العراقية الدوليين، وفي مقدمهم الولايات المتحدة، في دور تلك القوات في حربها ضد داعش.

قوة سياسية
ورغم ذلك، تضطلع اليوم قوات الحشد بالمسؤولية الأمنية عن بعض المدن التي حكمها داعش، وتمثل قوة سياسية كبرى في العراق، حيث حازت علي 48 مقعداً في انتخابات البرلمان العراقي الأخيرة.

ويرى الباحثان أن قوات الحشد ترغب في توسيع نفوذها. ولتحقيق هدفها أجرت تحولاً دراماتيكياً في استراتيجيتها للتجنيد. ولذلك بدأت في الاستعانة ببعض مقاتلي داعش السابقين، فضلاً عن تجنيد شباب من الشيعة.

عودة بزي جديد
وحسب لقاءات أجراها الباحثان، هذا الشهر، أكد عدد من المسؤولين العراقيين، ونشطاء هذا التوجه، لافتين إلى أن تنظيم بدر، إحدى أكبر ميليشيات الحشد، جند قرابة 30 من مقاتلي داعش في بلدة جالولا وحدها. وعلاوة على ذلك، جند تنظيم عصائب الحق، أحد أشد التنظيمات الشيعية تطرفاً، قرابة 40 من مقاتلي داعش سابقاً في نفس المنطقة.

ويقول خليل خوادادا، مسؤول كردي في المدينة: "بعد هزيمة داعش في نهاية 2014، لم يستطع من تعاون مع التنظيم العودة إلى جالولا، وذهبوا إلى مدن أخرى، وانضموا إلى قوات الحشد الشعبي، واليوم عادوا بزي جديد".

آراء متضاربة
وينقل الباحثان عن أعضاء في الحشد الشعبي آراء متضاربة حول ضم بعض مقاتلي داعش سابقاً إلى صفوفهم.

ونفى مسؤول في ميليشيا عصائب الحق وجود مقاتلي داعش ضمن مجموعته. ولكنه اعترف برغبة تنظيمه في تجنيد شباب سنة، قائلاً: "نحن فقط مهتمون بتجنيد مقاتلين محليين لا صلة لهم بداعش".

مبررات
وفيما يستغرب الباحثان قبول مقاتلين من داعش سابقاً في القوات الشيعية التي حاربتهم، إلا أنهما يريان مبررات لهؤلاء، وفي مقدمها العائد المادي.

ويرى الباحثان أن المقاتلين لم يلتحقوا بداعش انطلاقاً من حماسة دينية، بل لأنهم كانوا في حاجة إلى راتب. وعندما هزم داعش وجدوا أنفسهم عاطلين، وحان وقت للبحث عن عمل آخر.

وبالنسبة لرجال بلا مهارات ولا خبرات، غير القتال، وبالنظر لارتفاع نسبة البطالة بين الشباب العراقيين التي وصلت إلى 18٪، ربما يكون الالتحاق بقوة أخرى، منطقياً.

لا بدائل
ويرى الباحثان أن العراق يفتقر إلى سياسات إعادة دمج رسمية، مثل عدد من المجتمعات في مراحل ما بعد القتال. ولهذا السبب عجز هؤلاء عن الانضمام إلى القوات الأمنية العراقية الرسمية، وبدأوا في البحث عن بدائل غير حكومية.

وفي بداية الأمر، اتجه قدامى مقاتلي داعش إلى قوات الحشد القبلية، الفصائل السنية المدعومة أمريكياً، ولكن قلة منهم استطاعت الانضمام إليها. ثم وجدوا استعداداً أكبر من قبل قوات الحشد الشعبي لتجنيدهم في صفوفها.

وبالإضافة للرواتب الجيدة، وجد قدامى مقاتلي داعش في الانضمام إلى الحشد الشعبي، فرصةً لغسل ماضيهم. ولأنه كان يستحيل عليهم المرور عبر نقاط تفتيش دون بطاقات عسكرية، فقد وفرت لهم هويات الحشد الشعبي فرصة للعودة إلى مناطقهم، والتخلص من وصمة العمل سابقاً مع داعش.