(أرشيف)
(أرشيف)
الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 / 16:41

صفقة ترامب والرئيس الصيني.. لن تدوم

24 - إعداد: ريتا دبابنه

يقول الكاتب والمحلل الاقتصادي جيديون راتشمان، إن هناك حرباً تجارية قائمة بين أكبر اقتصادين في العالم، والحديث عن حرب باردة جديدة، بات أمراً شائعاً الآن، في كل من واشنطن وبكين.

يلفت راتشمان في تقرير بصحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى أنه في نهاية هذا الشهر، سيلتقي رئيسا الولايات المتحدة والصين، دونالد ترامب وشي جين بينغ، في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، لإجراء محادثات حاسمة، يمكن أن تتوج باتفاق جديد بشأن التجارة، أو المزيد من التوترات.

سيناريوهات محتملة
وكتب راتشمان عدة سيناريوهات من الممكن أن تقع بعد اللقاء المنتظر، من بينها يقول: "من الممكن أن تسود المصالح التجارية، ونتيجة لذلك، ستكون هناك هدنة في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين".

ويضيف: "لكن أحد أتباع النظرية "الواقعية" للعلاقات الدولية، سيفترض أن قوة راسخة مثل الولايات المتحدة، وقوة متصاعدة، مثل الصين، ستصطدمان حتماً، وبالتالي ستستمر التوترات الاقتصادية والاستراتيجية في الصعود".

وفي حال اعتقدنا أن "التاريخ مدفوع بالحوادث"، يتابع راتشمان: "سيخبرك إذاً أنه لا توجد نظرية يمكن أن تفسر كيف ستنتهي الأمور لأن الكثير يعتمد على كائنات بشرية غير متوقعة".

ويشير الكاتب إلى أن هناك علامة واحدة على أن العديد من النتائج لا تزال ممكنة، وهي الاقتتال الداخلي المفتوح الذي اندلع بين المعسكرين المتنافسين في إدارة ترامب من جهة، وبوادر التوتر في بكين، حيث تسعى الحكومة الصينية إلى إيجاد طريقة لإرضاء ترامب، من جهة أخرى.

بوادر توتر
ويلفت إلى معسكر الصقور في واشنطن، الذين يعملون بنشاط من أجل مواجهة طويلة الأمد مع الصين.

من الناحية الاقتصادية، يشمل المعسكر المستشار التجاري للبيت الأبيض، بيتر نافارو، والممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتايزر. ومن الناحية الاستراتيجية، فسنجد مستشار الرئيس للأمن القومي جون بولتون، إلى جانب نائب الرئيس مايك بنس، الذي ألقى مؤخراً خطاباً متفائلاً بشأن الصين.

وفي المقابل، هناك معسكر الحمائم، بقيادة وزير الخزانة ستيفن منوشين، والمستشار الاقتصادي الرئيسي للبيت الأبيض، لاري كودلو.

ويريد الحمائم، حسب تقرير الصحيفة، أن يروا أن التوترات التجارية الحالية قد حلت بسرعة، في حين أن الصقور يعرفون أن ترامب هو أكبر أمل لهم، وأكبر ضعف محتمل لهم.

ترامب المتقلب
وذهب ترامب بالفعل، إلى أبعد من أي رئيس أمريكي آخر في مواجهة الصين، حيث فرض رسوم جمركية على ما يقرب من نصف الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، وصعّد من الدوريات البحرية عبر المياه المتنازع عليها في المحيط الهادئ.

لكن ترامب أيضاً، يقول راتشمان، متقلب المزاج، ولديه ضعف في التعامل مع الحكام المستبدين. يشعر بعض مستشاريه بالقلق من ذكرى قمة سنغافورة في يونيو (حزيران) مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، عندما أنهى ترامب فجأة سنة من التهديدات المريعة والتزم بالحوار. ومنذ ذلك الحين، قام الرئيس الأمريكي بالتغريد حتى عن "حبه" لكيم.

قلق الصقور
ولطالما كان ترامب مثيراً للقلق بالنسبة للصقور، فأكد على أنه يتمتع بأكبر قدر ممكن من الاحترام للرئيس الصيني، وأظهر أيضاً ميلاً مزعجاً إلى المطالبة بـ"اختراق خيالي".

فعلى سبيل المثال، ادعى الرئيس الأمريكي مؤخراً، أن الصين تخلت عن سياستها الصناعية، المعروفة باسم "صنع في الصين 2025"، لأنه شخصياً وجدها "مهينة للغاية". لكن لا يوجد دليل على أي تصرف صيني كهذا.

تناقض
وعبر نافارو عن قلق الصقور في خطاب ألقاه مؤخراً في واشنطن، اتهم فيه "المليارديرات العالميين" بالعمل كجهات ضغط في الصين. وبعد بضعة أيام، تناقضت تصريحات كودلو، زميله في البيت الأبيض، بشكل مباشر معه، وقال إن تعليقات نافارو "بعيدة عن الواقع".

ويقول راتشمان: "تصاعدت التوترات الاستراتيجية، مع تزايد التنافس التجاري، ويخشى خبراء عسكريون أمريكيون، من أن برنامج الصين لبناء القواعد العسكرية في بحر الصين الجنوبي قد يغير ميزان القوى في المنطقة".

حرب قادمة
واسترجع راتشمان تصريحات رئيس القيادة الأمريكية الهندية والمحيط الهادي، الأدميرال فيل ديفيدسون، التي أدلى بها أمام الكونغرس مؤخراً، قائلاً: "الصين قادرة الآن على السيطرة على بحر الصين الجنوبي، وبذلك ستكون أقرب أكثر من أي وقت مضى لشن حرب مع الولايات المتحدة".

ولإثبات أن الولايات المتحدة لم تقبل الهيمنة الصينية على هذه المياه ضمنياً، صعدت واشنطن من دورياتها البحرية، ويريد بعض صقور واشنطن، أن تقنع الولايات المتحدة حلفاءها - خاصة اليابان وكوريا الجنوبية - بالسماح لأمريكا بنشر صواريخ قصيرة المدى في المنطقة.

خلاف جيوسياسي
هذه التوترات العسكرية تجعل النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أكثر صعوبة في التسوية حول الحجج التجارية لإدارة ترامب مع المكسيك وكندا، ولا يعتبر أي منهما منافساً استراتيجياً للولايات المتحدة.

ويختتم راتشمان بالقول إن "هذا الخلاف الجيوسياسي - وليس الاقتصادي - هو الذي يجعلني أعتقد أن التقييم "الواقعي" للتنافس بين الولايات المتحدة والصين من المرجح أن يتم تبريره. لذا حتى إذا كانت قمة مجموعة العشرين ترى أن ترامب وافق على تأجيل خططه لزيادة التعريفات الجمركية على الصين، فقد لا تستمر هدنة تجارية لفترة طويلة بالنظر إلى هذه الخلفية من التنافس المتنامي بين القوى العظمى".