الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش.(أرشيف)
الأحد 9 ديسمبر 2018 / 19:24

النظام العالمي الجديد .. كيف نراه اليوم

لم يقرأ الإسلاميون النظام العالمي الجديد، كل ما قرأوه هو كلمة الإرهاب. فوجدوا في هذه الكلمة حرباً عليهم، وأحسوا بالخطر على النظام الإسلامي الجديد الذي كانوا سيحكمون به العالم

في نهاية الشهر الماضي، مات الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب، وكان العنوان الأبرز في تعداد سجل حياته ومنجزه هو "النظام العالمي الجديد". وهو مصطلح يمثل رؤية أو نظرية أخذت نصيبها من التطبيق. حالها في ذلك حال "طريق الحرير الجديد" برؤيته العالمية كما تروج له القيادة الصينية. ونظريات أخرى سياسية واجتماعية مثل "صراع الحضارات" و"القوة الناعمة".

في التسعينات حين نشط استخدام هذا المصطلح من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش بدءاً من الخطاب الذي وجهه إلى الأمريكان بمناسبة إرسال القوات الأمريكية إلى الخليج بعد أسبوع واحد من دخول صدام للكويت في أغسطس (آب) 1990، وفي معرض حديثه للأمة الأمريكية، وللعالم، أشار في ثنايا خطابه إلى خطوط عريضة لهذا العنوان، فتحدث عن: عصر جديد، وحقبة للحرية، وزمن للسلام لكل الشعوب.

ثم كان الخطاب الثاني – بعد أقل من شهر - منتشيًا بالقبول الذي رآه من قيادات دول العالم، فتحدث عن إقامة "نظام عالمي جديد يكون متحررًا من الإرهاب، فعالاً في البحث عن العدل، وأكثر أمناً في طلب السلام؛ عصر تستطيع فيه كل أمم العالم غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً، أن تنعم بالرخاء وتعيش في تناغم".

الإسلاميون اليوم – لا زالوا كما كانوا قبل ثمانية وعشرين عاماً-. حينها صبوا لعناتهم وتلوا دعواتهم على بوش الذي يريد للقيم الأمريكية "الجشعة مالياً والمفلسة أخلاقياً" أن تسود العالم!! ويريد أن يجعل من أمريكا شرطي العالم وحارس قيمه وأفكاره ونظمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية!

واليوم هم فرحون بموت بوش الأب الذي "أهلكه" الله عن عمر 92 عاماً، جزاء ما اقترفت يداه التي حاكت النظام العالمي الجديد!

لم يقرأ الإسلاميون النظام العالمي الجديد، كل ما قرأوه هو كلمة الإرهاب. فوجدوا في هذه الكلمة حرباً عليهم، وأحسوا بالخطر على النظام الإسلامي الجديد الذي كانوا سيحكمون به العالم، نظام لم يكتب على الأوراق كي لا يصل إلى يد الأمن، ولم تتحدث عنه وسائل الإعلام كي لا ترصده مخابرات الأعداء. لقد كان هذا النظام حبيس العقول المظلمة، ولذا فإنه لم يغادر الظلام.

الأفكار والنظريات ليست سلاحاً نخاف منه، إنها ليست سموماً تنتشر في الهواء وتنتقل كالوباء، إنها أرض خصبة للمناقشة والحوار، والمعارضة والتقبل. إنها فضاء مفتوح لفهم الآخر والتعاطي معه. إن من يخاف من الفكرة لا يمكن أن يقدم فكرة.