الملك سلمان بن عبدالعزيز.(أرشيف)
الملك سلمان بن عبدالعزيز.(أرشيف)
الأحد 28 أكتوبر 2018 / 19:16

ثورة في الفكر

المملكة العربية السعودية بحزمها وأملها، بملكها وشعبها، تستعصي على المؤمرات وإن عظم تدبيرها، وتخرج من الأزمات وإن تشابكت خيوطها

 لا يحتاج الشارع العربي إلى ثورة في الشارع. يحتاج إلى ثورة في الفكر. فالشارع يبقى شارعاً. والفكر يبدأ فكراً، ويرقى فكراً، ويثمر فكراً. في مؤسسات بناء الطفولة، وفي المدارس، وفي الجامعات. يتمظهر فكراً دون مظاهرة، ويعلم عن نفسه دون إعلام موجه. ويتواصل بأرقى وسائل الاتصال.

ما يحدث في عالمنا اليوم يؤكد هذه الفكرة، والدليل أن الشارع قابل للغليان بأبسط الأسباب، وبأي وسيلة، ووراء أي خبر. في حين أن الفكر رصين أصيل ثابت كجبل طويق. وقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي خير مثال على ذلك، فقد شر!حت وسيّست وربما أقول أنها خلقت خلقاً وبنيت بناءً إعلامياً قذراً لتحقق غاية قذرة، وهي تثوير الشارع وتحريك الغوغاء من أجل القضاء على فكر أصيل متأصيل.

لا يمكن لثورة بنيت على أجندة يحركها الغش والخداع أن تنتصر وتكون مثار تغيير. ومن كان يحلو له أن ينظر للثورة التونسية كمثال ناجح للثورات العربية التي اتضح للعيان محركها في مقابل الثورة المصرية واليمنية والليبية، عليه أن يعيد حساباته، ويراجع قناعاته.

أقول هذا لأن ثمة تحليلاً يُروج له، مفاده أن مقتل جمال خاشقجي سيكون وقود ثورة كما كان الأمر مع البوعزيزي التونسي. وهذا تشبيه ساذج، وقياس باطل، وفكرة مشبوهة، وأمنيات موؤودة. لست أعلم من أطلقها تحديداً، لكني أعلم يقيناً من أي بوق أطلقت، ولذا أجزم أنهم مخطئون.

إن المملكة العربية السعودية بحزمها وأملها، بملكها وشعبها، تستعصي على المؤمرات وإن عظم تدبيرها، وتخرج من الأزمات وإن تشابكت خيوطها، رائدها الصدق، وشعارها تحمل المسؤولية، ومنهجها الشفافية، وحكمها العدالة.

هذه قيم المملكة، وهي في حد ذاتها، فكر متكامل: صدق، ورعاية، وشفافية، وعدالة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تهزم ثورة الفكر أمام ثورة الغوغاء.