تاجر الأقمشة التركي المتضرر من انهيار الليرة (أرشيف)
تاجر الأقمشة التركي المتضرر من انهيار الليرة (أرشيف)
الإثنين 10 ديسمبر 2018 / 12:03

أردوغان يصنع أزمة ديون انفجرت في وجوه الأتراك

كتب جاكان كوك وإركان إرسوي، المحرران لدى موقع "بلومبرغ" الاقتصادي، أن تركيا تعاني أزمة ديون سببها نموذج نمو قاده رئيسها رجب طيب أردوغان، اعتماداً على قروض ميسرة، سرعان ما انفجرت في وجوه أصحابها.

اعتمد معظم الشركات التركية على الاقتراض باليورو والدولار. ولكن رغم محاولات أردوغان المتعددة لحض مصرفه المركزي على رفع قيمة الليرة، لم تستطع العملة التركية الصمود أمام الانخفاض الكبير في قيمتها

 ويقول سيمي ساري، تاجر أنسجة تركية: "لكل منا حكاية مع الإفلاس".

ويشبه المحرران حالة الاقتصاد التركي، قبل عام، بسيارة واصلت التحرك بسرعات شديدة، مع تجاهل سائقها إشارات تحذيرية أمامه على لوحة القيادة. ومن ثم انهار الاقتصاد التركي إثر انخفاض مريع في قيمة عملته، وأزمة ائتمان خانقة. 

وهكذا تأثرت أعمال ساري التجارية، مثل مئات الشركات. وما زال عدد من كبريات الشركات التركية يحاول احتواء تداعيات الأزمة الاقتصادية. ولا زالت الحكومة والبنوك تبحث عن وسيلة للدعم، ولكن وفق أحدث دراسة لبلومبرغ حول التوقعات في الأسواق الناشئة، جاءت تركيا في المرتبة الأخيرة.

خصم مالي
وحسب كاتبي التقرير، تعد الأزمة الاقتصادية الحالية بمثابة خصم مالي للرئيس أردوغان. فقد وصل الرجل إلى السلطة في عام 2002 بعد أن قضت على خصومه آخر أزمة كبرى شهدتها تركيا.

ومن يومها، فاز في جميع الانتخابات العامة والمحلية، على خلفية ارتفاع مستويات المعيشة. ولكنه قضى في 2018 على نموذجه للنمو، الذي قام على توفير قروض ميسرة.

أزمة سيولة
ويشير كاتبا المقال إلى اعتماد معظم الشركات التركية على الاقتراض باليورو والدولار. ولكن رغم محاولات أردوغان العديدة لدفع مصرفه المركزي لرفع قيمة الليرة، لم تستطع العملة التركية الصمود أمام ضغط الأسواق، خاصةً لأن معظم قروض التجار الميسرة كانت بالعملة الأجنبية الصعبة.

تجنب الفخ
ويروي التاجر ساري حكايته مع القروض، حيث نجا من فخ الاستدانة باليورو أو الدولار، وفضل الليرة. ولكن مع بداية 2016، بدأت مؤشرات مقلقة في الظهور.

اندلعت حرب أهلية في سوريا المجاورة، وتورطت فيها قوى خارجية، ومنها تركيا. وفي نهاية 2015، أسقطت تركيا مقاتلة روسية، ما أثار اضطراباً جيوسياسياً وهزّ السوق.

وتصالحت تركيا مع روسيا، لكن على حساب تحالف تركي طويل الأمد مع الولايات المتحدة. وفي صيف 2016، نجا أردوغان من محاولة انقلابية، وانتقم من خصومه بتطهير كاسح. وفي خريف العام الجاري، عانت الليرة من انهيار حقيقي.

ويقول الكاتبان إنه كلما تراجعت قيمة الليرة، كانت الأعين تتجه نحو المصرف المركزي، ومن ثم نحو الرئيس التركي، الذي رفض بشدة رفع معدلات الفائدة دفاعاً عن العملة.

أزمة ثقة
ويقول كاتبا المقال، إن الدين العام انخفض في عهد أردوغان، ولكن الدين الخاص حلق عالياً. ولذلك كلما تلقى المصرف المركزي ضوءًا أخضر لرفع أسعار الفائدة، نفذ ذلك على مضض، ورغم ذلك واصلت الليرة انخفاضها.

ويسود شعور من الكآبة في أوساط التجار والمستهلكين. وفي مايو( أيار) قال أردوغان لمجلة بلومبرغ، قبل شهر من الانتخابات العامة الماضية، إنه سيفرض مزيداً من السيطرة على البنك المركزي إذا فاز، وهو ما فعله. لكن العملة التركية واصلت التراجع، وتدنت قيمتها إلى مستويات جديدة في أغسطس (آب)، وسط خلاف جديد مع الولايات المتحدة، التي هددت بفرض عقوبات غير مسبوقة على حليفتها في حلف شمال الأطلسي.