وزيرا الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والسعودي سعود الفيصل في ملتقى "مغردون".(أرشيف)
وزيرا الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والسعودي سعود الفيصل في ملتقى "مغردون".(أرشيف)
الجمعة 2 نوفمبر 2018 / 20:18

داعش بوست

لن تمر فصول كثيرة قبل أن تثبت "داعش بوست" صحة تحذيرات عبدالله بن زايد، وتؤكد بُعد نظره. والأيام بيننا

حينما تبوأ صاحب السمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتية، مقعده في ملتقى "مغرّدون"، وطالب الدول الغربية بتحمّل مسؤوليتها في حضانة الإرهاب والتطرف، تعالى نباح بعض العرب ضده، ورُمي ظلماً بالتحريض على المسلمين هناك، فقد صارت الشيطنة "ماركة مسجلة" لكل ما يتعلق بالإمارات.

وحاولت أن ألتمس لهم العذر في عجزهم عن فهم قصد سموه حين قال إن الدول الغربية "لم تحسن رعاية أبنائها"، فقد يكون من الصعب على عقولهم تتبّع كل الخطوات التي تقود إلى تشكّل المتطرف.

فالقصة المحزنة تبدأ عادة مع ما يتعرّض له هذا المسلم –والذي غالباً ما يكون ابناً لمهاجرين أو لاجئين- من التهميش، وذلك على الرغم من مولده وترعرعه في ربوع فرنسا أو بلجيكا، فلا يغصّ غير بـ "باغيتها"، ولا تهتف حنجرته سوى بنشيدها الوطني.

بل قد مررت بمقالة تزعم بأن الجيل الثاني والثالث من المهاجرين يواجه فشلاً أكبر في الاندماج مع مجتمعه الغربي من الرعيل الأول، أو جيل المهاجرين "الطازة"، وذلك لأن الأجيال الحالية باتت تواجه عقبة أعتى مع العنصرية، وتحدياً أصعب في التوظيف.

ومن ثم تكبر كرة الثلج حين يشتد عود هذا المسلم الصغير، فيجد طريقه سالكاً إلى خطابات المتطرفين والدمويين. ففي بلاد يستمر فيها الخلط بين حرية التعبير وحرية النعيب، لا رقابة على ما يُصدح به من على المنابر، أو ما يلقّن في الدروس الدينية المزعومة، أو ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ممن يتولون مهمة الوعظ.

وتكتسب كرة الثلج لوناً أسود قاتماً مع توفّر حرية هذا الغاضب المحتقن في التظاهر منادياً بمنع الخمور، وحريته في الصلاة في عرض الميادين ليعطّل المارة، وحريته في أن يجوب الشوارع خلال "عاشورائه" ليحيي خلافاته المذهبية العقيمة.

إنها قصة عشرين عاماً أو أكثر حاول الشيخ عبدالله بن زايد أن يشير إليها باقتضاب، فهوجم وكُذّب واتُهم زوراً من أبناء العمومة.

لا بأس.

ها هي الأيام تقوّض لهم قصة قصيرة ممتعة –وأنسب لقدرتهم على الانتباه- عنوانها عمر بن عبدالعزيز، المعارض السعودي الذي مُنح مؤخراً زاويته الخاصة في صحيفة "واشنطن بوست"، على الرغم من سوابقه في اعتبار داعش "إخواننا بغوا علينا"، وسعاته بأسرها للشهيد معاذ الكساسبة.

إن هذا الغرب المتهور لم يكتف بإهمال النصائح حول التعامل مع أبنائه المشاغبين –بما في ذلك المُتبنون كابن عبدالعزيز- حين يرفعون رايات تطرفهم وتعنتهم، ولم يكتف بالخلط الغبي بين الحرية والعبث. بل ها هو الآن يبادر لوضع الأقلام في أيادي سفهائه، ودفعهم نحو بقعة الضوء، فيخاطر بهدم أمنه واستقراره في سبيل تحقيق مكاسب سياسية عابرة!

لن أتنبأ على طريقة ماغي فرح الشهيرة، ولكن لن تمر فصول كثيرة قبل أن تثبت "داعش بوست" صحة تحذيرات عبدالله بن زايد، وتؤكد بُعد نظره. والأيام بيننا.