(أرشيف)
(أرشيف)
الإثنين 22 أكتوبر 2018 / 11:16

هل تهرّب إيران أسلحة مباشرة إلى بيروت؟

كشف عاموس هاريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن روسيا اتخذت خلال الأسابيع الأخيرة موقفاً أكثر تشدداً حيال تحركات سلاح الجو الإسرائيلي في الشمال؛ إذ يطالب الروس بمزيد من التوضيحات من الجيش الإسرائيلي عبر "الخط الساخن" من أجل منع أي اشتباكات جوية بين الطرفين.

التركيز الإيراني على التهريب بشكل مباشر إلى لبنان يحدث بالتزامن مع تراجع التهريب عبر الأراضي السورية

ويشير تقرير مراسل "هآرتس" إلى أنه كانت هناك بعض الحالات التي جرى فيها تفعيل رادارات الدفاع الجوي الروسية بسوريا في ما يتعلق بنشاط وتحركات القوات الجوية الإسرائيلية في الشمال.

إسقاط الطائرة الروسية
وفي إسرائيل يتم تفسير سلوك روسيا على أنه رد على حادث إسقاط طائرة التجسس الروسية "اليوشين 20" من قبل صاروخ سوري مضاد للطائرات في نهاية غارة جوية إسرائيلية بالقرب من اللاذقية بشمال غرب سوريا في 17 سبتمبر الماضي. وفي أعقاب الحادث قامت روسيا بنقل الأنظمة الصاروخية المتطورة "اس-300" إلى سوريا التي سيتم تشغيلها في البداية من قبل الروس.

وينوه مراسل الصحيفة الإسرائيلية إلى تصريحات كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان خلال الأسبوع الماضي بأن إسرائيل ستواصل العمل في سوريا من أجل إحباط تعزيزات حزب الله العسكرية.

وعلى الرغم من أنظمة الصواريخ الجديدة "اس-300" التي سيتم نشرها على ما يبدو بمنطقة مصياف شمال مدينة حمص في شمال سوريا، فإن القوات الجوية الإسرائيلية لا تزال لديها القدرة على ضرب أهداف داخل سوريا، بحسب مراسل "هآرتس". وخلال السنوات الأخيرة استهدفت إسرائيل مجمعاً للصناعات الدفاعية السورية عدة مرات؛ بسبب الجهود الإيرانية والسورية لتصنيع أسلحة دقيقة هناك من أجل حزب الله في لبنان.

أنظمة صواريخ "إس-300"
ويتوقع تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن عملية تدريب الجنود السوريين على تشغيل بطاريات صواريخ "اس- 300" سوف تستغرق بعض الوقت، كما أن البطاريات ذاتها لا تعمل بشكل كامل حتى الآن، بيد أن التحرك الروسي بشكل عام وعلى الصعيد الدبلوماسي يدل على أن موسكو تشير إلى عزمها على الحد من حرية إسرائيل في المناورة داخل الأجواء السورية.
وعلاوة على ذلك، فإن وجود القوات الروسية مع بطاريات الصواريخ سيجعل من الصعب على إسرائيل توجيه ضربات ضد تلك الأنظمة الصاروخية إذا انطلقت منها صواريخ ضد الطائرات الجوية الإسرائيلية.

وعلى الرغم من تصريحات نتانياهو قبل أسبوعين حول موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عقد اجتماع قريبا، فإنه لم يتم حتى الآن الإعلان عن موعد هذا الاجتماع، وعقب حادث إسقاط الطائرة الروسية لم يتحمس الروس لعقد اجتماع رفيع المستوى، ورأوا أن زيارة وفد عسكري إسرائيلي إلى موسكو برئاسة قائد القوات الجوية الإسرائيلية الجنرال عميكام نوركين كان كافياً، وبدوره وضع الأخير المسؤولية الكاملة عن إسقاط الطائرة الروسية على الجيش السوري.

ويلفت مراسل "هآرتس" إلى أن روسيا رفضت النتائج التي طرحها نوركين واتهمت سلاح الجو الإسرائيلي بسلوك خطير واعتمدت جدولاً زمنياً مختلفاً تماماً للأحداث، بحسب المسؤولين الإسرائيليين الذين اعتقدوا أن الروس قاموا بتزوير صور الرادار التي نشروها عن الحادث من أجل إلقاء اللوم على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي.

الغارات الإسرائيلية مستمرة
ويشدد التقرير على أن تحركات روسيا لن تضع نهاية للغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا، ولكن الآن (بعد مرور أكثر من شهر على الحادث) من الواضح أن شيئاً ما قد تغير وأن إسرائيل ستضطر إلى اتباع نهج عسكري ودبلوماسي جديد من أجل الحفاظ على بعض حريتها على الأقل للتحرك داخل الأجواء السورية وشن عملياتها.

ويرى المراسل أن الأمر يستحق في إعادة النظر في السياسات الإسرائيلية للسنوات القليلة الماضية؛ حيث إن سلسلة النجاحات التي حققتها القوات الجوية وجهاز الاستخبارات أسفرت عن شعور الحكومة بأن إسرائيل بوسعها أن تفعل ما يحلو لها في سوريا. وعلى الأرجح أن إسرائيل (قبل سقوط الطائرة الروسية) لم تدرك بشكل كامل تحول الموقف في موسكو ودمشق في أعقاب المكاسب الرئيسية التي حققها نظام الأسد في جنوب سوريا.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، عقب الهجوم الذي وقع في اللاذقية حيث تم إسقاط الطائرة الروسية، أن هذا الهجوم استهدف مجمعاً لتصنيع معدات لتحسين دقة صواريخ حزب الله، وكان الحرس الثوري الإيراني ومقاتلو حزب الله على وشك تهريب تلك المعدات من سوريا إلى لبنان.

ويتساءل التقرير عما إذا كان مثل هذا الهدف يبرر شن ضربة إسرائيلية في قلب منطقة نفوذ روسية تقع قرب قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس، بيد أنها ليست المرة الأولى التي يقود فيها استعراض قدرات إسرائيل التكتيكية والاستخباراتية إلى الوقوع في ورطة على المستوى الاستراتيجي.

قواعد جديدة للعبة
ويشير مراسل هآرتس إلى ما نقلته "فوكس نيوز" عن مصادر استخبارات غربية ومفاده أن إيران زادت مؤخراً من وتيرة شحناتها من الأسلحة إلى حزب الله باستخدام رحلات مدنية إلى بيروت، حيث تم نقل مكونات أنظمة GPS لصواريخ حزب الله لتحويلها إلى أسلحة موجهة بدقة، وذلك على طائرات بوينع 747، وبعضها توقف في مطار دمشق.

وبحسب التقرير، من الواضح أن حزب الله لايزال يفتقر إلى القدرة التكنولوجية الكاملة اللازمة لتركيب هذه المكونات بدقة على صواريخه في لبنان من أجل تحسين دقتها بسرعة. وكان نتانياهو حذر من جهود إيران وحزب الله لبناء خطوط إنتاج المكونات في عدة مواقع في بيروت مؤكداً أن إسرائيل ستتخذ في القريب المزيد من الإجراءات لفضح خطط حزب الله، ولكن حسن نصر الله زعيم حزب الله رد أنه لن يعلق علانية على الاتهامات حول تحركات حزب الله.

ويختتم تقرير هآرتس إن "التركيز الإيراني على التهريب بشكل مباشر إلى لبنان يحدث بالتزامن مع تراجع التهريب عبر الأراضي السورية تحديداً الشهر الماضي، ولذلك لا تستبعد إسرائيل احتمال أن يكون هذا التغيير بسبب توجيهات روسيا في أعقاب الحادث الذي سقطت فيه الطائرة الروسية. وربما يعكس هذا التطور محاولة موسكو لوضع قواعد جديدة للعبة في سوريا، ولتقليل الاحتكاك بين إسرائيل وإيران في سوريا كجزء من الجهود الرامية إلى ترسيخ حكم بشار الأسد".