(أرشيف)
(أرشيف)
الإثنين 19 نوفمبر 2018 / 12:05

مطار العار لأردوغان..عشرات القتلى والاحتجاج ممنوع!

"مقتل عمال، قمع تظاهرة: مطار العار لأردوغان"...تحت هذا العنوان نشرت مجلة "ماريان" الفرنسية تحقيقاً مطولاً عن المطار الجديد الذي افتتحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اسطنبول في 29 أكتوبر، (تشرين الأول) ذكرى إحياء يوم الجمهورية التركية. فمع أن المطار لم ينجز بعد، تقول المجلة إنه أدى إلى مقتل عشرات العمال في الورش، وشكل فضيحة لأردوغان.

الأكواح التي ينام فيها العمال موبوءة، والوجبات الغذائية غير نظيفة

"إنه أكثر من مطار...إنه معلم للنصر"، هذا ما كتب على لافتات كبيرة عرضت على لوحات جديدة ومضيئة يصعب تجاهلها. ويوم الافتتاح، لم يترك المنظمون شيئاً للصدف: مضيفات بلباس الخطوط الجوية التركية مبتسمات بزيهن الجديد، وأوركسترا والرئيس التركي يصل في سيارة كهربائية. وكانت الرسالة واضحة ومفادها أن هذا المطار الواقع في شمال اسطنبول سيكون رمزاً للمدينة.

ولكن المجلة الفرنسية تلفت إلى أن نصب النصر لا يزال كئيباً لأنه على رغم افتتاح المنشأة الفسيحة، إلا أن السلالم الحمراء الكهربائية ومداخل الركاب لم تستقبل إلا ركاباً قليلين حتى ديسمبر (كانون الأول)، وما بين خمس وعشر رحلات. وحتى الآن لم يتم تشغيل أي مترو إلى الموقع. وفي يوم الافتتاح لم تكن الرافعات وآلات البناء قد أزيلت بعد. وحتى الجامع الذي يفترض أن يكون عند مدخل المطار، لم ينجز بعد.

ولكن تضيف المجلة: "كان يفترض حصول الافتتاح. 29 أكتوبر هو يوم خاص لتركيا كلها. فيه يحيون ذكرى الجمهورية، وهو يوم عطلة في البلاد. وهذا رمز لأردوغان الذي ترتفع صورته الضخمة إلى جانب مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية".

واتخذ قرار إنشاء المطار عام 2015. وصار تشييده خلال أربع سنوات وعداً تكرر مرات عدة، ولكنه لم يحصل من دون خسائر بشرية. ويعمل في الموقع نحو 20 ألف عامل، قتل بينهم كثيرون خلال البناء.
ويقول نهاد دمير، الأمين العام لنقابة عمال البناء: "هذه ليست ورشة، إنها مقبرة".

27 حادثاً
ورسمياً أقرت الحكومة بـ27 حادثاً، وحتى أن المؤسسة المكلفة استثمار المطار قدمت اعتذارها، مشيرة إلى أنها لم تكن على علم بالمشاكل وأنها أوجدت حلولاً سريعة.

ولكت دمير يلفت إلى أنه يستحيل التحقق من أرقام الضحايا، إذ "عندما يقع حادث، تصل عربات الإسعاف بصمت، وتطوّق الشرطة المكان ويمنع التصوير، والجريح الذي لا يعرف أحد اسمه يختفي ويستحيل معرفة المزيد لاحقاً".
ومنع دمير كما كل النقابات والنواب والصحافيين من الحضور إلى الورشة.

ويقول غوكان (اسم مستعار) الذي عمل هناك 14 شهراً: "عثر زملائي على جثة في الأقنية. لم يكن أحد عرف باختفاء صاحبها. ويضيف علي، أحد رفاق غوكان، أن رجلاً سقط من مصعد، ومات على الفور.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أحصت صحيفة "جمهورييت" وفاة 400 عامل منذ بداية الأعمال في المطار.

ظروف صعبة
وتتحدث المجلة عن ظروف العمل الصعبة جداً والتي انتُقدت مرات عدة. "فالأكواح التي ينام فيها العمال موبوءة، والسيارات المكلفة نقل العمال إلى الورش تصل باكراً جداً وتضطر العمال إلى الانتظار ساعات قبل بدء دوامهم. الوجبات الغذائية غير نظيفة، وغالباً ما تقدم في أماكن بعيدة جداً".

ويضيف غوكام: "كان يجب إنهاء العمل قبل 29 أكتوبر، وفجأة صارت الوتيرة سريعة جداً. عملت أحياناً سبعة أيام أسبوعياً من دون أي تعويض". وعند انتهاء الورشة كان يتقاضى 2500 ليرة تركية شهرياً، أي ما يعادل 400 يورو.

ويلفت علي الذي كان يعمل على السطح، إلى انه "خلال العواصف ليس مفترضاً أن نعمل، إلا أنهم أرغموننا على ذلك رغم الخطر".

اعتقالات
وقبل شهر ونصف من الافتتاح، اعتقل نحو 500 عامل خلال تظاهرة، خرجت بعد حادث في الموقع أدى إلى وقوع عدة جرحى، بحسب تزجان آجو، من نقابة "إنشاءات". ويضيف "استنكرنا طويلاً ظروف العمل. والعام الماضي، وجهنا رسالة إلى وزارة العمل، ولكننا لم نلق جواباً".

وتمكنت مجموعة صغيرة من السؤولين المحليين من المشاركة في تلك التظاهرة. وقالت سنية يارداكول، وهي نائبة رئيس محافظة اسطنبول: "كنت من قلة تمكنت من المشاركة. سمعنا معاناة العمال ورأينا العقص على أجسادهم"، ولكن عندما أرادت العودة مجدداً إلى الموقع "منعنا قبل وصولنا بستة كيلومترات".

وبعد ذلك بأسابيع، اعتقل أوغور كارابولوت رئس نقابة عمال البناء ووضع في السجن. ومذذاك، هو موقوف في سجن انفرادي.