نائب الرئيس التركي فؤاد اقطاي.(أرشيف)
نائب الرئيس التركي فؤاد اقطاي.(أرشيف)
الأربعاء 14 نوفمبر 2018 / 18:22

عزل تركيا في مؤتمر باليرمو يكشف دورها المشبوه في ليبيا

سلط استبعاد تركيا من المؤتمر حول ليبيا المنعقد في باليرمو في إيطاليا، الضوء على الدور المشبوه الذي تضطلع به أنقرة في دعم مجموعات مناهضة للمؤسسات الرسمية في محاولة لكسب نفوذ سياسي في البلاد.

تركيا تدعم مجموعات محددة في صراع محلي بغية جني ثمارها على الصعيدين الدولي والإقليمي.

وكان نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، الذي مثل بلاده في صقلية أعلن انسحاب بلاده من المؤتمر احتجاجاً على استبعادها من بعض الجلسات، محذراً من أن "كل اجتماع يستثني تركيا لا يمكن إلا أن تكون نتائجه عكسية لحل المشكلة".

وكان المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي انعقد الإثنين والثلاثاء بباليرمو، وحتى قبل بدايته، شهد انقسامات بين الليبيين من جهة والدول المنخرطة في النزاع من جهة أخرى.

وكانت التوقعات محدودة من الاجتماع مع اعلان المشير خليفة حفتر عدم مشاركته في المؤتمر بذاته، واكتفاءه باجتماعات مع زعماء دول مجاورة لبلاده على هامش المؤتمر. ولم يشارك حفتر ولا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأقطاي في الصورة الختامية للمؤتمر.

سلامة
ومع ذلك، أكد المبعوث الدولي الى ليبيا غسان سلامة أن تعهد حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج المشاركة في المؤتمر الاستشاري المقرر في الاسابيع الأولى من السنة المقبلة، أمر مشجع. وأبدى ثقته في التزام الليبيين بتسوية الأزمة وخصوصاً دعمهم "المؤتمر الوطني" الذي ينوي الدعوة إليه في ربيع 2019. واعتبر أن تنظيم هذا المؤتمر "بات أسهل" بفضل مؤتمر باليرمو وبفضل "دعم جماعي" من مختلف الأطراف الليبيين و"الالتزام الواضح من الليبيين بالمشاركة فيه".

كونتي
وبذلت الحكومة الإيطالية جهوداً كبيرة لإنجاح أول تحد دولي لها. ومع ذلك، حاول رئيس الحكومة الإيطالية جيوزيبي كونتي في الجلسة العلنية الوحيدة للمؤتمر تقليل التوقعات من المؤتمر، قائلاً: "أريد أن أكون واضحاً. لم نزعم البتة أننا سنقدم عبر هذا المؤتمر الحل للأزمة الليبية".

في مؤتمر صحافي عند اختتام المؤتمر اعتبر كونتي أن الاستقرار في ليبيا يجب "أن تترك بالكامل لليبيين"، وهو ما وافقه عليه سلامة الذي أشار إلى "ود أكبر بكثير" بين المشاركين الليبيين رغم مقاطعة المشير حفتر المؤتمر.

الاجتماع المصغّر
وكان حفتر أبقى الغموض حتى آخر لحظة بشأن مشاركته في المؤتمر الذي سرعان ما غادره في النهاية معتبراً، وفق مقربين منه، أن بعض المشاركين فيه مقربون جداً من التيار الإسلامي. وحفتر الذي استقبله كونتي مساء الإثنين في باليرمو كان رفض المشاركة في عشاء المؤتمر.

لكنه قبل صباح الثلاثاء بمقابلة ممثلي  الدول الأفريقية والأوروبية المنخرطة في الملف الليبي، بينها مصر وروسيا والجزائر وتونس وفرنسا. وحضر هذا الاجتماع "غير الرسمي" الذي دعا إليه كونتي، فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية.

تركيا تحتج
واحتجاجاً على عدم دعوتها الى الاجتماع، قررت تركيا الانسحاب من المؤتمر معبرة عن "خيبة أملها الكبيرة".

وانتقد أقطاي بشدة ما اعتبره "الاجتماع غير الرسمي الذي عقد صباح الثلاثاء مع عدد من الأطراف وتقديمهم على أنهم اللاعبون البارزون في منطقة البحر الأبيض المتوسط "، معتبراً أنه أمر "مضلل تماماً وهو نهج ضار نعارضه بشدة". 

دور تركي مشبوه
ومع ذلك، لم يؤثر انسحاب تركيا على "الجو الإيجابي" للاجتماع، بحسب كونتي الذي أشاد بـ"التناغم الدولي القوي".

وارتبط اسم تركيا، مؤخرًا ببعض الأزمات التي حدثت في المشهد الليبي، آخرها خطة أنقرة المحكمة للتقارب مع عدد من ممثلي القبائل الليبية من الطوارق.

وبدأ وفد من الطوارق (يضم ثمانية شيوخ، وعددًا من الرموز المحلية المرتبطين بأنقرة) زيارة لتركيا مطلع أبريل (نيسان) الماضي للتنسيق.

واعتبرها المراقبون خطوة تعكس محاكاة الاستراتيجية التركية في سوريا، بدعم مجموعات محددة في صراع محلي بغية جني ثمارها على الصعيدين الدولي والإقليمي.

ووفق المراقبين، بدأ الرئيس التركي رجب أردوغان يغازل الطوارق منذ فترة لإنشاء مجموعة جديدة بالوكالة لتعزيز سياساته في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.

ويعتبر التحرك نموذجًا لسلسلة من الاتصالات التي جرى ترتيبها من قبل التابعين لأردوغان في ليبيا كجزء من الجهود المبذولة لاختراق الطوارق في السنوات الأخيرة.

وقال المحلل التركي عبدالله بوزغرت، من معهد ستوكهولم للحرية إن الهدف هو استخدام الطوارق (يسيطرون على مساحات صحراوية فارغة) من قبل الحكومة التركية.

وتستغلّ مناطق نفوذ الطوارق غالبًا من الخاطفين ومهربي المخدرات والمتطرفين، ما يهدد عدداً من الدول الإفريقية (مالي والجزائر والنيجر) إلى ليبيا.

وضبطت قوات خفر السواحل اليونانية، مطلع العام الجاري السفينة "أندروميدا" القادمة من تركيا، وهى محملة بشحنة من المواد المتفجرة قبل وصولها ميناء مصراتة الليبية.

وطالبت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي وكل المنظمات والهيئات الحقوقية اعتبار الواقعة "جريمة حرب".