الديبلوماسي النرويجي غير بيدرسون.(أرشيف)
الديبلوماسي النرويجي غير بيدرسون.(أرشيف)
الجمعة 16 نوفمبر 2018 / 18:29

هل ينجح بيدرسون في إقناع روسيا بالتخلي عن الأسد؟

24- زياد الأشقر

تعليقاً على تعيين السفير النرويجي لدى الصين والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة غير بيدرسون مبعوثاً خاصاً للمنظمة الدولية إلى سوريا خلفاً لستافان دو ميستورا، كتبت الباحثة جانين دي جيوفاني في مجلة "فورين أفيرز" إن سوريا تعاني حرباً وحشية منذ ثمانية أعوام، أي ما يعادل عمر طفل في الصف الثالث، وأكثر بعامين من عمر الحرب العالمية الثانية.

الحرب السورية يجب أن تنتهي، ويجب تأسيس طريق نحو العدالة، على غرار النموذج الرواندي الذي أقام المحاكم المحلية أو لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا

ولاحظت دي جيوفاني أنه عوضاً عن أن يشهد العامان الأخيران تراجعاً في الأعمال القتالية بسبب إرهاق اللاعبين، فإن الأزمة السورية شهدت تصعيداً.

وقالت إن تأثير الحرب على المجتمع السوري كان كارثياً. والجيل الصاعد لم يعرف شيئاً غيرها. نزح ستة ملايين شخص داخل البلاد، وخرج خمسة ملايين آخرين كلاجئين. وصار ما يقرب من 14 مليون نسمة- من أصل 22 مليوناً لما قبل الحرب- يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. إن سوريا بلد محترق يعاني الجوع، وتعرض لقصف بالسلاح الكيماوي، وتعرض للقصف كي تسقط كل مناطق المعارضة السابقة كلها تقريباً باستثناء إدلب، الجزء الأخير الذي يسعى بشار الأسد إلى السيطرة عليه. واعتبرت أن انتهاكات حقوق الإنسان- التي تشمل الحبس الجماعي والتعذيب والإغتصاب، وكذلك، الهجمات بالأسلحة الكيمازية ضد المدنيين والتجويع كأداة من أدوات الحرب- "هي من بين أسوأ ما رأيته على الإطلاق في ثلاثة عقود من تحليل النزاع والكتابة عنه".

حرب لبنان
وأضافت أنه ما لم تتوقف الحرب في سوريا قريباً فإنها ستصبح مثل الصراع الذي بدأ في لبنان عام 1975. واستمرت تلك الحرب 17 سنة ودمرت بلداً، مما أسفر عن مقتل أكثر من 150 ألفاً وتشريد عشرات الآلاف. وإذا استمرت الحرب في سوريا كل هذا الوقت، فلن يبقى الكثير من الناس ليقتلوا. ولا أحد يعرف حقاً كم مات في سوريا حتى الآن. لقد توقفت الأمم المتحدة عن إحصاء عدد القتلى منذ عام 2016، لكن التقديرات في مكان، تفيد بما يقارب نصف مليون إن لم يكن أكثر. لقد استقبل لبنان، وهو واحد فقط من العديد من البلدان المجاورة اكثر من مليون ونصف مليون سوري، واستنزف مؤسساته الهشة أصلاً.

الجميع منهكون

ورأت أن ما قد يكون في صالح بيدرسون هو التوقيت: جميع الأطراف الفاعلة-المعارضة والنظام وحتى الروس وحزب الله والولايات المتحدة وتركيا- قد أصابها الإنهاك، مما يوحي بأن وقت التفاوض قد يكون ناضجاً، وهو أمر لم يكن كذلك عندما تسلم دي ميستورا مهامه. لقد كان هذا الإيطالي حتى الآن المبعوث الأطول خدمة في هذا الصراع. كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي، غير الغريبين عن إنهاء حروب، استمرا أقل بخمسة أشهر وعامين على التوالي في هذا المنصب الذي يبعث على الإحباط نظراً إلى حقيقة أن لا أحد من الأطراف كان يريد وقف الحرب.

ديكتاتور عنيد
وأضافت أن بيدرسون يرث معارضة محطمة وديكتاتوراً عنيداً في دمشق يرفض المغادرة. وفي صلب أي تفاوض، يجب أن يكون الإفتراض البسيط أن الأسد – وهو رجل لديه الكثير من الدماء على يديه، ولكنه يحتفظ بدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحزب الله- يجب أن يذهب. من المستحيل تخيل بلدٍ في مرحلة ما بعد الصراع يحاول أن يشفى مع الرجل الذي عانى من هذا العذاب عندما كان لا يزال في السلطة. كيف يمكن للعدالة الانتقالية أن تعمل؟ الروس، الذين يحملون الأوراق في نهاية المطاف، ظلوا متمسكين بأن الأسد جزء من العملية السياسية. ولكن بيدرسون الذي نجح في حمل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين على المصافحة، قد يستطيع إيجاد وسيلة لإقناع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأن الأسد قد انتهى.

النموذج الرواندي

وأشارت دي جيوفاني إلى أن الحرب السورية يجب أن تنتهي، ويجب تأسيس طريق نحو العدالة، على غرار النموذج الرواندي الذي أقام المحاكم المحلية أو لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا، من أجل ضمان تقديم المتورطين في انتهاك حقوق الإنسان للعدالة. وحدها عملية كهذه يمكن أن توفر معالجة حقيقية لمكان مدمر كسوريا. وهذا لن يحدث طالما أن الأسد في السلطة.