رجال أمن يعاينون مقبرة جماعية في الرمادي.(أرشيف)
رجال أمن يعاينون مقبرة جماعية في الرمادي.(أرشيف)
الخميس 22 نوفمبر 2018 / 13:16

إرث داعش في سوريا والعراق.. دمار ومقابر جماعية

لفت الصحافي بن فولفغانغ، في تقرير بصحيفة “واشنطن تايمز”، أن الخلافة المزعومة لتنظيم داعش الإرهابي كانت عبارة عن فوضى، ولكن إرثها الوحشي بات الآن أكثر وضوحاً مع جهود إعادة الإعمار في العراق وسوريا التي كشفت عن مئات المقابر الجماعية وأسدلت الستار على أربع سنوات من الموت والدمار والفظائع الوحشية التي ارتكبها هذا التنظيم الإرهابي المتطرف.

عدد المقابر الجماعية التي تم الكشف عنها في أجزاء من العراق كانت واقعة تحت سيطرة داعش يتجاوز بكثير الـ 202 مقبرة

ويشير التقرير إلى أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أعلنت هذا الشهر عن كشف أدلة على وجود أكثر من 200 مقبرة جماعية تضم ما يقرب من 12 ألف ضحية في شمال وغرب العراق، ويرى بعض المسؤولين العراقيين أن عدد الضحايا ربما يفوق ذلك بكثير، وبالطبع لم يتم تأكيد وجود تلك المقابر الجماعية البشعة إلا بعد قيام التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة بطرد داعش من المناطق التي استولت عليها أثناء خلافتها المزعومة.

إبادة جماعية
ويحض مراقبون الأمم المتحدة والخبراء الإقليميون المتخصصون الحكومة العراقية، على الالتزام بإخراج جميع الجثث من المقابر الجماعية والعمل على تحديد هوية القتلى بقدر المستطاع، وتوثيق تفاصيل المذابح التي وقعت على أيدي تنظيم داعش الإرهابي.

ويوضح تقرير "واشنطن تايمز" أن البنية التحتية الحيوية (مثل المستشفيات وإمدادات المياه) بالمناطق التي دمرتها سنوات القتال في العراق وسوريا قد تضررت بشدة، وتحاول الأمم المتحدة والمجموعات الدولية الأخرى إعادة بنائها وبخاصة مع عودة المدنيين، الذين شردتهم الحرب أو الذين فروا من بطش داعش، إلى ديارهم.

ويعتبر العديد من المراقبين أن داعش ارتكب جرائم إبادة جماعية خلال السنوات التي استولى فيها على الحكم في بعض المناطق، وذلك من خلال القتل الجماعي للنساء والأطفال والمسيحيين والمسلمين الشيعة والأيزيدين والأقليات الأخرى، فضلاً عن الجرائم الوحشية الأخرى بما في ذلك قطع الرؤوس وحرق ودفن الضحايا أحياء.

جرائم ضد الإنسانية
وينوه تقرير "واشنطن تايمز" إلى أنه منذ هزيمة داعش عسكرياً، تراجع الاهتمام بعنف داعش لدى الأمريكيين؛ إذ تحول الاهتمام إلى مناطق أخرى مثل الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية أو إيران، ولكن مع جهود إعادة الإعمار في المناطق التي حررت من قبضة داعش وظهور أدلة جديدة على وحشية هذا النظام الإرهابي، فإن فظائع داعش ستعود إلى الأضواء الدولية من جديد؛ وبخاصة لأن داعش عمد إلى ارتكاب عمليات القتل الجماعي، في الفلوجة والرمادي والرقة وغيرها من المناطق في شرق سوريا وغرب وشمال العراق، ضد أي شخص ليس لديه معتقدات داعش الذي يصنف جميع المعارضين أعداء وكفاراً يستحقون القتل.

وقد أشار المحققون التابعون للأمم المتحدة إلى أن عدد المقابر الجماعية التي تم الكشف عنها في أجزاء من العراق كانت واقعة تحت سيطرة داعش يتجاوز بكثير الـ 202 مقبرة التي تم الإعلان عنها. واعتبر تقرير المحققون أن أفعال داعش "تصل إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية".

ويشير تقرير صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن حملات القتل التي نفذها داعش في سوريا والعراق استمرت منذ عام 2014 وحتى نهاية العام الماضي، وكان هناك العديد من الحوادث المروعة ولكن أبرزها ما يُطلق عليه "مجزرة معسكر سبايكر" التي قتل فيها داعش أكثر من 1700 طالب بالقوات الجوية العراقية في تكريت خلال شهر يونيو(حزيران) 2014. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن ما يقرب من 30 ألف مدني قتلوا في مناطق كان يسيطر عليها داعش في العراق، ولكن الأمم المتحدة تؤكد أيضاً أن هذه الأرقام لا تمثل سوى الحد الأدنى المطلق ولا تشمل الأفراد العسكريين مثل الطلاب الذين تم ذبحهم في معسكر سبايكر.

إشكالية إعادة الإعمار
ويرى التقرير أنه رغم تحرير الأراضي من داعش، فإن الظروف لاتزال سيئة؛ ففي سوريا يعرقل استمرار الحرب الأهلية إعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية، وفي العراق يقول البنتاغون إن الحكومة في بغداد لاتزال غير قادرة على التعامل مع عودة النازحين والمشردين إلى ديارهم، ولا على توفير الخدمات والدعم الكافي لهم، ويستمر انعدام الأمن والانتقام ممن يشتبه في انتمائهم إلى داعش. والواقع أن حجم إعادة الاعمار اللازمة في المناطق المتضررة من النزاعات يشكل عقبة كبرى أمام عودة النازحين بشكل دائم.

ويصف تقرير "واشنطن تايمز" عملية إعادة الإعمار في جميع أنحاء سوريا والعراق بأنها "بطيئة بشكل مؤلم"؛ فالجزء الأكبر من سوريا يخضع لسيطرة الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس، ولم تبدأ المحادثات الدولية بشأن إعادة إعمار البلاد بعد سبع سنوات من الحرب الأهلية الوحشية. أما في المناطق التي يعمل فيها حلفاء الولايات المتحدة والتحالف الدولي في العراق وسوريا، فإن الضرر الأكبر الذي لحق بالبنية التحتية بحسب المحللين، قد نتج عن حملات القتال البرية المكثفة لتحرير المدن مثل الفلوجة من قبضة داعش.

محاسبة داعش
وفي الفلوجة وأماكن أخرى في محافظة الأنبار بالعراق، أطلقت منظمة الصحة العالمية مؤخراً حملة لتوفير الرعاية الصحية الطارئة وخدمات الإسعاف للمناطق التي شهدت تدمير معظم مرافقها الطبية، حيث تم تدمير أكثر من نصف البنية التحتية في الأنبار بحسب الأمم المتحدة خلال عام 2017، وقامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومكتب المساعدات الخارجية للكوارث في الولايات المتحدة بتمويل مبادرة الرعاية الصحية في الأنبار.

ويحض تقرير "واشنطن تايمز" على الاهتمام بعملية استخراج الجثث من المقابر الجماعية وتحديد هوية أصحابها واعتبارها مصادر هامة للأدلة التي يمكن استخدامها في الملاحقات الجنائية من أجل محاسبة داعش وتوثيق الفظائع التي ارتكبها هذا التنظيم الإرهابي بشكل كامل، والكشف عن العدد الحقيقي للقتلى الذي يفوق بكثير التقديرات الحالية.