أراض أردنية مؤجرة إلى إسرائيل.(أرشيف)
أراض أردنية مؤجرة إلى إسرائيل.(أرشيف)
الجمعة 26 أكتوبر 2018 / 19:06

الأردن وإسرائيل... امتحان الاعتدال

الطمع الإسرائيلي الذي كان يتجلى في ممارسات خارجة عن نصوص الاتفاقيات وخصوصاً في القدس، والكلام الاستفزازي الذي يقوله بعض الوزراء الإسرائيليين، ستكون له تداعيات خطرة إذا لم تعد إسرائيل الأرض لأصحابها خلال عام واحد لا أكثر

فتح الأردن ملف الأراضي التي تم تأجيرها لإسرائيل، في معاهدة السلام التي وقعت قبل خمس وعشرين سنة. وفق النصوص المفترض أنها ملزمة للطرفين، يتعين على إسرائيل أن تعيد قطعتي الأرض محدودتي المساحة دون بحث طويل ودون أن يقول أحد الوزراء الإسرائيليين: الأردن بحاجتنا أكثر مما نحن بحاجته.

هذا التباهي الذي لا يسنده منطق عقلاني، يشكل عامل استفزاز للرأي العام الأردني القوي والنشط، وللنظام الأردني الذي لا يدير ظهره للتفاعلات الشعبية واتجاهات الرأي العام.

الطمع الإسرائيلي الذي كان يتجلى في ممارسات خارجة عن نصوص الاتفاقيات وخصوصاً في القدس، والكلام الاستفزازي الذي يقوله بعض الوزراء الإسرائيليين، ستكون له تداعيات خطرة إذا لم تعد إسرائيل الأرض لأصحابها خلال عام واحد لا أكثر. وأهم هذه التداعيات فتح ثغرة قاتلة في بناء السلام المستقر بين الأردن وإسرائيل، وتحويل القطعتين الصغيرتين والغاليتين على قلوب الأردنيين، إلى نقاط احتلالية لا يستقيم استقرارهما مع حاضر ومستقبل العلاقات الأردنية- الإسرائيلية. فالأردن الملتزم شعبياً ورسمياً بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والذي صمد بما هو فوق طاقته المحدودة أمام الضغوط الأمريكية خصوصاً في مسألة اللاجئين، وما يزال يرفع شعار حل الدولتين لتثبيت دعائم السلام في المنطقة، يجسد في مسألة أراضيه موقفاً مبدئياً وعقلانياً يستحق أن يدعم من قبل كل الحريصين على تقوية معسكر الاعتدال في الوطن العربي، وليس إلى إحراج هذا المعسكر بالتباهي الإسرائيلي والجشع، وفق نظرية نأخذ كل ما نريد ولا نعطي شيئاً مما يريدون.

الأرض لا تكتسب أهميتها من حجمها، أو إذا ما كانت تصلح للزراعة أو لا، تقام عليها منشآت صحية أو لا. كل هذا يتصل باستخدام الأرض وليس بالمعنى العميق لملكيتها وسيادة أهلها عليها.

في حينه فهم أن التأجير المحدود يزيل عقبة من طريق اتفاقية سلام رآها الأردن مواتية لصالحه، والآن ينبغي تفهم ودعم الموقف الأردني من أرضه المؤجرة واعتبار هذا الموقف حقاً بديهياً لا مجال للمساومة عليه.

شيء يشبه حكاية طابا مع الاختلاف في الزمان والمكان وحيثيات كثيرة، وشيء يشبه مزارع شبعا مع اختلافات وحيثيات ربما تكون أكثر. 
وفي هذا الزمن هنالك جاهزية لكثيرين من خصوم معسكر الاعتدال لاستخدام حتى أدق التفاصيل لضرب هذا الاتجاه.
المشترك بين الباقورة والخفر وطابا ومزارع شبعا هو أن إسرائيل تطمع بالقليل على حساب الكثير، القليل هو أراضٍ محدودة المساحة تصلح فقط كمسمار جحا، والكثير هو السلام الدائم والمستقر مع الجيران.