الصحافي التركي جان دوندار المحكوم عليه غيابياً بالسجن خمس سنوات.(أرشيف)
الصحافي التركي جان دوندار المحكوم عليه غيابياً بالسجن خمس سنوات.(أرشيف)
الأحد 18 نوفمبر 2018 / 15:53

قضية خاشقجي لن تساعد أردوغان في تلميع صورته

كتب الصحافي التركي، بوراك بكديل، أنّه طوال الأسابيع التي تلت اختفاء الصحافي جمال خاشقجي بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من الشهر الماضي، تصرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كأنه زعيم ديمقراطية غربية.

غالباً ما يصف أردوغان من يراهم كصحافيين "سيئين" بأنهم "إرهابيون" و "خونة". أحد هؤلاء الصحافيين هو جان دوندار رئيس التحرير السابق لصحيفة جمهورييت

وذكر بكديل في معهد "غايتستون إنستيتيوت" الأمريكي أنّ الرئيس التركي راح يرفع الصوت بشكل متزايد مطالباً السلطات السعودية بتقديم قتلة الصحافي إلى العدالة وعرض محاكمتهم في تركيا، مقدّماً تسجيلات عن جريمة القتل إلى القادة الغربيين. لكنّ صورة أردوغان أمام الرأي العالم الغربي لم تتحسن، وما عليه سوى لوم نفسه بحسب بكديل.

إنّ مناصرة أردوغان لحقوق الإنسان الأساسية العائدة لصحافي تبدو متناقضة بشكل فاضح. في تقرير سنوي صادر عنها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أوضحت لجنة حماية الصحافيين أنّ "تركيا تبقى أسوأ سجّان عالمي للصحافيين للسنة الثانية على التوالي، مع وجود 73 صحافياً خلف القضبان، بالمقارنة مع 81 خلال السنة الماضية. لا يزال عشرات إضافيون يواجهون المحاكمة وتحدث اعتقالات جديدة بانتظام".

لعدم تشتيت الانتباه
خلال سنتين من حال الطوارئ أعقبتا انقلاباً فاشلاً ضد حكم أردوغان في يوليو (تموز) 2016، تم سجن أكثر من 100 ألف شخص في تركيا، من ضمنهم أكاديميون ومحامون وصحافيون وسياسيون معارضون. ولا يزال أكثر من 50 ألف شخص في السجون وفقاً لمنظمة العفو الدولية وتم تطهير 100 ألف شخص من الإدارات العامة. في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غرد المعهد الدولي للصحافة كاتباً: "يجب على الطبيعة البشعة لقتل خاشقجي ألا تشتت الانتباه عن اضطهاد تركيا الخاص للصحافيين".

غرامة محاولة قتل صحافي.. 900 دولار
غالباً ما يصف أردوغان من يراهم كصحافيين "سيئين" بأنهم "إرهابيون" و"خونة". أحد هؤلاء الصحافيين هو جان دوندار رئيس التحرير السابق لصحيفة "جمهورييت" العلمانية اليسارية. في 2016، تم الحكم على دوندار وزميله إردم غول بالسجن لخمس سنوات بسبب "كشف أسرار دولة" بعدما نشرت الصحيفة تقريراً في الصفحة الأولى فصّل كيف أرسلت أجهزة المخابرات التركية شحنات أسلحة إلى جهاديين متطرفين في سوريا.

قبل فترة قصيرة على صدور الحكم عن إحدى المحاكم في أنقرة الحكم، نجا دوندار من هجوم رجل مسلّح خارج قاعة المحكمة. عوضاً عنه، أصيب مراسل تلفزيوني كان يغطي المحاكمة برصاصة طائشة. كان المسلح بحسب ما بدا مناصراً لأردوغان وقد قال إنّ الأخبار التي اتهمت دوندار بالخيانة العظمى استفزته. خلال جلسة استماع في أكتوبر، حُكِم على المسلح بغرامة تقارب 900 دولار. أمّا ياهيز شنكال، المراسل الذي أصيب، فقد علّق على الحكم قائلاً "هذه الغرامة هي حتى أصغر ممّا اضطررت لدفعه إلى المستشفى بسبب إصاباتي".

محاكمة أم تكريم؟

في 2007، تعرض الصحافي التركي-الأرمني هرانت دينك لثلاث طلقات نارية في رأسه على يد مراهق تم القبض عليه واعترف بأنّه قتل الصحافي بناء على "تطلعات قومية". خلال استجوابه، عامله ضباط الشرطة معاملة تكريمية ووقفوا أمام عدسات التصوير مع المراهق والعلم التركي وكان الجميع يبتسمون وكأنهم يحيّون بطلاً قومياً. وفي 2010، حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنّ الدولة التركية فشلت بحماية حياة دينك "رأت المحكمة أنّه أمكن بشكل معقول اعتبار أنّ قوات الأمن التركية كانت على وعي بالعداء الشديد تجاه هرانت دينك في الأوساط القومية.. لم تقم أي من السلطات الثلاث المبلغة بالاغتيال المخطط له وتنفيذه الوشيك، بالتحرك لمنع حصوله".

وأضاف بكديل أنّ أردوغان حاول جاهداً استخدام مقتل الصحافي جمال خاشقجي لتلميع صورته الملطخة بشدة في العالم الغربي، وهو لا يزال يحاول بصعوبة أن يلعب تلك اللعبة. ووجّه الصحافي التركي في نهاية مقاله الرسالة التالية: "للأسف، سيدي الرئيس: إنّها ببساطة لا تعمل".