السبت 20 أكتوبر 2018 / 20:29

التطلع إلى تعليم عربي مختلف

يسير العالم بخطى سريعة في تطبيق أساليب التكنولوجيا الحديثة في التعليم، سواء في الأدوات مثل الكتب ووسائل الإيضاح أو في المضامين التي يجب أن تجعل من دراسة التقنية الحديثة مساقاً لازماً، أو في الطريقة التي يجب أن تستغل التكنولوجيا في جعل التعليم عملية مشوقة وجذابة وممتعة، وفي رفع مستوى تحصيل التلاميذ والطلاب، فضلاً عن الطريقة التي يجب أن يكون عليها الامتحان، بما لا يجعله مجرد أداة لتقييم الطلاب، إنما فرصة لصناعة حوار بناء بين أطراف العملية التعليمية، عما يجب إضافته والتركيز عليه، وما يجب تفاديه، والأهم ما يستلزم تعلمه من تفكير منهجي، يتيح للمتعلم أن يختار من بدائل واحتمالات، وينطلق في تفكير ليس أمامه حدود أو سدود أو قيود.

وقد خصصت فعاليات "تحالف عاصفة الفكر" الذي أطلقه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع عدد من مراكز البحوث العربية، وانعقدت دورته السادسة الأسبوع الفائت في مقره بأبوظبي تحت عنوان "المستقبل العربي في عصر التكنولوجيا"، محوراً عن التعليم، تحدث فيه الدكتور خليفة السويدي، ودارت حوله مناقشات مهمة سواء خلال قاعة المؤتمر أو على هامشه، من منطلق إدراك الحاضرين لأهمية التعليم ومستقبله، ودور التكنولوجيا في هذا.

إن تكنولوجيا التعليم عملية شاملة تطبق فيها علوم ومعارف شتى، وتستخدم فيها موارد تعلم بشرية وآلية أو مؤتمتة، بغية تعليم أكثر كفاءة، عبر طرائق ومواد وأجهزة وتنظيمات وإجراءات وأساليب للعمل والإدارة وأفكار غير تقليدية.

وبالطبع فإن هذه التكنولوجيا ليست العلم، لأن الأخير يقوم على المعرفة المنظمة الممنهجة التي تنتج عن بحث وتجربة، إنما هي التطـبيقات العملية للمعرفة العلمـية في مختلف المجالات، والتي تتطلب وجود الأجهزة أو الآلات اللازمة.

لقد صار العالم يستخدم السبورة الذكية والكتب الإلكترونية والفيديو، ويفتح طريقاً واسعة للتعليم عن بعد، الذي يستلزم استخدام إنترنت فائق السرعة، يتم توفيره في المدارس بلا مقابل، ويجعل المعلومات متوفرة بغزارة في المكتبات داخل المؤسسات التعليمية، إلى جانب وجود اتصال مباشر ومفتوح بين المعلم والمتعلم علي مدي اليوم وسهولة ويسر، وسط أجواء من حرية الرأي، وتبادل المعارف، وتدريب التلميذ على البحث والتفكير الحر، وتدريب المعلم على أن يكون أشبه بفيلسوف، أو حكيم، مثل فلاسفة وحكماء الإغريق الأقدمين، الذين لم ينشغلوا بتلقين تلاميذهم معلومات جمعوها من هنا وهناك، وملأوا بها رؤوسهم، إنما علموهم كيف يبنون الحجج المنطقية في رحاب التفكير العلمي والبحث الدائم والدائب والمخلص عن الحقيقة.

إن تكنولوجيا التعليم تتعدى مجرد استعمال الآلات والأجهزة ووسائل الإيضاح السمعية والبصرية المتطورة في العملية التعليمية، فها هي عطاءات علم النفس تسعى إلى تحويل الأمر من التركيز على المثير الذي تنطوي عليه الرسالة إلى التركيز على سلوك المتعلم، ثم توظيف الآلة في تعديل هذا السلوك أو تعزيزه، وتقييم وتقويم المعلم وفق ما ينجزه من أهداف سلوكية، ونظرة التصورات المتعلقة بـ "تصمصم التعليم" إلى إعداد برامج تعليمية وتخزينها، ومنها ما يرتبط بسلوك المعلمين وسماتهم وخصائصهم، وما يحض على الاستفادة من النتائج التي تجود بها البحوث في مختلف حقول العلوم والمعرفة.

إن واجب القائمين على التعليمية في العالم العربي أن يحولوا التكنولوجيا من مصدر إلهاء للتلاميذ والطلاب إلى طريقة للتعليم الممتع، الذي يعظم الاستفادة، ويجلي العقول، وفي الوقت نفسه يربط الجيل الجديد بمشكلات الواقع، والذي يتعاظم دور التكنولوجيا في حلها كلما تقدمت بنا الأيام.