الإثنين 19 نوفمبر 2018 / 15:45

أبوظبي: جرائم الفن في الأسواق الناشئة.. السرقة والنصب والتزوير

24 - الشيماء خالد

تقول الباحثة والقيمة الفنية، أزمينا جاساني: "جرائم الفن كما نلقبها، لها فئات عديدة، ربما أبرزها يأتي في قسمين، السرقة بالتزوير والنصب والاحتيال، والسرقة بالقوة أي انتزاع الملكية للعمل الفني أو الأثري، وفي الفن المعاصر، يسأل الثير من الفنانين عن كيفية حماية أنفسهم وإبداعهم".

وتعتبر الجرائم من هذا النوع، وتداول الأعمال الفنية المزيفة والمسروقة والمهربة، في الأسواق الناشئة، من القضايا الملحة والأكثر إثارة للجدل في عالم الفنون، خاصة مع قضايا عديدة في أروقة المحاكم، مضت، وأخرى مستمرة، لعدد غير يسير من حالات كهذه، والتقى 24 بعض أبرز الخبراء والباحثين في عالم الفن، اللذين ناقشوا أخيراً في أبوظبي، جانباً من هذه القضايا، مع جمهور واسع في منارة السعديات.
 
أعمال باهظة الثمن.. بلا معلومة مؤكدة
وتقول جاساني "هناك استراتيجيات وممارسات يمكن تطبيقها في الشرق الأوسط، مثلاً، من المهم تقوية منصات المعلومات الموثوقة والجهات التي يعول عليها بشأن الفن، وكذلك توفر طرق أسلس للوصول للمعلومة، وللأسف في أسواق الفن الناشئة، صعب وجود هذا، وهنا يصبح تداول الأعمال المزورة أو المنهوبة ممكناً جداً".

وتضيف: "خلال سنوات خبرتي في سوق الفن، يتعدد تعريف تأكيد المعلومة الموثوقة، وأدهشني أنه في الشرق الأوسط هناك من يشتري أعمال فنية باهظة الثمن، دون اجتهاد وتحري في الحث، وأعتقد أن سوق الفن ينقصه توافر المعلومة ودقتها للأسف عادة رهن بشريحة بسيطة جداً في المجتمع، وأقول لجميع الجامعين، لا تعتمدوا على غوغل للتأكد من أصالة الأعمال الفنية التي تحصلون عليها".

وتنصح جاساني بتعيين خراء وطرح الأسلة المفروضة على ذوي العلم، "فليس هناك الكثيرون ممن يعرفون الإجابة الصحيحة في هذا المجال بالذات".

محقق فني.. محاكم
وبرأي جاساني "هناك ثغرة يواجهها الجامعون بلا ذنب، وهي أنهم أحياناً يحصلون على معلومات ناقصة، أو أخرى يصعب البت في قرار سليم على ضوئها، مثلاً حين ترغب بشراء عمل فني، تطلب يفترض شهادة سلسلة وتاريخ ملكية، ستجد كثيراً من عبارات مثل "مجموعة خاصة من أوروبا)، أو (مقتنيات خاصة – أمريكا) إلخ، وعليك في الواقع تعيين محقق فني لمعرفة من فعلاً كان يملك العمل أو القطعة قبلك، وهذا يتطلب إنفاق وقت طويل وصبر، لكن المشكلة أن صفقات كهذه في حد ذاتها تحصل بسرعة جداً، وللأسف أصبحنا نشاهد حول العالم، وليس في الشرق الأوسط فقط، هجوماً على الخبراء في تحديد أصالة الأعمال الفنية، والبعض يرفع بحقهم قضايا في المحاكم، ولهذا ينزع هؤلاء للابتعاد عن هذا العمل، وهذا واحد من أبرز العناصر إلى جانب ما سبق ذكره، مما يجعل الجرائم الفنية كثيرة اليوم".

وتضيف جاساني: "في السرقات الفنية القائمة في أعمال، سواء العصرية أو التاريخية وخلافه، تدور قضايا ضخمة في هذا الشأن، وتسعى القوانين العالمية لمنع حدوث أمر كهذا، وتتم محاسبة المتورطين في هذه الجرائم، وتتم استعادة واسترجاع الكثير من الأعمال الفنية".

نقص مخيف
ويقول القيم الفني، ومدير معارض فنية عديدة، صالح بركات: "في البداية منطقة الخليج والعالم العربي، باعتبارها أسواق ناشئة في تجارة الفنون، وجدت ثغرات بالطبع وبيع قطع مزيفة، لكن اليوم هناك ثقافة تنمو يوماً بعد آخر في هذا الشأن خاصة مع الارتفاع الضخم في القيمة النقدية التي يمنحها الجامعون من المنطقة لاقتناء الأعمال الفنية وكذلك عودة الاهتمام بفناني الشرق الأوسط وارتفاع مستوى تقدير أعمالهم كقيمة".

ويرى بركات أن المشكلة في تزيف الأعمال من المنطقة، تكمن في كونها مثلاً، في حال الفنانين المعاصرين، لا توجد معلومات دقيقة حولهم تظهر كل أعمالهم وأهميتها وكذلك نقص مخيف في المطبوعات والمشاركة في المعارض والمتاحف والتواجد القوي في المجموعات الخاصة، وبرأيي لنحمي الأسواق الناشئة ف الفن، علينا بناء قاعدة من السجلات والأرشفة والتعريف بإبداع ومبدعي المنطقة أكثر".

ويضيف بركات: "نحتاج لنظم قانونية أكثر وضوحاً في هذا الشأن ما أن هناك جزء من المسؤولية على دور المزادات ومعارض بيع الفنون والتي لمرات عدة ساهمت بقصد أو دونه في تعزيز الاتجار في الأعمال الفينة المزيفة".

ممارسات خفية.. متلاعبين
وتقول أستاذة تاريخ الفن، والباحثة الفنية، ليلي سريبيرني: "في رحلات قمت بها في معارض ومزادات فنية في دبي، رفقة مقتني أعمال وجامعين غربيين، في الأعمال من الشرق الأوسط، اكتشفت ممارسات خفية في عالم سوق الفن، وهناك ثغرات عدة في مسألة التأكد من أصالة الأعمال، أعتقد أيضاً أن الظروف السياسة قد توسع رقعة هذا النوع من الممارسات السلبية في أسواق الفن الناشئة".

وتضيف سريبيرني: "هناك متلاعبين على عدة مستويات ووسطاء من الدرجة الثانية والثالثة وحتى الرابعة ومحترفون في الأعمال الفنية المزورة والمسروقة بالطبع، والأخيرة برأيي الأكثر خطراً على الأجيال، وتطرح حولها تساؤلات أخلاقية عديدة، وثقافية كذلك، وبدوره، يجب أن يكون الحل ثقافياً مصحوباً بقوانين صارمة لكن الأهم ثقافياً بتوعية الجمهور ومحبي الفنون والجميع، بأهمية التراث الإنساني والإبداعي كل".