عراقيون أمام مبنىً حكومي يحترق في احتجاجات البصرة الأخيرة (أرشيف)
عراقيون أمام مبنىً حكومي يحترق في احتجاجات البصرة الأخيرة (أرشيف)
الإثنين 12 نوفمبر 2018 / 12:30

جنوب العراق يغلي...هل ينزلق إلى أحضان إيران مجدداً؟

لفت أحمد طويق، محلل مستقل، ومستشار منظمة "سند لصنع السلام"، العراقية غير حكومية، إلى أن العالم يركز انتباهه على إعادة بناء شمال العراق، بعد هزيمة بتنظيم داعش، في وقت يستمر فيه الغليان بسبب الفقر، والبطالة، ونقص الخدمات في البصرة، جنوب البلاد.

من أجل تحقيق الاستقرار في العراق، لا بد من إشراك جنوب العراق ضمن عمليات المصالحة وإعادة التأهيل التي تنفذها مؤسسات محلية وأطراف دولية

ويرى طويق في الاحتجاجات العنيفة الأخيرة في مدينة البصرة بمثابة دليل واضح على ما عاناه العراقيون طوال سنوات، في ما يعرف باسم العاصمة الاقتصادية للعراق، نظراً لاحتياطاتها الكبرى من النفط. 

مدينة وطريق
وتضم البصرة غالبية شيعية، فضلاً عن أقلية مسيحية، و"العراقيين السمر". وهي ثاني أكبر مدينة عراقية، وعرفت باحتضانها لبعض من أعظم فناني العراق. وفي حرب الخليج الأولى، استخدم الجيش العراقي البصرة طريقاً لغزو الكويت. وما يثير السخرية،  أن القوات الأمريكية استخدمت الطريق نفسها للتقدم نحو بغداد أثناء الغزو في 2003.

وحسب كاتب المقال، فإن الأزمة الحالية في البصرة ليست هي التطور الأحدث، بل نشأت بسبب سنوات من الإهمال من المجتمع الدولي والحكومة العراقية.

توزيع ظالم
وبرأي الكاتب، تفاقمت الاضطرابات في البصرة بسبب تركيز الحكومة العراقية على الحرب ضد داعش في شمال العراق، وسوء توزيع الموارد، ما جعل الوضع الحالي في المدينة متوقعاً، لكن كان ممكناً منعه.

فقد اشتهرت البصرة بقنواتها التي أعطت للمدينة اسم بندقية الشرق الأوسط، لكن تلك القنوات تحولت إلى مجاري مفتوحة.

وعقب عمليات عسكرية ناجحة ضد داعش، تتركز اليوم معظم أنظار المجتمع الدولي على الاحتفاء بتحرير شمال العراق وإعادة بناء تلك المناطق.

ومع اهتمام الحكومة والمجتمع الدولي بالمصالحات بين مختلف الطوائف في المناطق المحررة، أهملت مدن الجنوب العراقي ذات الغالبية الشيعية، واعتبرت الاستقرار فيها أمراً حتمياً.

غضب بسبب الفساد
ويشير كاتب المقال إلى تسبب مظاهرات واصطدامات مع قوات الأمن العراقية، في الصيف الماضي، في مقتل 27 عراقياً، فضلاً عن اغتيال غامض لسعاد العلي، الناشطة في مجال حقوق المرأة وضد الفساد.

وعكست تلك الاحتجاجات غضب العراقيين من الفساد الحكومي، وسلطت الضوء على نقص فرص العمل، وضعف الخدمات العامة في البصرة. ولم يستهدف المحتجون مسؤولين وحسب، بل قوىً أجنبيةً لدورها المعروف في دعم نخب تفتقر للكفاءة والنزاهة، عبر هجمات على قنصليتي أمريكا وإيران في المدينة.

تردي حالة أمنية
ووفقاً للكاتب، رغم تحقيق قرابة 80٪ من إجمالي الدخل العراقي من حقول غنية بالنفط تحيط بالبصرة، لم تحظ المنطقة سوى بأقل الخدمات وأضعفها.

 وتردى الوضع الأمني، وارتفعت معدلات الفقر بين سكانها. ويشتد الوضع سوءاً بالنظر إلى أن عدداً من شبابها الذين تطوعوا وشاركوا في الحرب ضد داعش، باتوا اليوم بلا عمل، وأحياناً بلا سكن.

وخصص برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في الربع الأول من 2018، مبلغ 153 مليون دولار لإعادة إعمار شمال العراق. وركزت برامج مماثلة على تلك المناطق المحررة، وكرست الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع هيئة تنمية بريطانية، وأطراف دولية أخرى جهودها لتنفيذ مشاريع تنمية في الموصل وما حولها من المناطق المحررة من قبضة داعش.

مشاركة
ويرى الكاتب أنه من أجل تحقيق الاستقرار في العراق، لا بد من إشراك جنوب العراق في عمليات المصالحة وإعادة التأهيل التي تنفذها مؤسسات محلية وأطراف دولية.

ويختم الكاتب رأيه بأن تكرار الأخطاء في جنوب العراق ربما يؤدي لزيادة الاعتماد على إيران، رغم مواصلة المطالبة باعتبار البصرة إقليماً.