الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الدفاع سيرغي شويغو.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الدفاع سيرغي شويغو.(أرشيف)
الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 / 15:30

خلافات بين الجناحين السياسي والعسكري في روسيا

ذكرت الكاتبة السياسية ومؤسسة "معهد بيروت" راغدة درغام أنّ الروس يريدون أن يُعلموا العالم بأنّ موسكو لا تحتاج لواشنطن، في سوريا أو في أي مكان آخر، وبأنّهم مرتاحون لإنجازاتهم، تأثيرهم واستراتيجيتهم في سوريا وحتى في إدلب.

مطالب أمريكا بانسحاب إيراني هي مجرد خطابات فارغة لأنّ واشنطن تريد من القوات والمستشارين المدعومين من إيران البقاء في سوريا

 وكتبت في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية أنّ المؤسسة العسكرية الروسية تريد صدّ الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وهي تصفه بـ "غير الشرعي" كما تتهمه بدعم الإرهابيين في سوريا وتطالبه بالانسحاب.

إنّ أجواء المؤسسة السياسية في روسيا تصعيدية أيضاً ضد الولايات المتحدة لكنها حريصة على التمييز بين الرئيس دونالد ترامب وإدارته التي دفعته للتراجع عن وعوده بسحب قواته من سوريا وعن اتفاقات ضمنية تترك مصير تلك البلاد ورئيسها بيد فلاديمير بوتين.

ضغط متزايد من دمشق
تضيف درغام أنّ الافتراق بين المؤسستين السياسية والعسكرية في هذه المسألة ليس علنياً، لكنّه جليّ في الاختلاف بوجهات النظر التي قدّمها خبراء روس مقربون من الحكومة حضروا مؤتمراً في نادي فالداي الأسبوع الماضي وقد اختتم المؤتمر أعماله بكلمة للرئيس الروسي. وأشارت المحادثات الخاصة مع الحاضرين ومصادر على هامش الحدث إلى أنّ روسيا تتعرض لضغط متزايد من دمشق من أجل شن عملية عسكرية في إدلب. توافقها وزارة الدفاع الروسية في رأيها لأنها تريد الانتصار في الحرب وهي مهتمة بأي أمر يمكن أن ينجز هذا الهدف. من جهته، يفضل الجناح السياسي إعطاء تركيا المزيد من الوقت والفرص كي تتفادى روسيا مسؤولية قيادة هجوم كهذا بسبب الكلفة البشرية العالية وتداعيات ذلك على العلاقات مع الرئيس الأمريكي ومع الولايات المتحدة.

ظاهرياً، يبدي الكرملين لامبالاة تجاه العقوبات الأمريكية الوشيكة على إيران. لكن على الرغم من ذلك، هي تعلم أنّ التعاون الأمريكي الروسي سيتلقى ضربة بعد الإجراءات التي ستدخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وبعد إجراء انتخابات في دونباس شرق أوكرانيا في 11 نوفمبر. إنّ تآكل الدعم الشعبي لتورط روسي في مستنقع آخر قد يدفع بوتين للموافقة على شن هجوم ضد إدلب لإنهاء الحرب سريعاً كما يرغب الجيش.

قضية روسية؟
في كلمته الختامية خلال الاجتماع السنوي الخامس عشر لنادي فالداي، تطرق بوتين الى مستقبل إيران في سوريا مستخدماً منطقاً مشابهاً لذلك الذي استخدمه الرئيس الأسبق جورج بوش الابن لتبرير "حربه على الإرهاب" في العراق. قال بوتين إنّ إيران شريك مهم في الحرب على الإرهابيين في سوريا وأنه من الأفضل محاربتهم هناك عوضاً عن محاربتهم "هنا". وأضاف أنّ إخراج إيران من سوريا ليس قضية روسية، في رد على أسئلة حول طلب من إدارة ترامب لقيام موسكو بذلك. وقال إنّ انسحاب جميع القوى الأجنبية في سوريا يجب أن يحصل في إطار عمل يشمل حواراً بين إيران والولايات المتحدة وقد عرض بوتين المساعدة في تسهيل هذا الحوار. وشدد على أنّ أولئك الذين يريدون من إيران مغادرة سوريا عليهم تقديم ضمانات بشأن عدم تدخلهم في الشؤون السورية ووقف تمويل الإرهابيين كما تعهد بعدم التخلي عن حلفائه في دمشق، أكان النظام أو إيران.

"المهووس بإيران" يزور روسيا
قال مصدر عسكري إنّ مستقبل إيران في سوريا مرتبط بنتجية زيارة مستشار شؤون الأمن القومي جون بولتون إلى روسيا. يعتقد الروس أنّ بولتون "مهووس بإيران" وأنّ سوريا غير مرتبطة بالنسبة إليه باستثناء الجانب المتعلق بإيران وإسرائيل. يرى بعض الخبراء الروس أنّ القوات الأمريكية ستنسحب فعلاً من سوريا تماماً وفق ما تعهد به ترامب. ويعتقد آخرون أنّ أي اتفاق مع بولتون سيتمحور حول الحفاظ على العلاقات الجيدة مع إسرائيل بغض النظر عن الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا فيما يعتقد آخرون أن لا بديل لموسكو عن توضيح موقفها تجاه المعضلة الإيرانية. وما عدا ذلك سيجعل توتر العلاقات الروسية مع الولايات المتحدة حتمياً بغض النظر عن الالتزام الصلب بتفادي المواجهة العسكرية.

تتابع درغام أنّ هنالك أيضاً وجهة نظر تقول إنّ مطالب أمريكا بانسحاب إيراني هي مجرد خطابات فارغة لأنّ واشنطن تريد من القوات والمستشارين المدعومين من إيران البقاء في سوريا لأن هذا سيعني تحولهم إلى أهداف مكشوفة للغارات الجوية الأمر الذي سيفرض ضغطاً فعالاً على إيران.

دور أساسي لمصر
درغام التي حضرت المؤتمر سألت بوتين عن مصر، إذ شهد الأسبوع الماضي قمة بين الرئيسين بوتين والسيسي في سوتشي. وقال بوتين إنّ لدى مصر دور مهم في إطار المعارضة السورية التي تتخذ من القاهرة منصة لها وفي التعاون مع روسيا. ستكون مصر أساسية في أي محاولة لإعادة تأهيل الحكومة السورية على مستوى الجامعة العربية خصوصاً في ما يتعلق بتأمين موافقة دول الخليج وعودة دورها إلى سوريا، وهي مسألة شهدت بعض الخطوات الأمامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي. والتعاون الروسي المصري العسكري مهم بحد ذاته مع استمرار التدريبات المشتركة والتنسيق الدفاعي إضافة إلى ما يساويه التعاون الاقتصادي بين البلدين من قيمة تصل إلى 25 مليار دولار.