نصف المهاجرين في تيخوانا هم من الأطفال وهم عرضة للإصابة بالأمراض نتيجة سوء الأوضاع  في مركز اللجوء (سكاي نيوز)
نصف المهاجرين في تيخوانا هم من الأطفال وهم عرضة للإصابة بالأمراض نتيجة سوء الأوضاع في مركز اللجوء (سكاي نيوز)
الإثنين 19 نوفمبر 2018 / 16:13

المهاجرون على حدود المكسيك.. آلامهم سوريّة

24. إعداد: شادية سرحان

أوضح تقرير بريطاني أن أزمة المهاجرين الذين فروا من بعض بلدان أمريكا الوسطى خوفاً من حروب العصابات والفقر في بلدانهم، أملاً في الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عبر حدود المكسيك، تشبه إلى حد كبير أزمة اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء في أوروبا وهم الذين فروا أيضاً قبل 7 سنوات إلى أوروبا خوفاً من الحرب والجوع في سوريا، فما "أشبه اليوم بالبارحة".

وسلطت قناة "سكاي نيوز" الإنجليزية، اليوم الإثنين، الضوء على معاناة المهاجرين العالقين على الحدود المكسيكية الأمريكية، وقال كبير مراسلي القناة، ستيوارت رامسي، في تقرير له، إن " آلالاف من المهاجرين العالقين في تيخوانا المكسيكية، تم إيواء أغلبهم في مركز رياضي، هيئته السلطات المحلية للمهاجرين". 

فوضى ورفض وشكوك
وأضاف رامسي في تقريره أن "المركز الرياضي يحمل جميع علامات الفوضى والمعاناة التي كانت في المخيمات الأوروبية للاجئين السوريين مثل مراكز اللجوء في تركيا واليونان".

ويضيف التقرير، أن "المهاجرين يتعرضون أيضاً إلى الشكوك من قبل السلطات المحلية في أن يكون بعضهم قد فر بسبب ارتكاب الجرائم في بلاده وليس بسبب الفقر أو الخوف من الحرب، كما كان الحال في أزمة اللاجئين السوريين في المخيمات الأوروبية".

ويذكر أن وزارة الداخلية المكسيكية، أعلنت الأسبوع الماضي، توقيف مهاجرين من هندوراس مطلوبين لدى قضاء بلادهما، أحدهما بتهمة ارتكاب 3 جرائم قتل، والثاني بتهمة تهريب المخدرات،

ولفت رامسي إلى أن "قوافل المهاجرين تواجه معارضة كبيرة من القادة السياسيين هنا في المكسيك وأيضاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومن السكان المحليين الساخطين".

وخرج المئات من سكان تيخوانا اليوم إلى الشوارع للإعراب عن غضبهم بسبب وصول آلاف المهاجرين إلى بلدتهم، حيث قاموا بحث المهاجرين على مغادرة المدينة والتوجه إلى جنوب ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية، وردد المتظاهرين العبارات "إنهم غزاة" و"إنهم مسلحون" و"يجب عليهم الخروج من البلاد".

وكان عمدة "تيخوانا" خوان مانويل جاستيلوم أيضاً قد حذر الأسبوع الماضي من أن البلدة ليست مستعدة للتعامل مع كل هذا العدد وطالب السلطات بتقديم مساعدات.


تحذيرات من الأمراض

وتابع رامسي إن "المركز الذي يتجمع فيه المهاجرين في البلدة المكسيكية قد يعاني من أوضاع سيئة للغاية كما حدث في مخيمات اللجوء الأوروبية، حيث أن نصف المهاجرين من الأطفال وهم ينامون الآن على الأرض وسط المركز، كما يوجد احتمال كبير لتعرضهم للإصابة بالأمراض الرئوية بسبب اكتظاظ المركز بالأشخاص البالغين".

كما حذر رامسي من تفشي الأمراض بين المهاجرين في المركز، قائلاً "على الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات المحلية وعدد من المنظمات غير الحكومية للحفاظ على نظافة المركز، إلا أن تفشي الأمراض مثل الإسهال والقيء شيء وارد وسيحدث عاجلاً أم أجلاً، وذلك عند وصول المزيد من قوافل المهاجرين إلى البلدة المكسيكية في الأيام المقبلة".


المكسيك تغرق

ويشار إلى أن أكثر من 2500 مهاجر من دول أمريكا الوسطى قد وصلوا إلى "تيخوانا" مؤخراً ليرتفع العدد إلى أكثر من 5 آلاف مهاجر، ووفق السلطات المحلية، بات أكثر من 3200 مهاجر في تيخوانا، ويفترض وصول حوالي ألفي مهاجر آخرين في الأيام المقبلة.

وحذر التقرير بأن المكسيك ستغرق بالمهاجرين، حيث يجري تشكيل قوافل للمهاجرين من بلدان أخرى كالبرازيل وفنزويلا.


التعامل مع الأزمة

أفاد التقرير أن الولايات المتحدة تملك نظام لجوء "فاعل" ولكنه "بطيء"، حيث يستطيع فقط معالجة 100 حالة يومياً في تيخوانا وذلك في أحسن الأحوال".

وأضاف التقرير، أن "الرئيس ترامب، لم يساعد في حل أزمة المهاجرين العالقين على حدود بلاده، حيث أنه فقط قرر جعل قوافل المهاجرين قضية سياسية وذلك في جهوده الرامية إلى دعم أصوات الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، وإرسال القوات إلى الحدود من أجل (حماية) بلاده، على حد قوله".

والجدير بالذكر أن ترامب هدد بقطع المساعدات المالية لدول أمريكا الوسطى المعنية بمسألة الهجرة، كما قرر إرسال آلاف الجنود إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، الذي أثار انتقادات شديدة، مشدداً على أنهم سيبقون هناك "طالما لزم الأمر". 

وبشكل عام، وبحسب التقرير، فإن عدم حل أزمة المهاجرين على الحدود المكسيكية الأمريكية، لا يعد فشلاً للولايات المتحدة أو المكسيك، لأن المسؤولية تقع على عاتق حكومات دول أمريكا الوسطى المعنية بمسألة المهاجرين، مثل السلفادور ونيكاراغوا، وذلك بسبب سوء إدارتهم الاقتصادية لبلادهم، بالإضافة إلى حرب العصابات التي تؤدي إلى تدمير المجتمعات و عنف كبير يستهدف الشريحة الأضعف وهم الفقراء.

وأوضح معد التقرير، أن المهاجرين أصبحوا موجودين الآن على الحدود وسيبقون لفترة طويلة جداً، لذا يجب أن يكون هناك استجابة دولية ومنظمة لإدارة الأزمة، كما كان الحال في أوروبا.

وقال رامسي "يستطيع الرئيس الأمريكي وصف جميع المهاجرين بالمجرمين، وهم ليسوا كذلك، ويمكن لعمدة بلدة تيخوانا أن يهدد بطردهم جميعاً وهو لا يستطيع، لكن الأهم الآن، هو وجود تحرك دولي وإنساني، على الأقل لضمان عدم تعرض المهاجرين للموت والإهمال أو اللجوء إلى الجريمة للحصول على المال مقابل الطعام".

وختم رامسي تقريره بالقول: إنه "لا يمكن التعامل مع مشكلة كهذه بالأسلاك الشائكة ولكن يجب التعامل معها بالتعاطف، لكي لا يبقى المهاجرون أسرى لحياة لا تطاق".