ملصق دعائي لـلإغاثة الإسلامية (أرشيف)
ملصق دعائي لـلإغاثة الإسلامية (أرشيف)
الأربعاء 5 ديسمبر 2018 / 18:07

كيف أسقط أوباما إحدى أكبر القضايا الجنائية المرتبطة بالإرهاب؟

كشف الباحث رايان مورو في شبكة "تاون هول" الأمريكية كيف ساهم في 2014 في إطلاق تحقيق فيديرالي حول منظمة الإغاثة الإسلامية، إحدى أكبر الجمعيات الخيرية الإسلامية حول العالم.

على الكونغرس التحقيق بنفسه في نشاطات الإغاثة لكشف سبب تلقيها أموالاً من الدولة بغض النظر عن تاريخها الموثق بدعم الإرهاب

ورغم رفع القضية الجنائية إلى ثلاث وكالات حكومية، إلا أن وزارة العدل في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فاجأت المحققين برفض مقاضاتها. ويشير الباحث إلى أن الوقت حان ليطالب الكونغرس بأجوبة على أسباب القرار.

لاحظ عميل فيديرالي خاص، يتمتع بخبرة تمتد سنوات في مجال مكافحة الإرهاب، بحث مورو المنشور حول الإغاثة الإسلامية وطلب لقاءه في 2014.

وعندما كان الكاتب يبرز أمامه مجموعة كبيرة من الوثائق، شعر العميل بالصدمة، فالإغاثة الإسلامية جمعية خيرية عالمية قوية تتمتع بعلاقات موسعة مع الإخوان المسلمين الإرهابيين، وحماس، ومجموعات متطرفة أخرى، وفي الوقت نفسه، حصلت على منحٍ فيديرالية، وتبرعات من موظفين فيديراليين.

وكشف ذلك دعم الحزبين الكبيرين لتلك الجمعية التي صاغت علاقات عمل وثيقة مع وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وأثار هذا الأمر تساؤلات حول آلية التدقيق الحكومية، وتأثير الإغاثة ومجموعات مشابهة أخرى، على سياسة واشنطن في مكافحة الإرهاب.

قلق من خطورة الوضع
بدا واضحاً للعميل أن التحقيق حول الإغاثة الإسلامية سيورط على الأغلب مجموعة من المنظمات القوية، إذ أمن مورو معلومات عن ثماني مجموعات إضافية يمكن أن تكون موضوعاً لتحقيق أوسع.

شعر الوكيل بالقلق من خطورة الوضع. فلا هو، ولا أحد يعرفه أُبلغ بهذه المعلومات عن هذه الشبكة الإسلامية المتعددة المستويات في أمريكا.

ونتيجةً لذلك، فتح مكتب التحقيقات الفيديرالي، ومكتب المفتش العام، ومكتب إدارة شؤون الموظفين تحقيقاً في أنشطة الإغاثة الإسلامية وأذرعها المختلفة، ذلك أن قبول الإغاثة على اللائحة الخيرية للحملة الفيديرالية الموحدة، التي تسمح للموظفين الفيديراليين بالتبرع آلياً للمؤسسات غير الربحية المعتمدة، أثار هو الآخر تدقيقاً فيديرالياً.

تداعيات أعظم

أطلقت القضية تداعيات أكبر من تلك التي طالت مؤسسة الأرض المقدسة، أعظم قضية مرتبطة بتمويل الإرهاب في التاريخ الأمريكي، ولو حصلت محاكمات، لشهد الأمريكيون تأثير الدومينو على العديد من المنظمات الإسلامية الأخرى في الولايات المتحدة، وحول العالم.

لكن عند اقتراب نهاية ولاية أوباما في 2016، رفضت وزارة العدل المحاكمات. أصيب عملاء فيديراليون بالدهشة. لم يُقدم أي سبب واضح للرفض، ومع ذلك استمر التحقيق في الإغاثة الإسلامية لكن القضية الجنائية التي تقدمت بها ثلاث وكالات حكومية لم تمضي قدماً. والاستنتاج المنطقي الوحيد في ذه الحالة، هو أن الإدارة افتقدت الإرادة السياسية. بالفعل، وحاولت منع تفجر قضية ارتدادات هائلة محتملة، داخلياً وخارجياً.

أين تكمن قوتها؟

تقوم الإغاثة الإسلامية العالمية ومقرها المملكة المتحدة على 16 فرعاً بما فيها الإغاثة الإسلامية الأمريكية، إضافةً إلى 26 مكتباً ميدانياً.

ووصلت ميزانيتها في 2016 إلى 156 مليون دولار، وجنى فرعها الأمريكي وحده 115 مليون دولار من العائدات الإجمالية، وتملك المنظمة من الموارد ما يسمح لها بالرد في الصحافة، والمحاكم، وصولاً إلى التأثير على الناخبين.

ثمرة إخوانية

اعترف أحد المسؤولين البارزين في الإغاثة بأن منظمته تأسست على يد منظري الإخوان المسلمين، وتحتفظ المنظمة بعلاقات موسعة بالمتطرفين الإسلاميين، بمن فيهم بعض المرتبطين مباشرةً بالإرهاب.

يتداخل الجناح الأمريكي للإغاثة مع منظمات صنفتها وزارة الخارجية تابعةً لا للإخوان المسلمين الإرهابيين، فقط بل  حركة حماس أيضاً، التي وضعتها الوزارة على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

تلقت الإغاثة الإسلامية عشرات الملايين من دافعي الضرائب في الغرب، منها أكثر من 700 ألف دولار من الحكومة الأمريكية.

استشارات حكومية

رأى مورو أن التعامل مع الإغاثة الإسلامية، جزء من نمط أكبر، إذ لم تصنف أي جمعية خيرية أمريكية على اللائحة السوداء، منذ الأيام الأولى لإدارة أوباما. ونشر مراسل شؤون الأمن القومي باتريك بول تقريرين في 2011 عن كيفية إسقاط وزارة العدل الملاحقات القضائية لأشخاص ومنظمات عدة مرتبطة بحماس، والجهاد الإسلامي، والإخوان الإرهابيين.

واللافت في الأمر أن هذه المنظمات الإسلامية تقدم المشورة للحكومة الفيديرالية نفسها، حتى أن مستشاراً بارزاً في وزارة الأمن الداخلي كان على صلة وثيقة بها، وساعد في صياغة إرشادات لتدريبات حول إنفاذ القانون ألغت أي تعليمات خاصةً بالتعامل مع الإخوان المسلمين، أوالشبكة الإسلامية في أمريكا.

تطهير سجلات استخبارية
وبعد ذلك أقدم أحد المسؤولين في وزارة الامن الداخلي بالإبلاغ عن تطهير سجلات استخبارية مهمة من بينها ما هو مرتبط بهذه الشبكة الإسلامية. وعلم المتابعون للقضية كيف غضت إدارة أوباما النظر عن تجارة حزب الله بالمخدرات في أمريكا لإنجاح صفقته النووية مع إيران.

ومع ذلك تابع مورو القضية، وفي أوائل سنة 2017 وفي يناير (كانون الثاني) 2018، تلقى إجابة من مكتب إدارة شؤون الموظفين تؤكد أن التحقيقات حول نشاط الإغاثة الإسلامية مستمرة.

وتعاون مورو مع منتدى الشرق الأوسط الذي نشر تقريره. منذ ذلك التاريخ، كتب سبعة أعضاء من الكونغرس رسائل إلى مدراء أف بي آي ومكتب المفتش العام ومكتب إدارة شؤون الموظفين، لمساءلتهم عن هذه التحقيقات.
 
في يد الكونغرس  

رأى هؤلاء الأعضاء أنه من المهم جداً إبقاء الكونغرس على دراية بالأدلة التي تربط الجمعية بالمتطرفين أو النشاطات المرتبطة بالإرهاب، لأنها تحصل على أموال من دافعي الضرائب.

وشدد مورو على أن تحقيقات الكونغرس نقطة انطلاق جيدة لكن على الكونغرس التحقيق بنفسه في نشاطات الإغاثة لكشف سبب حصولها على أموال من الدولة بغض النظر عن تاريخها الموثق في دعم الإرهاب.

وعليه أيضاً طلب الأجوبة لمعرفة سبب إسقاط وزارة العدل القضية الجنائية التي كان يُمكن أن تشكل إحدى أكبر المحاكمات المرتبطة بالإرهاب.