(أرشيف)
(أرشيف)
الأربعاء 21 نوفمبر 2018 / 14:44

العقوبات الأمريكية.. تبدأ قص أجنحة الملالي

24 - إعداد: ريتا دبابنه

يشك كثير من المراقبين في أن عقوبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران، والتي تستهدف اقتصادها بشكل خاص، من الممكن أن تحقق النجاح المطلوب، إلا أنه من الواجب إعادة النظر إلى هذه المسألة، خاصة في ظل الأوضاع الأخيرة التي تشهدها البلاد.

وفي تقرير لصحيفة "فورن بولسي"، يقول الكاتب والباحث في مركز ترومان للأبحاث، مايكل تانشوم، إنه "صحيح أن تأثير العقوبات المباشر على عائدات صادرات النفط الإيرانية من المرجح أن يكون ضئيلاً، لكن على المدى الطويل، يمكن أن تكون آثار العقوبات كبيرة.

تداعيات العقوبات
في وقت سابق من الشهر الجاري، أعادت الولايات المتحدة فرض حظر على صادرات النفط الإيرانية بعد إعلان انسحابها من الصفقة النووية الإيرانية في مايو (أيار) من هذا العام.

والاتفاق، الذي تم التفاوض عليه في عام 2015، نص على تخفيض العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وزيادة القيود المفروضة على برنامج التنمية النووية في البلاد.

ويستهدف الحظر المتجدد لإدارة ترامب الصناعات الإيرانية للبترول، والشحن، ويضع قيوداً على المعاملات المالية التي تعتبر حاسمة لصادرات البلاد من النفط والغاز الطبيعي.

وشكك المراقبون على الفور في أن عمليات الحظر المتجددة من شأنها أن تحقق نتائج جيدة.

ويعلق الكاتب قائلاً: "بمجرد أن أعلنت الإدارة النظام الجديد، منحت أيضاً إعفاءات لـ8 بلدان - من بينها أكبر مستورد للنفط الإيراني - بما في ذلك الصين، والهند، وكوريا الجنوبية، واليابان، وتركيا. وفي عام 2017، اشترت هذه البلدان الخمسة 70% من صادرات إيران من النفط الخام والمكثفات. وتشكل الصين، الموقعة على الاتفاقية النووية، ربع سوق تصدير النفط الإيراني".

تناقض أوروبي
ويتابع: "بعد التنازلات، أعلن الاتحاد الأوروبي وغيره من الموقعين على الصفقة الإيرانية، أنهم سيلتزمون بالاتفاقية طالما استمرت إيران في الوفاء بشروطها. كما تعهد الاتحاد الأوروبي بتعويض الشركات الأوروبية المتضررة من العقوبات الأمريكية، ويحاول إنشاء "أداة ذات غرض خاص" لإلغاء المدفوعات إلى إيران، بحيث ستتجاوز الآلية نظام SWIFT الأكثر استخداماً، وقد تجعل المعاملات بين الاتحاد الأوروبي وإيران غير خاضعة للرقابة من قبل الولايات المتحدة".

إلا أنه على الرغم من هذه الجهود، يبقى المدى الذي ستستمر فيه التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإيران غير واضح، في الوقت الذي أعلنت فيه الشركات الأوروبية الكبرى في صناعات الطاقة والشحن والتأمين، أنها ستعلق التعاون مع إيران.

إيران تخسر
على سبيل المثال، يقول الباحث، أعلنت شركة AP Moller-Maersk الدنماركية، وهي أكبر مشغل لسفن الحاويات في العالم، ولديها أيضاً أجنحة كبيرة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والحفر وغيرها من الخدمات، في 17 مايو (أيار) أنها ستوقف كل أنشطتها في إيران.

وصدر قرار الشركة، بعد يوم واحد من إعلان شركة الطاقة الفرنسية العملاقة "توتال" أنها ستنسحب من مشروع بمليارات الدولارات في حقل غاز جنوب فارس الإيراني، إذا لم تحصل الشركة على تنازل من الولايات المتحدة لتجاوز العقوبات.

ويشير الكاتب إلى أنه من الممكن أن تعمل السوق نفسها ضد العقوبات الأمريكية، ويتابع: "من المحتمل أن يقابل الانخفاض في مبيعات النفط الإيرانية ارتفاع أسعار النفط العالمية، وهو ما يعني أن إيران قد لا تشهد أي انخفاض في إيراداتها".

طوال شهر فبراير (شباط)، كان سعر برنت الفوري للنفط منخفضاً في نطاق 60 دولاراً للبرميل، وارتفع سعر البرميل إلى 80 دولاراً بعد انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة الإيرانية، وارتفع هذا الرقم إلى 86 دولاراً للبرميل في أكتوبر (تشرين الأول) بفضل انهيار الإنتاج الفنزويلي.

وعملت الولايات المتحدة مع حلفائها في الشرق الأوسط لزيادة إنتاج النفط، لكنه مع ذلك، انخفضت الأسعار إلى 70 دولار للبرميل فقط اعتباراً من 9 نوفمبر (تشرين الثاني).

لا مفر!
ويلفت تانشوم إلى أنه حتى لو تمكنت إيران من التغلب على العقوبات بسهولة على المدى القصير، فإن الصورة طويلة الأجل ستكون مختلفة كلياً.

ويفسر الباحث: "تعد إيران خامس أكبر منتج للنفط في العالم، ولكنها تعتمد على حقول ناضجة نسبياً لإنتاجها، ولهذه الحقول معدلات انحدار مرتفعة، وهي مقياس لمعدل سقوط حقل نفطي سنوي في معدل الإنتاج إلى النقطة التي لم تعد تنتج فيها بشكل مربح، من 8 إلى 11%".

ويوضح: "قبل التوقيع على الاتفاقية النووية في عام 2015، لم تكن إيران قد أدخلت أي تجديد أو تطوير في مجال النفط منذ عام 2007. ومن غير المحتمل أن تتمكن إيران من تطوير حقول جديدة الآن، لأنها تحتاج إلى استثمارات أجنبية للقيام بذلك".

ويضيف: "حتى الصين، التي قد توفر التمويل عادة، تواجه مشاكل في التحويلات".

ويختم الباحث في معهد ترومان للدراسات، أنه "إذا لم يكن بوسع إيران تطوير حقول جديدة، فإن البلد بحاجة ماسة إلى استخدام أفضل للحقول القديمة من خلال أحدث التقنيات لتحسين استخلاص النفط. لكن في الوقت الراهن، تعتمد إيران على تقنيات قديمة ومباعدة، بما في ذلك ضخ الغاز الطبيعي في حقول النفط القديمة للخروج من كميات النفط المتضائلة باستمرار".