الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 / 13:26

مصالح بوتين في سوريا ولبنان تقوّض الخيارات العسكرية لإسرائيل

رأى عاموس هارئيل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن الحذر الاستثنائي الذي تنتهجه إسرائيل في التعامل مع حماس بقطاع غزة يعود إلى قلقها المتزايد على الجبهة الشمالية، الأمر الذي يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى محاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

مناورات إسرائيل مع حزب الله التي تشبه لعبة الشطرنج تختلف تماماً عما يريده بوتين من سوريا ولبنان رغم محاولة حزب الله لتصنيع الأسلحة في لبنان

ويشير هاريل إلى أن المشكلة التي تواجهها إسرائيل في الشمال تتمثل في خطر تقويض فرصتها لشن عمليات عسكرية؛ وبخاصة لأن إسرائيل عمدت خلال السنوات الأخيرة إلى استغلال الاضطرابات الناجمة عن الثورات العربية للتوسع في ضرباتها العسكرية السرية في معظم الأحوال. وخلال مئات الغارات الجوية والعمليات العسكرية الخاصة، عملت أجهزة الجيش والمخابرات الإسرائيلية على إبعاد خطر اندلاع حرب أخرى إلى جانب خفض القدرات العسكرية للعدو (إيران وحزب الله) في حالة اندلاع الحرب.

تقويض إيران
ويوضح التقرير أن الحملة الإسرائيلية في سوريا ولبنان ركزت في البداية على منع إيران من تهريب الأسلحة المتقدمة إلى حزب الله في لبنان، ولكن خلال العام الماضي، أضيفت مهمة جديدة وهي منع إيران من تعزيز  وجودها العسكري في سوريا، ووصل الأمر إلى ذروته من خلال وقوع سلسلة من الحوادث والمناوشات بين قوات الدفاع الإسرائيلية والحرس الثوري الإيراني أثناء فصلي الشتاء والربيع الماضيين.

ولكن الأوضاع تغيرت تدريجياً مع استقرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، وسواء كانت روسيا لاتزال غاضبة حقاً بسبب إسقاط طائرة التجسس الروسية (بواسطة مضادات الطائرات السورية) أثناء غارة جوية إسرائيلية قبل شهرين، أو أنها تستغل هذا الحادث من أجل فرض قواعد إستراتيجية جديدة في الشمال، فإن النتيجة واحدة في الحالتين؛ إذ أن الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا لم تتوقف بشكل كامل. ووردت أبناء عن حصول غارتين منذ إسقاط الطائرة الروسية، ولكن من الواضح أن موقف روسيا بات أكثر صرامة.

أزمة إسرائيل وروسيا

وبحسب مراسل "هآرتس"، يبدو أن هذه الأزمة بين إسرائيل وروسيا لم تحلّ حتى مع الاجتماع الخاطف الذي عقد مؤخراً بين نتانياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش مؤتمر دولي في باريس وبذلت إسرائيل جهوداً كبيرة لترتيبه. وصرح بوتين يوم الخميس الماضي أنه لا يخطط لعقد اجتماع آخر مع نتانياهو في أي وقت قريب.

ويلفت التقرير إلى أن روسيا قد أوضحت لإسرائيل بطرق عديدة أن الوضع الذي كان قائماً في السابق قد انتهى بالفعل؛ لاسيما أن الأنشطة العسكرية المكثفة للقوات الجوية الإسرائيلية تعطل المشروع الروسي الرئيسي الذي يتمثل في استعادة سيطرة نظام الأسد على معظم الأراضي السورية وتوقيع عقود طويلة الأمد مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل حماية مصالح موسكو الأمنية والاقتصادية في سوريا.

ويرى مراسل "هآرتس" أن ثمة دلائل على التغيير الواضح في النهج الروسي تتمثل في النبرة الأكثر عدوانية على الخط الساخن الذي يربط بين مقر سلاح الجو الإسرائيلي والقاعدة الروسية في حميميم (شمال غرب سوريا)؛ إذ يهدف هذا الخط إلى منع الحوادث الجوية بين إسرائيل وروسيا.

صواريخ حزب الله
ويحذر المراسل من حدوث مشكلة في لبنان، فقد أشار نتانياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر(أيلول) الماضي إلى جهود إيران وحزب الله لإقامة منشآت لإنتاج الصواريخ في منطقة بيروت، وبالنظر إلى المشاكل التي واجهت عمليات التهريب، يبدو أن قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني باتت مضطرة إلى تقصير المسافة بين إيران وحزب الله من خلال تركيز جهودها على تحسين دقة صواريخ حزب الله. وخلال الفترة الفاصلة بين خطاب نتانياهو وجولة بيروت، تم التخلص من الأدلة، ولكن على المدى الطويل من المستبعد أن تتخلى إيران عن هذا الجهد.

ويصف مراسل "هآرتس" الاهتمام المتزايد الذي أظهره مؤخراً بوتين بالأحداث في لبنان بأنه يثير القلق؛ حيث إنه في أسوأ السيناريوات، سيتم توسيع المظلة الدفاعية (الحقيقية والرمزية) التي تنشرها روسيا فوق شمال غرب سوريا لكي تمتد إلى لبنان، وهذا الأمر من شأنه أن يقود إلى تعقيد حسابات إسرائيل.

مصالح بوتين
وبحسب تقارير وسائل الإعلام العربية، لم تشن إسرائيل حتى الآن غارات جوية على لبنان منذ شهر فبراير (شباط) 2014، عندما قام سلاح الجو الإسرائيلي آنذاك بقصف قافلة أسلحة عبرت الحدود من سوريا باتجاه جنتا اللبنانية على الحدود مع سوريا. وعلى الفور استغل حزب الله هذا الهجوم ورد بسلسلة من الضربات التي نفذها السكان الدروز بمرتفعات الجولان السورية قتل فيها قائد الخلية سمير قنطار وخليفته جهاد مغنيه. ومنذ ذلك الوقت عمدت إسرائيل إلى تقييد هجماتها في سوريا.

ويخلص تقرير "هآرتس" إلى أن مصالح بوتين في سوريا ولبنان تشكل تحدياً كبيراً ومختلفاً تماماً بالنسبة إلى إسرائيل وهو ما لمح إليه نتانياهو من خلال الإشارة إلى اعتبارات أمنية لا يمكن مشاركتها مع الجمهور أثناء زيارته مؤخراً إلى النصب التذكاري لبن غوريون، وبخاصة لأن مناورات إسرائيل مع حزب الله التي تشبه لعبة الشطرنج تختلف تماماً عما يريده بوتين من سوريا ولبنان رغم محاولة حزب الله لتصنيع الأسلحة في لبنان.