من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق.(أرشيف)
من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق.(أرشيف)
الإثنين 19 نوفمبر 2018 / 14:25

شهر العسل الإيراني مع شيعة العراق ينحسر

24- زياد الأشقر

رأى الكاتب منقذ الداغر أن النفوذ الإيراني الكبير في العراق ينحسر بقوة، كاشفاً نتائج استطلاعات تؤكد نظريته.

تدنت نسبة الشيعة الذين يعتقدون أن إيران هي شريك موثوق في العراق بشكل حاد من 67 في المئة إلى 43 في المئة

ويعود صعود النفوذ الإيراني إلى فترة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. ففي حينه، ملأت إيران فراغاً سياسياً بعد سقوط نظام صدام حسين بطرق لم تستطع الولايات المتحدة القيام بها، وعمدت إلى زرع مجموعة واسعة من العملاء في البلاد. وازداد نفوذ إيران بشكل ملحوظ في العراق بين 2003 و2014. وكانت استراتيجية طهران تركز على الإنقسام الطائفي في العراق، وذلك من طريق استخدام الأحزاب الشيعية لزيادة نفوذها، ليس فقط في أوساط النخبة السياسية ولكن أيضاً بين الشيعة العراقيين العاديين. وكانت الدعاية الدينية الطائفية واحدة من الأدوات التي تستخدمها إيران لزيادة شعبيتها وبالتالي نفوذها بين العراقيين. لكن في حين أن الكثيرين من المحللين يتعاملون مع النفوذ الإيراني على أنه شيء يشبه الواقع، تظهر استطلاعات الرأي أن شهر العسل الإيراني مع الشيعة العراقيين يتلاشى سريعاً. ويمكن لهذا التحول في المواقف أن تكون له تأثيرات عميقة على المسار المستقبلي للسياسة العراقية.

استطلاعات
وأشار الداغر إلى أن الحقائق الجديدة التي أظهرتها استطلاعات لمجموعة "المستقلة" للأبحاث أظهرت اتجاهات جديدة في الرأي العام حيال إيران بين الشيعة العراقيين. وتستند هذه الاستطلاعات على نماذج تمثيلية من مختلف انحاء العراق ضمت ما بين 2500 و3500 مقابلة أجريت وجهاً لوجه على ثلاث مراحل وبشكل سنوي في العقد الماضي. وتظهر النتائج من الاستطلاعات الأخيرة تغييرات فعلية مدهشة. إذ تدنت نسبة التأييد بين الشيعة العراقيين لإيران من 88% عام 2015 إلى 47% في خريف 2018. وخلال هذه الفترة نفسها، زادت الآراء السلبية حيال إيران من 6% إلى 51%. وهذا يعني أن غالبية الشيعة العراقيين لديهم مواقف سلبية حيال إيران.

إيران ليست شريكاً موثوقاً
وأوضح الباحث أنه في الوقت عينه، تدنت نسبة الشيعة الذين يعتقدون أن إيران هي شريك موثوق في العراق بشكل حاد من 67% إلى 43% خلال الفترة نفسها. وزادت نسبة الذين يعتقدون أن إيران ليست شريكاً موثوقاً من 24% إلى 55%. وهناك زيادة مهمة في نسبة العراقيين الذين يعتقدون أن إيران هي تهديد حقيقي لسيادة العراق. وقفزت هذه النسبة من 25% عام 2016 إلى 58% عام 2018.

ثلاثة مستويات
وذكّر الباحث أن من الأسباب التي جعلت الشيعة العراقيين يتخذون موقفاً سلبياً من إيران، هي أنهم يحملون طهران مسؤولية الوضع البائس الذي يعيشونه على ثلاثة مستويات: سياسية واقتصادية واجتماعية. وعلى المستوى السياسي يعتبر الشيعة أن إيران تقف وراء كل الحكومات العراقية التي جرى تشكيلها منذ 2006. وتولت هذه الحكومات أحزاب شيعية مؤيدة لإيران. وقد أخفقت هذه الحكومات في تقديم مستوى معيشة لائق للعراقيين عموماً وفي المناطق الشيعية خصوصاً. وهذا ما أدى إلى إندلاع تظاهرات احتجاج واسعة في الجنوب العراقي.

الالتفاق على العقوبات
وعلى الصعيد الاقتصادي، استخدمت إيران العراق كمنفذ للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها. وأغرقت السوق العراقية بالبضائع-خصوصاً في المناطق الشيعية المتاخمة لإيران- وكانت هذه البضائع رخيصة الثمن وذات نوعية رديئة. وهذا ما أثر سلباً على الاقتصاد المحلي ودمر المنتجات العراقية المحلية الصغيرة والمتوسطة. ومثلاً توقفت مزارع البندورة في البصرة بسبب منافسة غير عادلة. وبسبب النقص في المياه والكهرباء في إيران، قطعت الحكومة الإيرانية تدفق الأنهار التي تزود العراق بالمياه النظيفة. وهذا ما أدى إلى نقص في المياه الصالحة للشرب في جنوب العراق الذي تسكنه غالبية شيعية.