المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي (أرشيف)
المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي (أرشيف)
السبت 17 نوفمبر 2018 / 12:57

التغيير القادم إلى إيران.. وفاة خامنئي

24 - بلال أبو كباش

هبت رياح تغيير مختلفة على إيران، بعضها خارجي، وبعضها داخلي، تطمح جميعها لكبح جماح النظام الإيراني الذي يكرس أموال الدولة لدعم الإرهاب، في حين يعاني شعبها ويلات الفقر والبطالة.

وفي ظل النكسات السياسية، والعقوبات الاقتصادية، والانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، والاحتجاجات الداخلية، عادت إيران لمربع الخطر، دولة محاصرة، جراء ما تقترفه من قتل وتدمير في المنطقة، ودعم لمخططات تخدم مصالحها بالدرجة الأولى. كل تلك العوامل مؤشرات لحدوث تغيير حقيقي في إيران، لكن تلك العوامل تبقى تلعب دوراً يؤثر بشكل جزئي، أما التغيير الجذري فسيكون بموت المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله على خامنئي.

ويعد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، القوة المطلقة للدولة الإيرانية، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويحتكر جميع القرارات الجوهرية متجاهلاً مرؤوسيه المنتخبين مثل الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، فعندما يتعلق الأمر بمصير إيران، يعود القرار حصراً لخامنئي.

حياة خامنئي في خطر
وتقول مجلة "ناشونال انترست"، في تقرير لها نشر أمس الجمعة، إن حياة المرشد الإيراني علي خامنئي، تقترب من نهايتها، لقد أثر مرض سرطان البروستاتا على صحته بشكل كبير، خاصة وأنه يبلغ من العمر اليوم 79 عاماً، وعند حدوث هذا، في غضون شهر أو سنة أو 5 سنوات، ستواجه إيران أزمة غير مسبوقة. مؤكدة أن الصور التي تنشر من حين لآخر لخامنئي وهو يتلقى العلاج لن تغير شيئاً فكل علامات الشيخوخة والمرض تبدو واضحة.

وتؤكد المجلة، أن 1989 كان شاهداً على تغيير كبير في إيران، فوفاة قائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني، أفسحت المجال أمام صعود خامنئي، بعد أن دفعت النزاعات السياسية حسن علي منتظري جانباً لاختلافه مع النظام في بعض القضايا، حينها اعتبرت خلافة خامنئي للخميني حلاً وسطاً، كونه يحظى بقبول الفصائل السياسية المختلفة في إيران، لكنه لم يحظ أبداً بالاحترام الديني الذي حصل عليه سلفه الخميني.

تغيير موازين القوى
ومع مرور سنين طويلة على الثورة الإيرانية، وعلى وفاة الخميني، تغيرت موازين القوى في إيران، فلم يعد لمجمع "تشخيص مصلحة النظام" قوة نافذة، فمع التغيير الذي حدث عام 1989 بوصول خامنئي إلى أعلى السلطات في إيران، أصبح المجلس مهمشاً وليس له سلطة فعالة. كذلك مع مرور الوقت نمت تيارات أخرى في إيران، فعلى سبيل المثال سرق "الحرس الثوري" الإيراني قوة فاقت قوة مجمع "تشخيص مصلحة النظام"، وصار يسيطر على 20% من اقتصاد إيران وحده، كذلك شكل رحيل أو غياب بعض أهم أسماء مؤسسي الثورة الإيرانية كرئيس مجمع "تشخيص مصلحة النظام" السابق علي أكبر هاشمي، الذي توفي قبل عامين، ومرض رئيس السلطة القضائية السابق محمود هاشمي شاهرودي بالسرطان الدماغي، فرصة لتقوية نفوذ خامنئي الذي حظي بمباركة الخميني قبل وفاته. 

وتقول المجلة، إن خامنئي رجل لا يتمتع بالقوة أو بالكاريزما التي تدعم سلطاته، فمهما فرض من قوة لن تنجو إيران من اقتتال داخلي حتمي بعد رحيله.

سيناريوهات كثيرة
سيناريوهات أخرى قد تحدث ضجة في إيران بعد رحيل خامنئي، أهمها عدم وجود جدول زمني لاجتماعات مجمع "تشخيص مصلحة النظام" لمناقشة مستقبل البلاد، ما أسهم في زيادة نفوذ "الحرس الثوري" يوماً عن يوم، وتؤكد المجلة، أن خامنئي هو من خلق تلك الحالة بقمعه المؤسسات الدستورية المهمة، متجاهلاً حل الجدل السياسي المتزايد في إيران، ووضع حلول فعلية له، ما سيخلق حالة فوضى غير طبيعية بعد وفاته، واقتتال واسع بين الفرق السياسية الإيرانية.

الرد الأمريكي
وتتساءل المجلة، ماذا سيكون رد الولايات المتحدة، إذا حدثت حرب أهلية في إيران، رغم أن ذلك قد يبدو بعيداً، إلا أنه خيار قائم، خاصة وأن الحروب تشتعل في دول المنطقة، سوريا، اليمن، ليبيا، ورجحت "ناشونال انترست" في حال حدوث حرب أهلية سيطرة الحرس الثوري على مفاصل الدولة، بثرواتها الكبيرة، وبأموالها كافة، ليحولها بفضل قوته إلى "ديكتاتورية عسكرية أيدولوجية".

وتقول المجلة أيضاً، على أمريكا وأوروبا القلق بشكل جدي، ليس على مصير الفصائل الدينية في إيران فقط، بل على مصير "الحرس الثوري"، فهل هناك خطط أمريكية أوروبية للقضاء على طموحاته؟ أو أن واشنطن ستكون مستعدة لضمان سلامة قيادات "الحرس الثوري" في حال غادروا إيران بأموالهم وعائلاتهم إلى أماكن أخرى كموسكو وإسطنبول وباكو؟.

تغيير جذري
كل تلك العوامل تكمل بعضها البعض، فاحتجاجات ديسمبر (كانون أول) 2017، الغاضبة والرافضة للنظام الإيراني وسياساته تشكل المستوى الأول من مرحلة التغيير في إيران، لكن وفاة خامنئي ستشكل المرحلة الثانية، فهي الأهم وهي التي ستعمل على تغيير جوهر النظام ككل، لكن تتساءل المجلة ما هو موقف الولايات المتحدة فهل ستدافع حينها عن الدولة المدنية؟. لضمان أن يؤدي ذلك إلى تغيير إيجابي في إيران.

وبكون الولايات المتحدة تضم جالية إيرانية كبيرة، من المثقفين والمتعلمين والأغنياء، فإن هؤلاء إن سعوا بالشكل الصحيح فقد يستطيعوا إحداث تغيير حقيقي في إيران، لكن ذلك لن يتم إذا لم تقم أمريكا بدورها الأساسي وهو تنظيمهم وتوجيههم لإحداث ذلك التغيير.