رسم تعبيري.(أرشيف)
رسم تعبيري.(أرشيف)
الخميس 8 نوفمبر 2018 / 13:26

مخاوف أوروبية من زيادة الاضطرابات داخل إيران بعد تطبيق العقوبات

حذر جيف سبروس، مراسل مجلة "ذا ويك" البريطانية، من أن العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة ضد إيران يوم الاثنين الماضي ستقود، على الأرجح، إلى المزيد من الاضطرابات السياسية وستجعل نظام الملالي في طهران أكثر عدائية تجاه الغرب.

سيفقد على الأرجح الإيرانيون المعتدلون الذين كانوا يدافعون عن صفقة النووي مصداقيتهم، وإذا أدت العقوبات بالفعل إلى تغيير نظام الملالي، فمن المؤكد أن النظام الإيراني الجديد سيكون أكثر عدائية إزاء التعاون مع الغرب

ويشير سبروس إلى صفقة النووي التي وقعتها إدارة أوباما وعدد من الدول الأخرى في عام 2015 مع إيران، ورفعت بموجبها العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها للأسلحة النووية، ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دأب على انتقاد الصفقة لسنوات ووصفها بأنها "أسوأ صفقة على الإطلاق".

تداعيات خطيرة
وعقب تولي ترامب الرئاسة، قام بعرقلة هذه الصفقة، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، واستهدفت الجولة الثانية من العقوبات التي دخلت حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي أكثر من 700 من الأفراد والشركات والمؤسسات في جميع أنحاء الاقتصاد الإيراني.

وعلى رغم أن ترامب يأمل في أن تسفر هذه العقوبات عن إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي للموافقة على شروط أكثر صرامة، فإن العقوبات الاقتصادية الجديدة ضد إيران ربما تؤدي إلى تداعيات بالغة الخطورة بحسب مراسل المجلة البريطانية.

أوروبا
ويلفت المراسل إلى أن الأطراف الأخرى التي وقعت صفقة النووي مع إيران لاتزال غير راغبة في التخلي عنها، ولم تهتم بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا بالانضمام إلى حملة ترامب للضغط على إيران وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية.

التحايل على العقوبات
ويقول المراسل: "لا شك في أن الاقتصاد الأمريكي ضخم وممتد عالمياً، ولا تريد الشركات والبنوك الأجنبية المخاطرة بخسارة التعامل مع الولايات المتحدة بسبب تعاملها التجاري مع إيران، ولكن الأوروبيين يعملون على إنشاء آلية خاصة تسمح للمصارف والشركات غير الأمريكية بالتجارة مع إيران خارج نطاق التدقيق والمراقبة للسياسة الأمريكية".
     
ومع ذلك، لا يرغب الكثير من الشركات والبنوك في المخاطرة بتعاملاتها مع الولايات المتحدة؛ وبخاصة لأن نجاح الآلية الخاصة التي يعمل عليها الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن لايزال غير مؤكد، ولم يتفق الأوروبيون حتى على الدولة أو المؤسسة التي ستقوم بالإشراف على هذا الأمر لأن الجميع يخافون من الأمريكيين.

وفي الوقت نفسه، ربما تتعامل الكثير من الشركات الأوروبية الأصغر حجماً مع إيران في القطاعات غير المشمولة بالعقوبات أو قد تتحايل على العقوبات. وبالفعل باتت الشركات الروسية بعيدة نسبياً عن نظام مراقبة الولايات المتحدة، ويمكن أن تستمر في الشراء والبيع من إيران، وعلاوة على ذلك فإن الصين أيضاً لديها خبرة جيدة في التحايل على العقوبات الأمريكية.

ويعتبر مراسل المجلة البريطانية أن الجهود التي تبذلها أوروبا في إنشاء الآلية الجديدة تعد بمثابة تحدّ استثنائي لإدارة ترامب والهيمنة الجيوسياسية الأمريكية.

وينوه المقال إلى أنه على رغم التشدد الرسمي الذي يتخذه البيت الأبيض ضد إيران وتصريحات جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي بعدم السماح لأوروبا أو أي شخص آخر بالتهرب من العقوبات الأمريكية، فإن إدارة ترامب أصدرت بالفعل ثمانية إعفاءات لبلدان مختلفة (بما في ذلك الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية) حيث سيتم السماح لها مؤقتاً بالتجارة مع إيران في مناطق معينة دون التعرض لعقوبات أمريكية، ولكن الاعفاءات لم تشمل أي بلد في الاتحاد الأوروبي. والواقع أن مجرد منح الإعفاءات، برأي المراسل، هو بمثابة اعتراف ضمني لإدارة ترامب بمخاطر تطبيق العقوبات.

ارتفاع أسعار النفط
وفيما يتعلق بقضية النفط، يوضح المراسل أن إنتاج النفط الإيراني لا يشغل جزءاً كبيراً من السوق العالمية، ولكن سوق النفط يعاني من نقص في العرض، ومن ثم فإنه لا مجال لإجراء مثل هذه المناورة مع إيران من دون التسبب بارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ. وقد انخفض انتاج النفط الإيراني بمقدار مليون برميل يومياً منذ ذروته في وقت سابق من هذا العام. ومن المتوقع أن ينخفض بمقدار مليون برميل آخر بحلول منتصف عام 2019، وربما يتزايد انتاج أعضاء منظمة أوبك للنفط لتعويض هذا النقص، ولكن لا يبدو أن لديهم قدرة احتياطية كبيرة.

ويتوقع ريك بيري وزير الطاقة الأمريكي أن يعوض إنتاج النفط الأمريكي فقدان السوق العالمية للنفط الإيراني، ولكن يرى مراسل المجلة البريطانية أن مثل هذا الأمر ليس مضموناً. وفي الوقت نفسه، يصر نظام الملالي أن الصادرات النفطية الإيرانية سوف تستمر، ولا يستطيع أي شخص تخمين مقدار النفط الإيراني الذي يمكن تسريبه من خلال التحايل على العقوبات أو التنازلات، ويتراوح سعر البرميل الآن من 63 إلى 73 دولاراً، ولكن يتوقع الخبراء أن يصل سعر البرميل إلى 100 دولار بسبب العقوبات.

ويختتم مقال "ذا ويك" البريطانية بالتحذير من أن العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد طهران سوف تتسبب في الكثير من المعاناة التي ستقود إلى المزيد من الاضطرابات السياسية داخل إيران التي تعاني بالفعل من تنامي الاحتجاجات داخلها ضد نظام الملالي، وسيفقد على الأرجح الإيرانيون المعتدلون الذين كانوا يدافعون عن صفقة النووي مصداقيتهم، وإذا أدت العقوبات بالفعل إلى تغيير نظام الملالي، فمن المؤكد أن النظام الإيراني الجديد سيكون أكثر عدائية إزاء التعاون مع الغرب.