الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في افتتاح المطار الجديد باسطنبول (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في افتتاح المطار الجديد باسطنبول (أرشيف)
الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 / 11:40

في يوم الجمهورية... انقسامات كبيرة ومخاوف من الاستبداد في تركيا

احتفل الشعب التركي الأحد الماضي، بالذكرى 95 لتأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، ومجموعة من الضباط بعد حرب للاستقلال عن قوى محتلة، دامت ثلاثة أعوام.

نظام الحكم الجديد سوف يزيل مبدأ الفصل بين السلطات بالتوازي مع مخاوف من أن يقود إلى حكم غير ديموقراطي في تركيا

لكن، حسب سركان دميرطاش الكاتب السياسي في صحيفة "حريت" التركية، ينظر عدد كبير من الأتراك لذكرى الاحتفال بيوم الجمهورية، في 29 أكتوبر(تشرين الأول)، على أنه ليس مجرد نصر عسكري. إنه يؤشر على نهضة جديدة للشعب التركي بعد مرحلة طويلة من الكمون خلال السنوات الأخيرة للإمبراطورية العثمانية.

ورسم يوم الجمهورية خارطة طريق لتبني عدد من أعمدة الحضارة الغربية في مجالات التعليم، والاقتصاد، والمجتمع، والسياسة، وسواها.

العلمانية
ويعتبر كاتب المقال أن، من بين جميع تلك الإصلاحات، كان لإدخال العلمانية إلى المجتمع التركي قيمة خاصة. فقد لعبت العلمانية دوراً رئيسياً في إعادة تأسيس الدولة، وفي توازن العلاقة بين الدولة والسياسات. كما كان للعلمانية أهميتها في مساع لاحقة لتطبيق الديموقراطية في البلاد.

وفي نظر الكاتب، ورغم وجود عدد من المشاكل الكبيرة التي تتعلق بقضايا أساسية، ما زالت الأسس العلمانية والديمقراطية في الجمهورية التركية، من أهم القيم التي يفترض في الأتراك بناء آمالهم عليها.

وتبعاً لذلك، يتساءل الكاتب: "إلى أي مدى ستبقى هذه الأسس قائمة؟ والأهم منه، كيف يتصدى الشعب التركي لتدهور تلك الأسس في تركيا؟".

استقطاب سياسي
في رأي دميرطاش، تحتفل تركيا بالذكرى الـ 95 لتأسيس جمهوريتها في مناخ من الاستقطاب السياسي الذي ترافق مع انقسام اجتماعي، ثقافي هائل. وعلاوة على ذلك، يحيط بهذه الذكرى عدد من الرمزيات.

أولاً، هذا أول احتفال بيوم الجمهورية في ظل نظام رئاسي تنفيذي كامل الصلاحيات. فقد أظهر استفتاء أبريل (نيسان) 2017 والانتخابات الرئاسية في 24 يونيو( حزيران) انقساماً كبيراً بين دوائر سياسية واجتماعية، وجرت في سياق "إما نحن أو هم".

ويضيف الكاتب أن الصورة السياسية الحالية في تركيا، لا توحي بشيء مختلف. والأكثر مدعاة للقلق، في رأيه، يأتي من حقيقة أظهرتها استطلاعات للرأي عن ابتعاد مجموعات اجتماعية ذات عقليات سياسية مختلفة عن بعضها البعض. وأصبحت أساليب العيش في مختلف المناطق التركية أكثر تطابقاً.

مطار جديد
وفي ظل هذا المناخ السياسي، فضل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعلان تدشين مطار جديد في اسطنبول مركزاً لاحتفالات العام الجاري، وموقعاً لإقامة الاحتفال التقليدي.

لكن، يلفت الكاتب، رفض زعماء المعارضة، بمن فيهم حليف أردوغان الرئيسي، حزب الحركة القومية، المشاركة في الاحتفال، مؤكدين أن مكانه المفترض في العاصمة التركية، أنقرة، أين ولدت الجمهورية وقيمها.

خطوة أخرى
وفسر هؤلاء بأن قرار أردوغان خطوة أخرى على طريق الابتعاد عن القيم الجمهورية. ورغم أن اسم المطار الجديد لم يُعلن بعد، فإن عدداً من الأتراك يعتبرون أنه يجب تسميته أتاتورك. وعندما يترافق ذلك مع نقاشات جرت أخيراً حول إزالة اسم أتاتورك من بعض مؤسسات الدولة والبلديات، يظهر الانقسام بين أبناء الشعب التركي أكثر وضوحاً.

ومن جديد، يعتقد منتقدو أردوغان أن سياساته سببت شرخاً لا يمكن ترميمه في تطبيق تركيا لقيم غربية، تدهور أعراف ديمقراطية وقيم عالمية.

ويعتقدون أن نظام الحكم الجديد سيزيل مبدأ الفصل بين السلطات، بالتوازي مع مخاوف من أن يقود إلى حكم غير ديموقراطي في تركيا.

حكمة مطلوبة
ورغم جميع تلك المشاكل، ما زال الكاتب يجد أسباباً تكفي للتفاؤل بالمستقبل. ويعتمد ذلك على حكمة الشعب التركي، وقدرته للتغلب على مشاكل من هذا القبيل.

ويختم كاتب المقال باعتبار أن الشعب التركي ما زال يحمل شعلة أتاتورك العلمانية، والقيم الجمهورية التي أرسى دعائمها، رغم ما أصابها من تشويه في السنوات الأخيرة.