احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا (أرشيف)
احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا (أرشيف)
الجمعة 14 ديسمبر 2018 / 13:50

غضب الريف يغذي احتجاجات فرنسا

24 - بلال أبو كباش

احتلت احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا شاشات الإعلام في الآونة الأخيرة، وأدخلت البلاد في أزمة جعلت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يبادر سريعاً لاحتوائها خوفاً من أن تتعمق.

يقول الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" فريد زكريا، في مقال جديد له، نشر أمس الخميس، إن طريقة الحكم في الدول الغربية أصبحت تتطلب الآن تحالفات أكبر بين اليمين واليسار، لا خلافات أكبر، هذه هي إيطاليا قد بادرت لتطبيق الدرس، لكن فرنسا تبدو الأحداث فيها مقلقة أكثر، فقد نشهد صعوداً أقوى لليمين الآن.

ويؤكد زكريا، أن احتجاجات "السترات الصفراء"، تفتقر إلى مظلة شامل؛ أحزاب أو هياكل قيادية تحتويها، ما يجمع المتظاهرين في الشانزيليزيه هو رغبتهم بتخفيف ثقل الضرائب، وارتفاع أسعار المحروقات، باختلاف انتماءاتهم السياسية يمينية كانت أو يسارية. والجيد أن تلك الاحتجاجات تلقى تأييداً شعبياً كبيراً في حين أن شعبية ماكرون ذو التوجهات الوسطية تتراجع بشكل ملحوظ.

انقسام في بجليكا
الحال نفسه يجري في بلجيكا، فاحتجاجات "السترات الصفراء" انتقلت جزئياً إلى هناك، في وقت تعاني فيه البلاد من انقسام بعد انهيار الائتلاف الحاكم جراء الخلاف بين اليمين واليسار على مسألة الهجرة، لكن نؤكد مرة أخرى أن تلك الاحتجاجات يغذيها سخط شعبي وغضب على الحكومات بشكل عام سواء كانت يمينية أو يسارية. كما يشحذها الغضب الريفي المتنامي ضد النخب المتحضرة في المدن.

تهميش الريف
يقول الكاتب أيضاً، "أصبح في الغرب خط جديد فاصل بين المدن والريف، ففي المدن أشخاص متعلمين متحضرين، وفي الريف أشخاص أقل تعليماً، يشعرون بالتهميش وبالعزلة، وينقمون على النخب المتحضرة، نعم قد يبدو الشيء جزئياً لكنه صحيح ومعروف في علم الاقتصاد".

وفي دراسة لمعهد "بروكنغز" كشفت أنه خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 بلغت نسية التوظيف في الولايات المتحدة 72%، 53% من تلك الوظائف ذهبت للمدن.

وتؤكد الدراسة أنه في 1980، كانت المدن في أمريكا تعاني من خلل وظيفي، وتعاني من انتشار الجريمة، وتكافح السلطات لمنع السكان من مغادرة المدن، في حين كان الريف أفضل، لكن اليوم انقلب المهشد، وأصبحت الغلبة الاقتصادية للمدينة، هذه الهوة انتقلت إلى دول أوروبية كثيرة، أهمها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا.

ومن المحتمل أن يزداد الأمر سوءاً خاصة مع انتشار الروبوتات التي أدت للاستغناء عن كثير من الأيدي العاملة في مجالات مختلفة، وينتشر ذلك أكثر في المدن كونها مراكز خدمات وصناعات، في حين أن الريف لا يملك نفس الإمكانات.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، إن المقترعين في المناطق الريفية يختارون دائماً المرشحين الذين يعدون بتخفيضات ضريبية تستهدفهم، متناسين أن قانون الضرائب الجمهوري الأمريكي لعام 2017 مثلاً يدعم الشركات بشكل تلقائي، وفي أوروبا أيضاً يؤدي الخلاف بين اليمين واليسار إلى تبنى مقترحات متناقضة، تؤدي بالناس إلى البحث عن أي شخص يعد بمستقبل أفضل.